العشائر في حلب والثورة ١-٢

حلب-منصور حسين:

تعتبر المسألة العشائرية في حلب من القضايا المعقدة نوعاً ما، خاصة بعد سيطرة حزب البعث على الحكم في سوريا، واستلام حافظ الأسد السلطة بعد ذلك، حيث دعم النظام على نطاق واسع ترييف المدينة وإحاطتها بحزام من الأحياء العشوائية التي سكنها أبناء الريف والعشائر القادمين من خارج المدينة.

ظهرت نتائج هذه الخطة بشكل واضح مع بداية الثورة عام ٢٠١١، حين كان الشبيحة من أبناء هذه الأحياء هم يد النظام الطولى في ابقاء المدينة متأخرة نوعاً ما في اللحاق بالمد الثوري، وكذلك القوة الداعمة للأمن والجيش في مواجهة الحراك الثوري في الأرياف، على الرغم من أنه، وبالمقابل، كان الجزء الأكبر من المتظاهرين والمنخرطين في الثورة منذ انطلاقتها في المرحلة السلمية هم من أبناء هذه الأحياء والعشائر، الأمر الذي يطرح باستمرار قضية العشائرية في حلب، المدينة التي يفترض أنها إحدى أبرز معاقل “المدنية” في سوريا.

الدمار الذي لحق بقلعة حلب جراء الغارات الجوية/انترنت

 

حلب العشائرية:

على الرغم من الطابع المدني الذي تبدو عليه محافظة حلب، واعتبارها المحافظة الصناعية الأولى في سوريا، إلا أنه لا يكاد يخلو حي من أحياء مدينة حلب أو قرية من قراها من “مضافة” شيخ عشيرة ما، الأمر الذي يؤكد أن المحافظة ذات ملمح عشائري قوي أيضاً.

كما أن الكثير من أحياء مدينة حلب القديمة تعتبر مناطق سكن عشائري أو امتداداً لمناطق سكن العشائر أو السكان القادمين من المناطق الريفية، وخاصة الأحياء الجنوبية والشرقية من المدنية، التي تمثل النسبة الأكبر من الحزام العشوائي لمدينة حلب، والتي تعتبر مناطق نمو سكاني وتوسع للقرى والعشائر القادمة من ريفي حلب الجنوبي والشرقي، ومثلها الأحياء الشمالية التي يسكنها القادمون من الريف الشمالي، والأمر ذاته ينطبق على الأحياء الغربية وإن بدرجة أقل، إذ تعتبر هذه الأحياء أكثر تنوعاً وأقل عشوائية مع وجودها في حيز نظمته البلدية إلى حد ما.

ليس ذلك وحسب، بل إن الأحياء الوسطى وحلب القديمة، كلها تحتضن عائلات تتمسك معظمها بجذورها الريفية أو العشائرية، وهذا كفيل بدحض التهم الموجهة لسكان المحافظة بأن مدينتها لم تثر على غرار ريفها، فالمدينة متصلة بريفها جغرافياً وديموغرافياً وتفاعلاتهما (الريف والمدينة) واضحة قبل وخلال الثورة.

وعلى مدى الأربعين سنة التي حكم بها نظام الأسد الأب والأبن، عمد النظام إلى تقوية عائلة من كل عشيرة وجذبها إليه من خلال تسهيل الاعمال غير المشروعة، وتقديم تسهيلات استثمارية لها، أو تقوية شكوتها على باقي السكان في كل منطقة، وحتى توسعة نفوذها وسلطتها على سكان المدينة، وهناك أمثلة كثيرة، مثل “آل بري” وهي عائلة ترجع إلى عشيرة “الجيس” (قيس) في حلب، وتمتلك سلطة وقوة مطلقة منذ عقود، ثم قويت شوكتها وضمت مليشيات من عشائر وعائلات أخرى خلال الثورة، مثل “الماردل، الحديديين، النعيم”، إثر وقوفها إلى جانب النظام في قمع المتظاهرين ثم القتال على جبهات النظام في حلب، وتمتلك العائلة مليشيا يقدر عدد عناصرها اليوم بما يقارب “المئتي” عنصر داخل المدينة.

إضافة إلى عائلات من عشيرة “العساسنة” التي تجمع وجهائها استثمارات وأموال مع نظام الأسد، وتمتلك لواءً مقاتلاً إلى جانب النظام “لواء دوشكا النمر”، وتتهم العشيرة بارتكاب مجزرتين بحق أبناء عمومتها في حي “المرجة” عام “2012”، خلال قمعها المظاهرات السلمية ذلك الوقت.

ومليشيات من عشيرة “البكارة” تجمعت تحت مسمى لواء “الإمام الباقر” الموالي لإيران، والذي يعد قوة “الحرس الثوري الايراني” في مدينة حلب، ويضم مليشيات وعناصر من العشيرة على كامل الأراضي السورية، وتعتبر منطقة “البلورة” قرب حي المرجة، وبلدة “تركان”، معاقل للواء.

شبيحة “الماردل، الشويحنة، الحديديين، آل ميدو” وغيرهم من المليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام في مدينة حلب، كلها سلحت وقويت شوكتها في أعوام الثورة، ويقاتل معظمهم تحت قيادة المليشيات العشائرية المتواجدة في مدينة حلب، وتمتلك دعماً من ايران عبر مليشيا لواء “الامام الباقر” أو مليشيا “الدفاع الوطني” (الشبيحة) المدعوم من روسيا.

وعلى الرغم من ذلك، انقسمت العشائر في محافظة حلب بين مؤيد للنظام ومعارض له، أو من نأى بنفسه عن الأمر خشية بطش النظام ومليشياته، أو خوفاً من الدخول باقتتال وثأر عشائري، وهو ماعمد النظام على تكريسه من خلال تولية كل مليشيا قمع المدنيين وقتال ثوارها في الأحياء التي تنشط بها أو تمتلك سلطة الأتاوة “الخوة” عليها، وقد تقاسمت المليشيات أحياء ومدن حلب على هذا الأساس.

وفي فيما يلي توضيح لبعض العشائر النافذة وأقواها في محافظة حلب وعملية انخراطها بالثورة السورية وفاعليتها.

عشيرة البكارة

تعتبر عشيرة “البكارة” من أكبر العشائر في محافظة حلب، حيث يبلغ عدد أبنائها مايقارب “الستمئة ألف شخص”، ويمتد تواجدهم من ريف حلب الجنوبي في قرى “الحص وسمعان” إلى ريفها الشرقي المحاذي لمحافظة الرقة في بلدات “مسكنة ودير حافر”، وصولاً إلى قرى “أبو سفيطة والحميرة”  والمناطق القريبة من مطار النيرب العسكري في قرى “تركان، تل عابور والملكية،  وتعد بلدة “تركان” مركز ثقل العشيرة في محافظة حلب، حيث يقطنها أكثر من “خمسة آلاف” نسمة، وتعيش فيها عائلات العشيرة البارزة في حلب ” الحمادين والمرعي”.

أما بالنسبة إلى العشيرة وتواجدها في مدينة حلب، فقد اتخذت من الأحياء القريبة من مطار النيرب العسكري والمتحلق الجنوبي مركزاً لها، وأبرز هذه الأحياء هي “منطقة البلورة في حي المرجة” وتعد مركز ثقل وتجمع زعماء العشيرة في حلب، إضافة إلى أحياء “باب النيرب، كرم حومد، كرم الميسر، الجزماتي، طريق الباب، الشيخ سعيد والصالحين”، وأحياء “ضهرة عواد، ضهرة عبد ربه، حندرات ومقطع البكارة”، ويقدر عدد أبناء العشيرة القاطنيين في مدينة حلب بما يقارب “المئة ألف نسمة”.

ومع انطلاق الثورة السورية، وقف معظم وجهاء عشيرة البكارة في حلب إلى جانب نظام الأسد، وتم تشكيل العديد من الكتائب التي أخذت على عاتقها قمع المظاهرات السلمية، ومع بدء الحراك المسلح وسيطرة فصائل المعارضة على مدينة حلب، شكل مايعرف بمليشيا لواء “الامام الباقر” بقيادة  “باقر المرعي” الذي قتل والده على يد المعارضة بسبب قيادته للشبيحة ومشاركته الفاعلة في قمع المظاهرات في المدينة وريفها.

وتتهم مليشيا لواء “الامام الباقر” بارتكاب مجازر عدة بريف حلب الشرقي، أبرزها مجزرة قرية “الملكية” على طريق “معامل الدفاع_مطار النيرب” التي يقطنها عائلات من عشيرة البكارة، ويرجع سبب المجزرة إلى اتهام مليشيا لواء “الامام الباقر” للمدنيين بموالاتهم الجيش الحر وبقائهم تحت حكمه.

وبالمقابل، وكما هو الحال مع جميع العائلات والعشائر السورية، فقد كان لهذه العشيرة دور إيجابي في الثورة السورية أيضاً، حيث شكلت العديد من الكتائب العسكرية من أبناء العشيرة، أبرزها “شمس الحرية” في حي المرجة، وسرايا كانت منضوية ضمن فصائل عدة أبرزها “أحرار سوريا، لواء الفتح ولواء التوحيد وتجمع فاستقم وحركة نور الدين زنكي”، ويقدر عدد المقاتلين من أبناء العشيرة الذين قضوا خلال معاركهم ضد قوات النظام في المدينة فقط بما يقارب “المئة” عنصراً، أبرزهم قضى خلال معارك “قرية عزيزة” قرب مطار النيرب العسكري، إلى جانب مئات الشهداء من المدنيين الذين قتلوا نتيجة القصف العشوائي من قبل قوات النظام.

العساسنة

يقتصر تواجد عشيرة  “العساسنة” على محافظة حلب وبعض العائلات في محافظتي “حمص وحماة”، ويمتد تواجدها من بلدة “عسّان” وقراها الخمس عشرة، من قرية “رسم بكرو” شرق جبل عزان، إلى بلدة “تل شغيب” المحاذية لمطار النيرب العسكري “غرباً، حتى قرية “عزيزة” عند المدخل الجنوبي لمدينة حلب، و لقرية “الحسينية” القريبة من منطقة “الحص” جنوباً،  وصولاً إلى حيي “المرجة وباب النيرب” جنوب مدينة حلب.

ويعود اسم العشيرة نسبة إلى بلدة “عسّان” موطن تجمعهم الرئيسي في حلب قبل أكثر من “ثلاثمئة” عام، وقدر تعداد قاطني البلدة عام “2009” بما يقارب “العشرة آلاف نسمة” بعد موجات الهجرة الداخلية إلى المدينة، في حين يقدر  تعداد أبناء العشيرة في حلب المدينة بما يقارب “الثمانين ألف” نسمة، حسب ما أكده وجهاء العشيرة لصحيفة “جسر”.

أما بالنسبة إلى أصول العشيرة وترابطها بالقبائل العربية، فتعتبر العشيرة امتداداً لقبيلة “الدليم” العراقية، حيث تعود جل عائلاتها بأصولها إلى “البو عيسى، الشاهر، بو غزيل والبو عساف” وهم تابعين لقبيلة “الدليم”، إضافة  إلى العائلة “الهاشمية” التي قطنت بلدة “عسان” قبل “ثلاثمئة عام” وحتى اليوم، ويقطن معظم أبنائها في حيي “المرجة والمعادي”.

العساسنة والثورة السورية

انقسمت عائلات العشيرة بين مؤيد لنظام الأسد ومعارض له، فانخرط معظم أبناء العائلات الفقيرة والمثقفة من عشيرة العساسنة في الثورة السورية، واتخذت من حي “المرجة” نقطة انطلاق لمظاهراتها السلمية، حيث شهد الحي في الشهر “الخامس” من عام “2011” أول مظاهرة طالبت باسقاط نظام الأسدانطلقت من مسجد “زيد بن ثابت”، في حين عمد وجهاء العشيرة المواليين على قمع المتظاهرين في أحياء المدينة بطلب من نظام الأسد.

وقد كان لشبيحة العشيرة دور في قمع المظاهرات السلمية من خلال بعض وجهاء العائلات المسيطرة والتي يربطها مع نظام الأسد علاقات مالية غير شرعية غالباً، حيث برز دورها من خلال كل من “بندو، الزحن وخالد الجديح” وهم من الوجهاء، وقد جندوا عناصر من أبناء العشيرة وغيرها لقمع المتظاهرين، ويتهم المدعويين “الزحن وخالد جديح” بارتكاب مجزرتين بحق المتظاهرين السلميين في حي المرجة يوم “27/1/2012 و “8/2/2012”. 

وبحسب وجهاء عشيرة العساسنة فإن “الدور التشبيحي لم يكن سوى استخدام اسم العشيرة المعروفة بقوتها ونفوذها في مدينة حلب، لترهيب المتظاهرين، حتى أنه لم يشمل العائلات التي تصنف على أنها موالية، حيث اختار معظم أفرادها الحياد خشية اصطدامهم مع أبناء عمومتهم وهو ماعمد النظام إلى تأجيجه، بعد وقوف الكثير من العائلات إلى جانب الثورة، أو عدم موالاتهم النظام في قمع المتظاهرين.

واليوم فإن العشيرة التي يعيش معظم أبناؤها في مخيمات ريف حلب الشمالي وعلى الأراضي التركية، هرباً من نظام الأسد، تمتلك العديد من الكتائب العسكرية المنخرطة ضمن فصائل الشمال السوري، وأبرزها “تجمع حسن مخيبر” التابع للجبهة الشامية والذي يمثل أبناء عشيرة العساسنة معظم متطوعيه.

ويوضح “أبو ابراهيم العساني” القيادي في الجبهة الشامية وأحد وجهاء عشيرة العساسنة بريف حلب الشمالي، في حديثه لصحيفة “جسر”، “أن أبناء العشيرة قاموا بتحرير الأحياء والقرى والنقاط العسكرية التي تعتبر امتداداً لعشيرتهم عام “2012” وقاتلوا على جبهات حلب عموماً.

ويقول: يزيد عدد شهداء عشيرة العساسنة المقاتلين ضمن صفوف فصائل الثورة على “الخمسمئة” مقاتل، قضوا خلال المعارك الطويلة ضد مليشيا النظام على جبهات مدينة حلب وريفها، كما يبلغ عدد شهداء العشيرة في معارك الثوار ضد تنظيم داعش مايقدر بخمسين شهيداً.

وبحسب القيادي “أبو ابراهيم العساني”، فإن “تعداد المقاتلين من أبناء العشيرة ضمن صفوف الفصائل العسكرية حالياً يزيد على الألف مقاتل، متوزعين على جبهات ريف حلب الشمالي وريف حماة الغربي.

بالمقابل يتواجد لواء عسكري تابع لمليشا الدفاع الوطني “الشبيحة” من أبناء العشيرة “لواء دوشكا النمر”، ويضم اللواء أيضاً مقاتلين من عائلات وعشائر سورية مثل “الحديديين، طي والدليم” ويعتبر اللواء من الألوية الموالية لروسيا، ويسيطر على حيي “المرجة وباب النيرب” بالاشتراك مع مليشيا “آل بري”، وقد شارك في معارك سيطرة النظام على بلدة “عسان” بريف حلب الجنوبي ومعارك سيطرة النظام على أحياء مدينة حلب الجنوبية.

ولعب اللواء دوراً في الحرب بين روسيا وايران للسيطرة على محافظة حلب، وذلك خلال محاولة مليشيا لواء “الامام الباقر” الموالية لايران، السيطرة على حيي “المرجة وباب النيرب” عام “2017”، حيث شهدت المنطقة معارك عنيفة استمرت لأكثر من شهر، قتل خلالها مايزيد على “تسعين” عنصراً من الطرفين، ليتم حل الخلاف وإزالة الحواجز العسكرية بعدها باجتماع وجهاء عشيرتي “البكارة والعساسنة”  في بلدة “تركان” عام “2018”.

أما بالنسبة إلى قتلى العشيرة إلى جانب النظام فيقدر بـ“أربعين” قتيلاً، قضى معظمهم خلال معارك قرية “عزيزة” بين أعوام “2013_2016″، إضافة إلى مقتل العديد منهم خلال معارك ريف حلب الجنوبي والاشتباكات مع المليشيات الايرانية، ويعتبر معظم المقاتلين تابعين لمليشيا “لواء دوشكا النمر” وعناصر تابعين لفرع المخابرات الجوية في مدينة حلب.

قبيلة طي

تعتبر قبيلة “طي” من القبائل القديمة التي سكنت ريف حلب، ويشمل تواجد عشائرها أرياف حلب الشمالي والجنوبي والشرقي، في قرى وبلدات عدة أبرزها ” تل الضمان والقرى المحيطة بها، بنان الحص ومحيطها، قرى في منطقة المطخ، برنة، وقرى جنوب بلدة أبو ضهور وصولاً إلى شرق سنجار” في ريف حلب الجنوبي، وبلدة “حيان” في ريف حلب الشمالي، ومدينة “جرابلس” وقرى الشيوخ في ريف حلب الشرقي.

وتتنوع العشائر التابعة لقبيلة “طي” في ريف حلب، حيث تعتبر عشائر وعائلات  “البو نصير، القوادرة، اليسار، الصريصات، الحيانيون، حريث، راشد وحوالة” من العشائر والعائلات البارزة في محافظة حلب، ويقدر تعدادها بما يقارب “المئة وخمسين ألف” شخص، ويديرها مجلس قبيلة “طي” الذي يضم وجهاء من العشائر، وقد انتخب “شعبان الداشر” من عشيرة “القوادرة” رئيساً لمجلس شورى طي في الشمال والوسط السوري.

طي والثورة السورية

تعد قبيلة “طي” في حلب، من العشائر المنحازة للثورة السورية، خاصة أبناء العشيرة في بلدة “حيان”، ويعتبر لواء “شهداء بدر” الذي أسسه القيادي “خالد حياني” ومعظم مقاتليه من عشائر “طي”، من الألوية المعروفة والشهيرة في حلب، حيث سيطر اللواء على أحياء “بني زيد، الأشرفية، السكن الشبابي ومنطقة الكاستيلو” شمال حلب، لأكثر من أربع سنوات، بالإضافة إلى وجود كتائب وسريا مقاتلة من أبناء القبيلة تتبع لفصائل الجيش السوري الحر في ريف حلب الجنوبي والشمالي.

أما بالنسبة إلى عناصر المليشيات الذين فضلوا القتال إلى جانب النظام في حلب، فإن معظمهم يتبع لمليشيا “الدفاع الوطني” في ريف حلب الشمالي، ولواء “الامام الباقر” ومليشيات محلية في ريف حلب الجنوبي، دون وجود مليشيا خاصة بالعشيرة تقاتل إلى جانب النظام في حلب.

ويقدر أعداد المقاتلين من أبناء قبيلة “طي” الذين قضوا في الشمال السوري منذ اندلاع الثورة السورية وحتى اليوم، بأكثر من “ألفين” تابعين لفصائل المعارضة وآخرين مدنيين قضوا نتيجة القصف الذي استهدف قراهم ومناطقهم في ريف حلب وادلب، حسب احصائيات الصفحات الناطقة باسم العشيرة في سوريا.

هذه هي أهم العشائر، أو بتعبير أدق يناسب الفترة الحالية من عمر سوريا، القوى العشائرية التي برزت خلال الثورة السورية، وكان بروزها السلبي والايجابي، من منظور الموقف من الثورة، نتيجة طبيعية لما عمل عليه نظام الأسد الأب والابن طيلة أكثر من أربعين عاماً في حلب، حيث أحاطها بحزام من الأحياء العشوائية التي سمح لها بالتوسع والنمو دائماً، ودعم أعمال وجهائها غير الشرعية من أجل استتباع عشائرهم في لحظات حاسمة يحتاجهم فيها النظام للدفاع عن وجوده كما كان يتوقع دائماً، وهو ما تجلى عام ٢٠١١ فعلاً، لكن مع إشارة معاكسة لا يمكن تجاوزها، وهي انقسام هذه العشائر وانضمام الكثير من أبناءها للثورة، مع الإشارة طبعاً إلى أن هذا الانقسام يشمل كافة العشائر الصغيرة الأخرى المنتشرة في ريف حلب وفي المدينة والتي لم يأت التحقيق على ذكرها، كالماردل والفواعرة والبطوش واللهيب والدمالخة والعفادلة، وكذلك الأسر القادمة من الريف الغربي وقطنت الأحياء الغربية من المدينة كالسكري وصلاح الدين، وباتت تمثل قوى بوزن العشائر لكن بتكوين تجميعي للعائلات التي تنسب للقرى والبلدات القادمة منها هذه العائلات، كالدراعزة (من دارة عزة) وغيرها، وهي جميعها حالها حال العشائر انقسمت في الموقف من الثورة بطبيعة الحال. 

قد يعجبك ايضا