جسر – (خاص)
كشفت مصادر خاصة لصحيفة “جسر” عن مفاوضات تجري حالياً، لانسحاب “الحرس الثوري الإيراني” والميليشيات التابعة له من سوريا، وذلك بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حركة “حماس” في غزّة و”حزب الله” في لبنان، وتهديد تل أبيب بالانتقال إلى سوريا والعراق وإيران، لتنفيذ المزيد من العمليات ضد بقية أضلاع ما يسمى “حلف المقاومة”.
المصادر في شرقي سوريا أكدت لـ”جسر”، أن المفاوضات بدأت مؤخراً عبر الوسيط الروسي، بين “الحرس الثوري الإيراني” وميليشياته من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
وذكرت المصادر أن إيران تريد الانسحاب بهدوء من الصراع المتصاعد مع إسرائيل، وأصبحت مستعدة لسحب جميع ميليشياتها من سوريا، قبل العملية العسكرية المحتملة التي هددت إسرائيل بتنفيذها، مضيفة أن المفاوضات ترتكز على كيفية هذه الانسحاب.
ويريد الحلف الإسرائيلي الغربي من “الحرس الثوري” سحب عناصر الميليشيات بالكامل من سوريا، مع أسلحتهم فردية، دون سحب أي معدات أو صواريخ أو أسلحة ثقيلة، إلا أن الجانب الإيراني ورغم موافقته على الفكرة، لكن لديه شروطاً مختلفة.
ووضع “الحرس الثوري الإيراني” شروطاً للانسحاب، أولها أن يسحب جميع المعدات العسكرية والأسلحة والصواريخ من مقراته في سوريا، خصوصاً تلك المخبأة في نقطة تسمى بــ”منجم التبني” بريف دير الزور الشرقي، وثانيها أن تكون روسيا ضامنة لعملية الانسحاب، وأن ترافق القوات الروسية براً وجواً قوافل الميليشيات الإيرانية، خلال انسحابها من البلاد.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب الآخر المتمثل بإسرائيل وحلفائها الغربيين، لا يظهرون استجابة مع الشروط الإيرانية، ويهددون بأنه إذا لم تتم عملية الانسحاب وفق الاقتراح الأولي وبالأسلحة الفردية فقط، فإن جميع النقاط والمقرات العسكرية الإيرانية في سوريا، ستصبح أهدافاً للصواريخ الإسرائيلية.
وخلال الأسابيع الماضية، بدأت طهران تسلك مساراً مختلفاً في علاقتها مع الغرب، بعد مجيء الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، الذي زار نيويورك مؤخراً، وأبدى مرونة ملحوظة واستعداداً للانخراط في مفاوضات جديدة مع الأوروبيين والأمريكيين للوصول إلى اتفاق جديد بشأن ملف إيران النووي.
وقابلت الولايات المتحدة الاستعداد الإيراني بمرونة، حيث عبر مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب عن استعداده للتفاوض مع إيران، في حين أبدت وزارة الخارجية الأمريكية استعدادها أيضاً للتعامل مع إيران، بشرط أن تغيّر سلوكها.
وتنتظر الميليشيات الإيرانية التابعة لـ”الحرس الثوري” بتخوّف نتائج المفاوضات مع إسرائيل وأميركا، حيث تعتبر أن سوريا أصبحت مكاناً خطراً بعد انسحاب معظم المجموعات التابعة لـ”حزب الله” خلال الأسبوع الفائت، وفي ظل مخاوف متصاعدة منذ شهور، من برود العلاقات مع نظام الأسد، وشكوك تحوم حول تقديمه معلومات عن الوجود العسكري الإيراني في سوريا، إلى أطراف خارجية.
ولفتت المصادر أنه بعد الانسحاب المرتقب للميليشيات الإيرانية، ستحل محلها قوات النظام والقوات الروسية، التي تجري استعدادات لاستلام جميع المقرات والمخازن العسكرية، خصوصاً تلك الموجودة في البادية السورية، بأرياف دير الزور وحمص.
وتأتي هذه التطورات التي لم تكن متوقعة قبل شهور قليلة، تزامناً مع نجاح إسرائيل بتدمير المنظومة العسكرية العليا لـ”حزب الله” خلال أيام قليلة، حيث استطاعت عبر مئات الغارات الجوية، تدمير البنية التحتية العسكرية والصاروخية للميليشيا، وقتل معظم قادة الصف الأول، قبل أن تتمكن من قتل زعيم الميليشيا الأول حسن نصر الله.
وفي وقت فضلت فيه إيران الاكتفاء بالإدانة والاستنكار تجاه الهزيمة الثقيلة التي تلقتها “حماس” و”حزب الله”، وتخليها عملياً عن فكرة “وحدة الساحات والمصير” وامتناعها عن المشاركة المباشرة في الحرب ضد إسرائيل، يرى مراقبون أن الشرق الأوسط دخل مرحلة جديدة، لن تلعب فيها إيران الدور الذي اشتُهرت به خلال العقود الماضية.