بعد أن حدّدت “جسر” هويّة الضحيّة.. صحيفة روسيّة تحدّد هوية قتلة الشهيد حمادي والكرملين يتنصل

جسر: خاص:

بعد أن نشرت صحيفة جسر تحقيقاً حول هوية الشاب الذي ظهر في فيديوهات صادمة سربها موقع أوكراني، دون تحديد هوية الضحية، أو مكان ارتكاب الجريمة، قامت صحيفة “نوفيا غازيتا” الروسيّة المتخصصة بإجراء التحقيقات الاستقصائية، بإجراء تحقيق تمكنت خلاه من تحديد هوية شخص ممن ظهروا في الفيديوهات، والذي تبين أنه عنصر في الشركة الامنية الروسية الخاصة “فاغنر”، وتأكدت أنه سافر إلى سوريا عدة مرات وحصلت على صور شخصية له وصورة جواز السفر، وصورة لعقده مع الشركة المذكورة.

إلا ان الكرملين زعم أن مقطع الفيديو المنشور في الإنترنت الذي يظهر فيه إعدام جندي سوري هارب من الخدمة العسكرية لا علاقة له بالعسكريين الروس.

ونقلت وكالة أنباء إنترفاكس عن المتحدث الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف قوله ردا على سؤال بشأن تأثير مثل هذا المقطع المصور على سمعة الجيش الروسي: “في كل الأحوال، أنا على ثقة بأن هذا لا علاقة له بالعملية العسكرية الروسيّة في سوريا، ولهذا لا توجد أية مخاوف على السمعة مطلقا من هذه الحادثة”.

هنا ترجمة كاملة (غير احترافية) قامت بها صحيفة جسر لتحقيق الصحيفة الروسيّة، مع الصور التي تم نشرها، وفيها تشير الصحيفة إلى ان مصدر معلوماتها حول الضحية هو تحقيق صحيفة جسر.

عنوان التحقيق:

قاموا بتشويهه بمطرقة ثقيلة، وقطعوا رأسه، وأحرقوا جثتة على ايقاع الموسيقى.

إنهم مرتزقة من “مجموعة فاغنر”، ونحن نقول من شارك في هذا.

ظهر هذا الفيديو وفيه ايقاعات أغنية تقول “آخذ مدفعا رشاشا ثقيلا من كتفي، وأطلق النار على ابني، ثم أطلق النار على أمي”، قام عدد من المقاتلين غير الرسميين بإلقاء رجل يرتدي ملابس مدنية على الأرض وضربه بمطرقة ثقيلة. الرجل يتكلم اللغة العربية، فيما يتكلم. المسلحون اللغة الروسية دون تمييز. فوجوههم ملثمة. يذكرنا المشهد العام بمنشأة صناعية متهالكة في الصحراء السورية. يبدو أن رأس الرجل التي قطعت ستكون في مكان قريب منها.

المعلقون قالوا إن الفيديو قد يكون لمقاتلي “مجموعة فاغنر” العاملة في سوريا، لكن أحدا لا يستطيع تأكيد ذلك: لا يوجد أشخاص مسجلون ، لا توجد علامات على الأشخاص، وزمان تسجيل الفيديو غير معروف أيضاً. ولكن في نوفمبر 2019، ظهرت أجزاء جديدة من الفيديو على شبكة الإنترنت، الأجزاء الثلاثة التالية من الفيديو،  والتي توضح ما حدث للرجل الذي يتحدث العربية بعد ذلك.

في الفيديو الثاني، تقع جثة الرجل الذي أُصيب بمطرقة ثقيلة على الأرض. شخص فاقد الوعي أو ميت بالفعل. أحد الجنود، تحت طلب زملائه، يقطع رأسه بسكين. وبشكل سيء، والبعض الآخر يساعد في تقديم المشورة: “قص، هيا (بدون مبدأ) أقوى! هيا، كسر الفقرات الصحيحة! تعال مع فأس!”

ثم يتم تقطيع اليدين بفأس كبيرة، فيما يقول أحدهم: “يجب ترك الساقين، لتعليقه من الرجلين”.

في الجزء الرابع من مقطع الفيديو، يتم تعليق الجسم مقطوع الرأس والذراعين رأسًا على عقب، ويتم صب البنزين وحرقه. يستمر المشاركون في الاستمتاع. وذكر الشواء والأضلاع المقلية.

الضحية: محمد طه اسماعيل العبدالله.

الصورة: من “صحيفة جسر”

تمكنت الصحافة العربية من تحديد هوية المتوفى ووقت ومكان الإعدام. وفقا لـ”جسر برس”، فإن القتيل هو محمد طه إسماعيل العبدالله، المعروف أيضا باسم حمادي طه البوطه. ولد عام 1986 في دير الزور. وبحسب تحقيق “جسر”، غادر حمادي سوريا خلال الحرب، لكنه عاد في يوليو 2017 (ربما ارتكب خطأ في الصحافة العربية، حيث ظهر الفيديو على الشبكة في نهاية يونيو)، وتم اعتقاله ليخدم في جيش بشار الأسد. ثم هرب، لكنه ألقي القبض عليه. تحدد صحيفة جسر موقع الإعدام بأنه حقل الشاعر للغاز في محافظة حمص السورية.

القاتل

غطى جميع المشاركون في المذبحة وجوههم. ما عدا واحد. في الأجزاء الأولى من الفيديو، يظهر شاب يرتدي زيا أخضر يلف رأسه بكوفية (مثل التي يرتديها ياسر عرفات). لديه كاميرا في يديه، وربما كان هو من يقوم بتسجيل الفيديو، وغالبًا ما يدخل في كادر مصور آخر. ولكن في نهاية العملية يتوقف عن التصوير. وفي بداية الجزء الرابع، تسمع كلمات شخص ما: “لا تظهر الوجوه … إخفاء الوجوه … حسنًا، هذا الفيديو لن يذهب إلى أي مكان على أي حال”.

لقد حملنا صورة الشخص الذي يحمل الكاميرا ويرتدي الكوفية من خلال خدمة FindClone، التي تتيح لك العثور على صورة الشخص في شبكة VK الاجتماعية باستخدام صورة الوجه. مع الروابط الأولى، عرض البرنامج صورة لنفس الرجل على صفحات العديد من المستخدمين.

على الرغم من حقيقة أن الصور لم يتم توقيعها، وأن بعض الصفحات قامت بحذفها، إلا أن تحليلًا بسيطًا أعطانا الاسم الأول المزعوم والاسم الأخير وتاريخ الميلاد. تم العثور على نظير لهذا الرجل بين الأدلة الموثقة عن مرتزقة مجموعة فاغنر المعروفة لنا.

بالطبع ، يمكننا افتراض وقوع مصادفة نادرة، وأن “الشخص” الظاهر في الفيديو الذي اكتشف بالصدفة، تبين أنه مرتزق، وقام  بعدة رحلات عمل إلى سوريا. لكن احتمال حدوث مثل هذه الصدفة صغير للغاية.

الرجل الذي يرتدي الكوفية، يشبه ستانيسلاف د. (اسم العائلة موجود في مكتب التحرير، ونحن لا ننشره لأسباب أمنية تخص عائلة المرتزق)

وهو يعمل في “مجموعة فاغنر”، خدم في الاستخبارات. يوجد تحت تصرف “نوفايا جازيتا” نسخة من جواز سفره ، واستمارة طلب تعبئة شخصية من أجل خدمة الأمن في “مجموعة فاغنر”، ومذكرة عدم إفشاء، وسيرة ذاتية.

عند اﻻنخراط في الخدمة، أشار ستانيسلاف د. إلى أنه خدم بصفته فردا في فصيلة من دوريات الشرطة في إقليم ستافروبول (تم تأكيد هذه المعلومات من خلال معلومات من حسابات التواصل الإجتماعية لزملائه). وأن الغرض من دخول المجموعة، كما قال، كان “تمثيل مصالح الإتحاد الروسي في الخارج”. تم الإنتهاء من الإستبيان في فبراير 2016. ولكن، كما هو موضح، بحلول هذا الوقت كان يعمل بالفعل في “مجموعة فاغنر”.

اتصلت “نوفايا جازيتا” بزوجة ستانيسلاف د. عبر شبكة اجتماعية، إضافة إلى العديد من معارفه، بعد أن أرسلت لهم لقطات من الفيديو تسألهم عما إذا كانوا يتعرفون على الشخص الذي يغطي وجهه بكوفية.

قرأت الزوجة السؤال وأجابت بعد ساعة: “ﻻ بد أنكم مخطئون”. وما هي إلا بضعة أسئلة استضاحية، حتى أغلقت حسابها على موقع VK الروسي.

ولم تصل أي إجابات من معارف ستانيسلاف د. على الرغم من أن واحدا على اﻷقل من رفاقه أو زملائه في جهاز الشرطة قرأ السؤال.

ولدى محاولة الاتصال بهاتف ستانيسلاف د. المحمول، ردت امرأة وقالت أننا مخطئون.

صحفيو “نوفايا جازيتا” مستعدون للقاء ستانيسلاف د. في أي وقت يناسبه.

حقل الشاعر

تزعم المصادر العربية أنها تمكنت من تحديد مكان الجريمة من لقطات الفيديو بكونها حقل الشاعر للغاز. إذا كان الأمر كذلك، فليس هناك أدنى شك في مشاركة موظفي مجموعة فاغنر في هذا الفيديو. ففي ربيع عام 2017 ، تم طرد مقاتلي الدولة الإسلامية (المنظمة المحظورة على أراضي الإتحاد الروسي) وعلى وجه التحديد من قبل مقاتلي مجموعة  فاغنر. وكما اكتشفت “نوفايا جازيتا”، تم تأكيد ذلك من خلال بروتوكول الموافقات بين المؤسسة العامة السورية للبترول ومجموعة “يورو بوليس” الروسيّة، والتي صادق عليها مجلس وزراء الجمهورية العربية السورية في 23 مايو 2017.

تذكر الوثائق أن “يورو بوليس” هي شركة روسية، ووفقا لاتفاقية مبرمة مع الهيئات الحكومية السورية في ديسمبر 2016، تعهدت بالقيام بعمليات عسكرية في سوريا ضد معارضي الأسد في مقابل 25٪ من إنتاج النفط والغاز في الحقول المحررة. يرتبط المالكون الرسميون لـ”يورو بوليس” ارتباطا وثيقا بمؤسسات رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين، المعروف باسم “بوتن كوك” (طباخ بوتين).

اقرأ أيضا.. “حمادي” عذاب رهيب قبل مقتله.. تعرف على قصة وهوية الجثة التي أحرقها الروس (فيديو)

مؤسس الشركة، وفقا لـ”سبارك-انترفاكس”، هو”Neva JSC”، ورئيسها ومالكها هو “فاليري شيكالوف”. وبحسب وثائق نشرتها مجموعة القرصنة اﻹلكترونية “Anonymous International”، شغل شيكالوف لسنوات عديدة مناصب عليا في إمبراطورية “كونكورد” بريجوزين. المدير العام “يورو بوليس” أوليغ إروكين، شوهد مرارًا وتكرارًا في رحلات مشتركة مع قادة مجموعة فاغنر، بمن فيهم ديمتري أوتكين (فاغنر) نفسه. يزين شعار “مجموعة فاغنر” المعروفة باسم “صليب الخندق” موقع “رابطة المحاربين القدماء في الحروب المحلية والنزاعات العسكرية”، فيما يحمل أحد مؤسسيها نفس اسم إروكين.

خاتمة

يمكن للمشاركين الآخرين في الفيديو، إذا رغبوا في ذلك، إجراء تحقيق رسمي في روسيا. “نوفايا غازيتا” مستعدة لنقل المواد إلى مكتب المدعي العام ولجنة التحقيق ووزارة الشؤون الداخلية.

يلتفت أبطال الفيديو إلى بعضهم البعض، راسمين إشارات النداء “القمة” و”الذئب” بأيديهم.

لم تعرف “نوفايا غازيتا” بعد من الذي يختبئ تحتها: اثنان على الأقل ممن استخدموا إشارة “القمة” و”الذئب” يعملان في صفوف مجموعة فاغنر. وعليه، تم نسب إشارة النداء “الذئب”، على سبيل المثال، إلى المرتزق الصربي الشهير دافور سافيتش، الذي قاد وحدة الاستخبارات، لكننا فشلنا في تأكيد أن شافيتش كان في الفيديو.

أثناء إعداد المادة، ظهرت صورة على شبكة الإنترنت من مكان المذبحة، حيث كان هناك أربعة مرتزقة مكشوفي الوجوه وفي الخلفية تظهر الجثة. نأمل التوصل لأسمائهم بمساعدة قرائنا.

 

لقراءة المقال الأصلي باللغة الروسيّة اضغط هنا

 

يذكر أن Novaya Gazeta هي واحدة من وسائل الإعلام الروسية القليلة التي تنشر التحقيقات في فساد المسؤولين والمسؤولين الأمنيين، وتقارير من المناطق الساخنة، ما أدى إلى مقتل أربعة من صحفيي نوفايا غازيتا بسبب أنشطتهم المهنية.

قد يعجبك ايضا