اقتصاد منهار ونزاع عائلي يكثفان الضغط على الأسد

ساعد مخلوف الأسد على التهرب من العقوبات الغربية على الوقود وسلع أخرى تتسم بالأهمية لحملته العسكرية. كان مخلوف جزءا من الدائرة المقربة من الرئيس، واتهمته الولايات المتحدة باستغلال قربه من السلطة للإثراء "على حساب السوريين العاديين".

مخلوف واﻷسد

 

جسر:اقتصاد:

في مايو أيار الماضي، أقدم رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، وهو ابن خال رئيس النظام، بشار الأسد، وحليف وثيق له، على خطوة لم تكن لتخطر على بال أحد.

ففي مقطع فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، هاجم مخلوف قوات أمن الدولة التابعة للأسد التي وصفها بأنها غير إنسانية. وقال مخلوف “يا سيادة الرئيس، الأجهزة الأمنية بلشت (بدأت) تتعدى على حريات الناس”.

وسبب الهجوم صدمة للسوريين وكشف عن شرخ في قلب النخبة الحاكمة. فلم يحدث من قبل أن تحدثت شخصية رفيعة كهذه ضد النظام من داخل دمشق.

وخلال الحرب الأهلية التي اندلعت قبل نحو عشر سنوات، ساعد مخلوف الأسد على التهرب من العقوبات الغربية على الوقود وسلع أخرى تتسم بالأهمية لحملته العسكرية. كان مخلوف جزءا من الدائرة المقربة من الرئيس، واتهمته الولايات المتحدة باستغلال قربه من السلطة للإثراء “على حساب السوريين العاديين”.

امتدت إمبراطوريته التجارية إلى قطاعات الاتصالات والطاقة والعقارات والفنادق، وكانت جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد السوري.

لكن الآن دخل الرجلان في معركة على المال. وداهمت القوات الأمنية في الآونة الأخيرة شركة سيريتل للاتصالات التابعة لمخلوف، في إطار نزاع ضريبي واحتجزت عشرات الموظفين لاستجوابهم.

أظهر تحدي مخلوف العلني أن تهديد نظام الأسد الذي يحكم بقبضة من حديد قد لا يأتي في نهاية المطاف من ساحة المعركة، وإنما من حلفاء كانوا مخلصين يوما ما ومن الاقتصاد السوري المنهار.

ويقول مطلعون على الأمر إنه في دولة نادرا ما يتم التسامح فيها مع انتقاد الحاكم، تمكن مخلوف من التحدث علنا بسبب العلاقة الأسرية ولأنه يحظى باحترام كبير في المجتمع العلوي الذي يهيمن على المراكز العليا في القيادة السورية. وينتمي مخلوف والأسد للمذهب العلوي.

وتحدثت رويترز إلى أكثر من 30 مصدرا من بينهم مقربون من عائلتي الأسد ومخلوف ورجال أعمال محليون ومسؤولو مخابرات غربيون، وراجعت وثائق رسمية لتتبع مسار الأحداث التي أدت إلى انهيار تحالف عائلي امتد إلى جيلين. ورفضت كثير من المصادر نشر أسمائها لحساسية الموضوع.

ووصفت هذه المصادر في المقابلات كيف أبقى مخلوف بعض ثروته بعيدا عن أنظار الرئيس بينما كان يوسع إمبراطوريته على مدى عقدين.

وكشفت أن الأسد أصدر تعليماته لمدير المخابرات السورية في مايو 2019 بتعقب ثروات مخلوف المخبأة في الخارج والتي تقدر بمليارات الدولارات.

وأصبح الأسد، بعد عقد من الحرب، في أمس الحاجة إلى السيولة لدرجة أن مصرف سوريا المركزي استدعى في سبتمبر 2019 كبار رجال الأعمال السوريين إلى اجتماع وأمرهم بتسليم بعض ثرواتهم.

وقال شخص على صلة بعائلة الأسد إن “مخلوف كشف على الملأ الانقسام داخل النظام”.

بدأت الترتيبات المالية بين عائلتي الأسد ومخلوف مع الآباء، واستولى حافظ الأسد، وهو ضابط في سلاح الجو من قرية جبلية، على السلطة في انقلاب عسكري عام 1970. ولجأ إلى محمد والد مخلوف لإدارة الأموال التي تدرها الصناعات التي تسيطر عليها الدولة وعمولات العقود، والتي من شأنها دعم حكمه. كان محمد، المعروف بلقب أبو رامي، يتمتع بمهارات مالية يفتقر إليها حافظ.

وقال جوشوا لانديس وهو متخصص في الشؤون السورية ورئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما “كان جانب مخلوف بشكل عام أفضل تعليما وتمرسا، ومن ثم كان بوسعه المساعدة في الشؤون المالية، وهو أمر لم تكن عائلة الأسد بارعة فيه ولم تتلق التعليم له… كما أنهم كانوا (عائلة مخلوف) أفضل في التعامل مع أهالي دمشق وحلب الذين يهيمنون على الاقتصاد السوري”.

وحصد مخلوف الأب ثمارا كبيرة من هذه العلاقة. ففي السبعينيات من القرن الماضي، عُيِن رئيسا للمؤسسة العامة للتبغ التي كانت تحتكر الصناعة في سوريا. وبعد عقد من الزمان، وسع مصالحه التجارية بصفته رئيسا للبنك العقاري المملوك للدولة، ولعب دور الوسيط للعقود الحكومية.

نشأ الأبناء معا وكانوا مقربين. وقال أحد شركاء مخلوف السابقين إنه عندما كان رامي مخلوف شابا “اعتاد الذهاب إلى مسكن الأسد وكان يفتح الثلاجة مثل أي فرد من أفراد الأسرة”.

والتقى أيمن عبد النور بالرجلين في جامعة دمشق في الثمانينيات عندما كان مدرسا مساعدا وكانا طالبين. ويعيش عبد النور الآن في الولايات المتحدة. وقال عبد النور إن مخلوف والأسد كانا مقربين لدرجة أن سلوكياتهما كانت متشابهة. وأضاف “كان رامي يجلس هادئا للغاية مثل بشار. لقد تطبع بشخصيته لأنهما تربيا معا”.

وأنيسة والدة بشار هي عمة رامي. واستطاعت بشخصيتها القوية وتأثيرها السياسي النافذ أن تضغط من أجل ابن أخيها داخل الأسرة ولعبت دورا أساسيا في صعوده، حسبما قال أشخاص يعرفون العائلة. ومع تقدم والده في العمر، تولى رامي بسلاسة مسؤوليات مدير الأموال لعائلة الأسد.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، تمتعت سوريا بنمو اقتصادي سريع وازدهرت أعمال مخلوف. وكانت جوهرة التاج هي شركة الاتصالات سيريتل. ووفقا لمخلوف، فقد نمت الشركة من بضع مئات الآلاف من المشتركين إلى 11 مليون مشترك. وقال لانديس ”حوّل رامي سيريتل إلى شركة متطورة يتطلع الكثير من أفضل وأنبغ العقول في سوريا للعمل فيها”.

لفت مخلوف انتباه الولايات المتحدة. وفي عام 2008، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رجل الأعمال، واصفة إياه بأنه “أحد مراكز الفساد الرئيسية في سوريا”. وقالت الوزارة إنه تلاعب بالنظام القضائي واستخدم مسؤولي استخبارات الدولة لترهيب المنافسين والحصول على تراخيص حصرية لتمثيل شركات أجنبية في سوريا.

وأضافت أن علاقاته مع الأسد جلبت له مشروعات مربحة للتنقيب عن النفط وإقامة محطات لتوليد الطاقة.

وقال ستيوارت ليفي، وكيل الوزارة لشؤون مكافحة الإرهاب والمعلومات المالية آنذاك “استخدم رامي مخلوف الترهيب وعلاقاته الوثيقة بنظام الأسد للحصول على مزايا تجارية غير مقبولة على حساب السوريين العاديين”.

ولم يرد مخلوف، الذي نادرا ما كان يتحدث علنا​، على العقوبات.

وعندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط الأسد عام 2011، كانت هتافاتهم موجهة أيضا ضد “اللص” مخلوف. ومع تحول الانتفاضة الشعبية إلى حرب أهلية ثم إلى صراع متعدد الأوجه، ساعد مخلوف في دعم حملة الأسد العسكرية بالوقود والواردات الأخرى.

وقالت أكثر من عشرة مصادر مطلعة إن مخلوف كان يعمل على تعزيز أوضاعه من وراء ظهر الأسد. وقال مصرفي وشريك تجاري سابق إن مخلوف أنشأ شبكة من شركات الواجهة، بعضها في لبنان، حيث حقق مكاسب خاصة منفصلة عن الأموال التي طلب الأسد وضعها في ملاذات آمنة نيابة عن الأسرة الحاكمة. ولم تحدد المصادر حجم الأموال المتضمنة.

وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي في 26 يوليو هذا العام، أقر مخلوف بأنه أسس مثل هذه الشركات، لكنه أصر على أن “دور هذه الشركات وهدفها هو الالتفاف على العقوبات” وليس الإثراء من ورائها.

ومن بين مصالح مخلوف خارج سوريا، كانت هناك شركة محاماة في بيروت تسمى شركة الشرق الأوسط للقانون (ش.م.ل). وتُظهر البيانات المتاحة علنا أن مخلوف وشقيقه وشركاءه اللبنانيين أسسوا الشركة عام 2001.

وبحسب السجل التجاري اللبناني، تواصل الشركة عملها وتشمل أنشطتها إدارة الشركات داخل لبنان وخارجه ومعاملات التجارة الخارجية.

وقال زميل عمل سابق لديه معرفة مباشرة إن مخلوف أنشأ كيانات في جزيرة جيرزي والجزر العذراء. وقال الشريك السابق، وهو مساهم في شركة الشام القابضة التي يملكها مخلوف، وهي شركة تطوير عقاري “كان مخلوف يشتري إمدادات ومعدات للحكومة من الشركات التي يمتلكها في نهاية المطاف. وكان يؤسس هذه الشركات الوهمية التي تتولى التوريد”.

وقدر شركاء أعمال سوريون ثروة مخلوف الشخصية بما يتراوح بين خمسة مليارات دولار و15 مليار دولار. ولا يزال حجمها الحقيقي سرا خافيا. وقال مخلوف، في أحد مقاطع الفيديو التي نشرها في الآونة الأخيرة إن أرباح أعماله استخدمت لأغراض خيرية، مثل تمويل قدامى المحاربين الجرحى والأسر الثكلى، من خلال شركة قابضة يملكها.

السقوط

بمساعدة روسيا وإيران، قلب الأسد مجرى الحرب في سوريا. لكن الانتصار في ساحة المعركة كان له ثمن.

فقد بات الاقتصاد السوري منهارا. وفقدت الليرة السورية ما يقرب من 80 في المئة من قيمتها على مدار عقد من الحرب. وتسبب القتال في أضرار تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وخرب الزراعة ودمر الصناعة، وقضى على تدفق العملات الأجنبية من السياحة وصادرات النفط.

وتفاقم التضخم وبات كثير من السوريين يكافحون لتوفير احتياجاتهم الأساسية مثل الطعام والكهرباء. وتقول الأمم المتحدة إن ثمانية من كل عشرة أشخاص يعيشون تحت خط الفقر في سوريا.

وبينما دعمت روسيا الأسد عسكريا وبإمدادات غذائية، فإن تدخلها لم يكن بالمجان، إذ يتعين على سوريا أن تدفع مقابل معظم القمح الروسي الذي تستورده وكذلك لشراء الأسلحة.

وفي الأشهر الأخيرة، أدت أزمة مصرفية في لبنان إلى قطع مصدر حيوي للدولارات عن النظام، مما أسفر عن تفاقم الصدمة الإقتصادية وتدهور العلاقات المالية المتوترة بالفعل بين الأسد ومخلوف.

وبينما تحول جزء كبير من سوريا إلى خراب، يعيش اثنان من أبناء مخلوف حياة الرفاهية. ونشرا على مواقع التواصل الاجتماعي صورا، حُذف الكثير منها منذ ذلك الحين، لسيارات رياضية فارهة وطائرة خاصة ومنازل فخمة.

وفي مقطع فيديو مصور في صيف 2019، ظهر محمد مخلوف، أحد أبناء رامي، وهو يقود سيارة فيراري في جنوب فرنسا. وقامت الكاميرا بتكبير عداد السرعة أثناء قيامه بتسريع المحرك.

وظهر في مقطع فيديو آخر في حفل على الشاطئ بجزيرة ميكونوس اليونانية. وعلق أحدهم أسفل المنشور “مرت 45 عاما وما زالوا يسرقون من الناس”.

ومع انهيار الاقتصاد، بات الأسد عازما على استعادة مليارات الدولارات التي يحتفظ بها مخلوف في شركات خارجية، حسبما قالت أكثر من عشرة مصادر. وتشمل هذه المصادر أشخاصا من ذوي النفوذ في المجتمع المالي السوري، ومسؤولا على صلة بحكومة الأسد ومصادر استخبارات غربية.

وفي صيف عام 2019، التقى الأسد وشقيقه ماهر رئيس الحرس الجمهوري، الذي يدافع عن مقر حكم الأسد في دمشق، مع علي مملوك مدير جهاز المخابرات السورية المعروف باسم إدارة المخابرات العامة.

وقال شخص متحالف مع الحكومة السورية ومصدر استخباراتي غربي تم اطلاعه على الاجتماع إن عائلة الأسد طلبت من مملوك في ذلك الاجتماع تعقب ثروة مخلوف في الخارج، ولم تعلق السلطات السورية بشكل رسمي.

وقال المصدر الاستخباراتي الغربي “كان الوقت قد حان لترتيب البيت” الآن بعد أن خفت الضغوط الأمنية على النظام في أعقاب احتواء المعارضة.

وظهرت أولى المؤشرات على سقوط مخلوف في ديسمبر 2019، عندما اتهمت مديرية الجمارك السورية مخلوف وبعض رجال الأعمال الآخرين باستيراد بضائع دون التصريح بقيمتها الحقيقية.

وجمد الأمر الذي اطلعت عليه رويترز أصول مخلوف وزوجته ووقعه وزير المالية السوري. وقال مخلوف منذ ذلك الحين إنه دفع سبعة مليارات ليرة سورية (ثلاثة ملايين دولار) لتسوية النزاع. ولم تعلق السلطات السورية.

والأموال التي جمعها مخلوف في الخارج، وتقدرها مصادر في مجتمع الأعمال السوري بأكثر من 10 مليارات دولار، لها وزن اقتصادي حقيقي. وقال دبلوماسي غربي إن استعادة هذه الأموال “تمثل أهمية وجودية للنظام”.

وعلى الرغم من إذعانه في مسألة الخلاف الجمركي، إلا أن مخلوف قاوم فكرة التنازل عن ممتلكاته الهائلة. وقال مصرفيون وشركاء أعمال مطلعون على الأمر إنه أبلغ الرئيس بأن يسعى للحصول على الدولارات من مكان آخر ومن أباطرة آخرين.

وبدأت قوات الأمن السورية مطلع هذا العام حملة اعتقالات ألقت خلالها القبض على عشرات الموظفين في سيريتل دون تفسير قانوني. وقالت مصادر سورية إن أشخاصا اعتقلوا كان يطلق سراحهم أحيانا قبل اعتقالهم مرة أخرى.

ولم تستطع رويترز تحديد ما إذا كان قد تم توجيه أي اتهامات. وقال مصرفي في دمشق مطلع على الأمر إن الموظفين استُجوبوا بشأن تحويل الأموال إلى شركات واجهة أنشأها مخلوف في الجزر العذراء البريطانية وجزيرة جيرزي.

وقال المصرفي بدمشق “كانوا يستجوبونهم بشأن تفاصيل الشركات الخارجية التي وقعت صفقات إدارة مع سيريتل”. ولم يخض في تفاصيل ولم تستطع رويترز تحديد ما إذا كانت أي أموال قد أعيدت إلى سوريا.

وقال رجل أعمال إن الاعتقالات تهدف إلى إرسال رسالة إلى العاملين لدى مخلوف مفادها أنه لم يعد من المقربين.

وظهر الخلاف بين الأسد ومخلوف على الملأ في 30 أبريل، عندما نشر مخلوف أول مقطع فيديو من ثلاثة على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال في مقاطع الفيديو إن الحكومة طلبت منه التنحي عن إدارة شركاته بما في ذلك شركة سيريتل. كما تحدث عن تهديدات من أشخاص غير محددين في النظام بإلغاء ترخيص شركة سيريتل ومصادرة أصولها إذا لم يمتثل.

وفي 19 مايو 2020، جمدت وزارة المالية أصول مخلوف وزوجته وعدد غير محدد من أصول ولديه على الأقل، بحسب وثيقة اطلعت عليها رويترز. كما أمرت بمصادرة الأصول الخارجية “لضمان سداد مستحقات هيئة تنظيم الاتصالات”.

وقالت الحكومة إن سيريتل مدينة لهيئة تنظيم الاتصالات بمبلغ 134 مليار ليرة سورية (60 مليون دولار) فيما يتعلق بشروط ترخيص الشركة. وأصر مخلوف في إحدى منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي على استعداده للدفع.

وصدر أمر منفصل منع مخلوف من الحصول على عقود حكومية لمدة خمس سنوات.

وقال زميل عمل سابق إن سنوات من العمل كحارس موثوق به للأموال وأمينا لصندوق الأسرة جعلت مخلوف يشعر بأنه شريك.

وقال الشريك الذي كان يعمل مع مخلوف “كان مخلوف يقول لأبناء عمومته (عائلة الأسد)‭‭‭‘‬‬‬نحن شركاء‭‭‭‘‬‬‬ وأحس بصدمة عندما قالوا له الآن ‭‘‬لا أنت تخدمنا فحسب‭‭‭”.

مع سقوط مخلوف، صعد آخرون إلى مكانه

ومن بين الشخصيات القوية التي ظهرت على قمة النخبة الجديدة، سامر فوز، مقاول البناء الذي تحول للتجارة في السلع الأولية.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات في يونيو 2019 على فوز، وهو سني، وأكثر من 12 فردا وشركة بسبب دعمهم المالي للأسد.

وقالت سيجال ماندلكر التي كانت في ذلك الحين وكيلة لوزارة الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والمعلومات المالية في بيان “استغل سامر فوز وأقاربه وإمبراطوريته التجارية فظائع الصراع السوري وحولوها إلى مشروع مربح”. وأضافت أنه “يدعم بشكل مباشر نظام الأسد القاتل ويبني مشروعات فاخرة على أرض مسروقة ممن فروا من أعماله الوحشية”.

ورفض فوز الإدلاء بتعليق لهذا التقرير. وقال لرويترز “اكتبوا ما تشاؤون. ليس لدي ما أقوله للصحافة”.

وفي سبتمبر 2019، جمع محافظ البنك المركزي السوري حازم قرفول بعضا من أغنى أغنياء سوريا في اجتماع مغلق في فندق شيراتون دمشق.

كانت وسائل إعلام سورية قد ذكرت في السابق أن الاجتماع قد عُقد،  دون الكشف عن تفاصيل.

ففي ظاهر الأمر، تم تقديم الاجتماع إلى العامة على أنه محاولة لتعزيز العملة المتداعية من خلال تبرعات من النخبة الثرية. غير أن ثلاثة مصادر تحدثت مع أشخاص حضروا الاجتماع قالوا إنه لم يكن يتعلق بالعمل الخيري.

فقد عرض محافظ البنك المركزي قائمة بالعقارات والأصول الأخرى التي يملكها رجال الأعمال والصفقات المربحة التي أبرموها. ولمح إلى إمكانية مصادرة ثرواتهم إذا لم يقدموا مساهمة كبيرة لخزانة الدولة.

وذكرت المصادر أن فوز تعهد بعشرة ملايين دولار. وذكر أحدهم أن محافظ البنك المركزي أبلغه بأن هذا لا يكفي، ليرد فوز قائلا “اعتبرها دفعة أولى”. ولم يعلق فوز.

وقال مسؤول تنفيذي مقرب من أحد رجال الأعمال الذين حضروا الاجتماع، وصديق شخصي لمحافظ البنك المركزي “كان هذا لإظهار أنه يتم الضغط على تجار الحروب هؤلاء للقيام بواجبهم تجاه البلد”.

وأضاف “الكل يعلم من هم وكيف جمعوا ثرواتهم ولحساب من يعملون”.ولم يرد البنك المركزي السوري على أسئلة من رويترز بشأن الاجتماع.

يجب ألا نختلف

عرض مخلوف نفسه في الشهور الماضية كرجل متدين، في محاولة على ما يبدو لاستمالة أبناء الأقلية العلوية الشيعية، التي ينتمي إليها هو والأسد.

وهيمن العلويون على النظام السياسي في سوريا ذات الأغلبية السنية بعدما سيطروا على الجيش إثر انقلاب عسكري أتى بحزب البعث إلى السلطة في عام 1963. وامتد نفوذ العلويين إلى التجارة، فيما قوض المؤسسة السنية التجارية التي كانت تهيمن بشكل تقليدي على التجارة.

وأحد المنشورات التي كتبها مخلوف على وسائل التواصل الاجتماعي بعد ظهور الخلاف إلى العلن كان دعاء يطلب فيه من الله أن يرفع عنه الظلم، وكتبه بلهجة علوية.

وتعليقا على منشورات مخلوف ورسائله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال مستشار مالي شارك في معاملات معه قبل عام 2011 إن من الواضح أن الفيديوهات تهدف إلى استمالة المعسكر العلوي الموالي.

وأضاف “إنه يقول لبشار، ’نحن مدافعون عن طائفتنا، يجب ألا نختلف”.

وفي منشور في التاسع من يوليو، ظل مخلوف على التحدي. وقال إن اعتقال موظفيه لم يتوقف. وأضاف “لم يبق لدينا إلا النساء”. وذكر أنهم برغم ذلك لم يحصلوا على مبتغاهم وهو إجبارهم على التنازل لهم.

رويترز

قد يعجبك ايضا