تحقيق لرويترز يكشف الدور الإماراتي ـ الأمريكي في التجسس على إعلاميين منهم فيصل القاسم وجيزيل خوري

 

نشرت وكالة رويترز للأنباء تحقيقاً يكشف عن قيام  مجموعة من خبراء التسلل الإلكتروني الأمريكيين، الذين كانوا يعملون سابقاً لدى المخابرات الأمريكية، بالتجسس على إعلاميين عرب بارزين أبرزهم فيصل القاسم وجيزيل خوري والعديد من مدراء المحطات التلفزيونية، بمساعدة دولة الإمارات، وذلك خلال فترة “المواجهة المتوترة” عام ٢٠١٧ بين الإمارات وحلفاء آخرين من جهة وقطر من جهة أخرى.

وعمل الخبراء الأمريكيون لصالح مشروع “ريفين”، وهو برنامج سري للمخابرات الإماراتية للتجسس على منشقين ومتشددين ومعارضين سياسيين للأسرة الحاكمة بالإمارات.

واندلعت الأزمة بين الإمارات وقطر في ربيع عام ٢٠١٧، عندما اتهمت الإمارات وحلفاؤها- السعودية ومصر والبحرين- قطر بنشر الاضطرابات في الشرق الأوسط من خلال دعمها لوسائل إعلام وجماعات سياسية، وطالبت الإمارات وحلفاؤها قطر باتخاذ سلسلة إجراءات، منها إغلاق شبكة تلفزيون الجزيرة، والتوقف عن تمويل وسائل إعلام أخرى، وكبح جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها بعض الحكومات العربية تهديداً لها.

وفي حزيران من العام ٢٠١٧، قطعت الدول الأربع علاقاتها مع قطر، وفرضت مقاطعة جوية وبحرية وبرية عليها.

وفي الأسبوع نفسه، بدأ خبراء المشروع ريفين العمل، حيث أطلقوا عمليات لاختراق هواتف آيفون الخاصة بما لا يقل عن عشرة صحفيين ومسؤولين تنفيذيين بوسائل إعلام كانوا يعتقدون أن لهم صلات بحكومة قطر أو جماعة الإخوان المسلمين، وذلك وفق ما أظهرته وثائق للبرنامج اطلعت عليها رويترز وأربعة أشخاص من المشاركين في العمليات.

واستهدف “ريفين” شخصيات إعلامية عربية من أطياف سياسية مختلفة، من الإعلامية جيزيل خوري التي تقيم في بيروت وتقدم برنامج “المشهد” في تلفزيون “بي بي سي” إلى رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، والمذيع فيصل القاسم، ورئيس تحرير صحيفة العرب القطرية عبد الله العذبة.

ولم يقتصر الاستهداف على عاملين في الشرق الأوسط بل امتد إلى الخارج، فاخترقت الهواتف المحمولة لشخصيات إعلامية أخرى كانت الامارات تعتقد أن قطر تدعمها بما في ذلك صحفيين بمنفذين إعلاميين عربيين يعملان انطلاقا ًمن لندن هما التلفزيون العربي والحوار، وللشبكتين قنوات باللغة العربية لها شعبية في الشرق الأوسط.

وقال الخبراء السابقون في مشروع ريفين إن الهدف كان العثور على أدلة تظهر أن الأسرة الحاكمة في قطر تؤثر على تغطية الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام، وكشف أي علاقة بين الشبكة التلفزيونية والإخوان المسلمين، ولم يتسن لرويترز تحديد البيانات التي حصل عليها مشروع ريفين.

ولطالما أكدت الجزيرة أنها مستقلة عن حكومة قطر، في وقت أكدت فيه قطر على أنها  لا تطلب أو تسأل أو تفرض على الجزيرة أي أجندة أيا كانت، وهي تُعامل مثل أي وسيلة إعلام أخرى.

ورفضت وزارة الشؤون الخارجية الإماراتية أو سفارتها في واشنطن على الرد أو التعليق، كما امتعنت عنه كلاً من وكالة الأمن الوطني الأمريكية و المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية.

وجاء استهداف مقدمة البرامج جيزيل خوري بسبب اتصالها بعزمي بشارة وهو كاتب يقيم في الدوحة وينتقد الإمارات، وعلقت جيزيل بعد إعلام رويترز لها باختراق هاتفها بالقول ”عليهم أن يمضوا وقتهم في تحسين أحوال واقتصاد بلدهم، وليس في جعل جيزيل خوري هدفاً للتسلل الإلكتروني“.

ولم يفاجأ القاسم بعدما أبلغته رويترز باختراق هاتفه من قبل الإمارات فهو يراها ”رمز للفساد والسياسة القذرة“.

بدوره قال عبد الله العذبة لرويترز “تم استهدافي لأنني مؤيد للربيع العربي منذ البداية، ولأني انتقد الإماراتيين مراراً على معارضتهم لهذه الحركة”.

واستخدم خبراء التسلل في هجماتهم سلاحا إلكترونيا يسمى (كارما). وذكر تقرير رويترز في كانون الثاني أن (كارما) سمح لهم بالتسلل إلى هواتف آيفون بمجرد إدخال رقم الهاتف أو عنوان بريد إلكتروني للشخص المستهدف في البرنامج الهجومي. وعلى خلاف برامج تصيد أخرى كثيرة، لم يكن كارما يتطلب من الهدف أن يضغط على رابط يتم إرساله إلى الآيفون، وفق ما ذكرته المصادر. وامتنعت أبل المنتجة لآيفون عن التعليق.

وسمح (كارما) لخبراء “ريفين” بالوصول إلى جهات الاتصال والرسائل والصور وبيانات أخرى مخزنة في أجهزة آيفون. لكنه لم يسمح لهم بمراقبة المكالمات الهاتفية.

ورغم أن خبراء “ريفين” اخترقوا الهواتف، إلا أنهم لم يطلعوا بشكل كامل على البيانات التي حصلوا عليها حيث كانوا يقومون بإحالتها إلى مسؤولي المخابرات الإماراتية الذين يشرفون على العملية. ولم يتضح ما الذي عثروا عليه.

وفي كانون الثاني، سأل صحفيون وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش في نيويورك عن مشروع “ريفين”، وأقر قرقاش حينها بأن بلاده لديها ”قدرة إلكترونية“ لكنه لم يتحدث بشكل خاص عن البرنامج، ونفى استهداف مواطنين أمريكيين أو دول ترتبط معها الإمارات العربية المتحدة بعلاقات طيبة.

وعندما أنشأت الإمارات المشروع “ريفين” في العام ٢٠٠٩ كان هدفها تضييق الخناق على الإرهاب في مراقبة ذوي الأفكار المتطرفة في المنطقة، لكن الوثائق بينت أن مهمة المشروع سرعان ما توسعت لتشمل المراقبة وقمع مجموعة من خصوم الإمارات السياسيين.

 

قد يعجبك ايضا