تشكيل المكتب الإغاثي الموحد لـ «تنسيق العمل» فهل ينجح؟

 


«300 ألف دولار لإغاثة دير الزور بانتظار جهة متفق عليها لتسلمها»
ببدء العمل الإغاثي وتطوره وتشعبه في مدينة الزور طفت على السطح العديد من الخلافات بين الهيئات والمنظمات الإغاثية، تمثلت بـ «تجاذبات سياسية وسعي لتحقيق مصالح شخصية»، فانعكس ذلك على أداء تلك الهيئات على أرض الواقع، الأمر الذي استدعى إلى تشكيل مكتب إغاثي موحد، من أجل تنظيم العمل بين الهيئات المختلفة، وبالتالي تحسين مستوى الخدمة المقدمة.
اعتبر البعض أن ذلك المكتب «خطوة جيدة وإيجابية يوحد الجهود وينظمها»، في حين وجد فيه آخرون «خطوة لن تقدم ولن تؤخر كثيراً»، إذ أن «أغلب القائمين على تلك الهيئات عملوا من أجل تحصيل مكاسب شخصية».
تضارب في العمل
قال أبو محمد، وهو أحد سكان حي الحميدية، إن «لدي عائلة كبيرة مؤلفة من 13 شخص، ويحتاجون إلى العديد من المساعدات بعد توقف جميع السكان عن العمل وانقطاع الدخل»، مضيفاً أن «هناك هيئات إغاثية كثيرة توزع المساعدات، ولكن جميع الهيئات تقوم بتقديم نفس الأصناف من المواد التموينية كالرز والعدس والبرغل والسمنة والزيت وبعض المعلبات الأخرى، ولا يوجد تنسيق بين الهيئات لتوفير الحاجات المختلفة للمنكوبين، فلدي على سبيل المثال فائض من الرز والعدس، لكن حصتي من الزيت والسمن لا تكفي
«روافد» انضمت وتشكر
أبو ريان أحد المتطوعين العاملين في منظمة «روافد» الإغاثية أوضح أن طريقة عمل المنظمة مؤسساتي، وتحت تنظيم وإشراف كامل، وتبلغ قيمة كل حصة غذائية 3500 ليرة سورية، وتوزع بشكل دوري حسب حاجة كل عائلة.
وتشكلت هيئة روافد الإغاثية منذ ما يقارب عام ونصف، ويشمل عملها مدينة دير الزور والرقة والحسكة والقامشلي، واعتمدت عدة طرق في التوزيع ومنها توصيل الحصص إلى منازل المحتاجين، وذلك بسبب الوضع الأمني، أو عن طريق مراكز توزيع تتواجد داخل المناطق المحررة.
وأكد أبو ريان أن منظمة روافد ليس لديها مشكلة بوجود أي منظمة فعالة على الأرض تقوم بخدمة المدنيين وتلبية احتياجاتهم، وتعمل على الدوام على تنسيق الجهود دائماً مع كافة الجهات التي تخدم المحتاجين والمنكوبين، معتبراً أن خطوة تشكيل مكتب موحد جيدة لتنسيق العمل بين جميع الهيئات الإغاثية، حيث يقوم بتوزيع المواد والسلات الغذائية لجميع الهيئات، ومنها روافد، لسد النقص لدى الهيئات التي هي بحاجة.
«سبب» شرذمة العمل الإغاثي
وبسيطرة الجيش الحر على مناطق كثيرة من المدينة، وانعدام جميع سبل الحياة والقصف اليومي على جميع الأحياء، كثر عدد الهيئات الإغاثية، وأصبحت كل هيئة تعمل على حدة دون التنسيق مع الهيئات الأخرى، بحسب سراج الطعمة (عضو في الهيئة العليا للإغاثة الإنسانية والطبية بدير الزور)، مما سبب تأزم كبير في العمل الإغاثي في المدينة، وأرجع ذلك إلى سببين الأول هو المال السياسي الذي دفع لتفريق الثوار ولتكريس بعض الشخصيات، حيث أن كل مجموعة أرادت إثبات وجودها في الثورة السورية، من خلال تشكيل مجموعة وإنشاء صفحة على الفيس بوك ودعمها لإحدى الكتائب، لتكون لها سلطة فاعلة على الأرض، أما السبب الثاني هو أن توحيد الهيئات داخل المناطق المحررة شبه مستحيل، حيث أن أغلب الداعمين الذين هم بالخارج غير متوحدين، وهو ما يؤثر بشكل سلبي وواضح على جميع الأطراف المشكلة في الداخل.
«مكتب فاشل»
ومن جهة أخرى، قال أحد أعضاء الهيئات الإغاثية العاملة بدير الزور التي لم تنظم في المكتب الموحد (لم يرغب بالكشف عن اسمه) إن «المكتب الموحد مصيره الفشل كمصير باقي المكاتب التي كانت تسعى إلى توحيد الصفوف داخل المدينة»، معتبراً أن أغلب الجمعيات شكلت من قبل أشخاص سعووا إلى كسب الأموال ولتحصيل مأرب شخصية أخرى، مشيراً أن أغلب الحكومات الداعمة للإغاثة بمدينة دير الزور، أوقفت الدعم للهيئات الإغاثية إلى حين تشكيل مجلس محلي يمثل المدينة، من أجل تقديم الدعم إليه، مؤكداً أنه يوجد في أحد البنوك مبلغ 300 ألف دولار لإغاثة مدينة دير الزور، مرصودة إلى حين تشكيل مجلس يمثل المدينة.
«تخفيف الهدر»
ومن جهته، اعتبر أبو عبود عضو المكتب الإغاثي الموحد أن المكتب يسعى إلى التنسيق بين جميع الهيئات الإغاثية الفاعلة على الأرض، حيث أن المنافسة بين جميع الهيئات تحولت من منافسة إلى صراع وحرمان مدينة دير الزور الكثير من الشحنات الإغاثية.
وأوضح أبو عبود أن فكرة المكتب تقوم على تلقي الدعم من جميع الجهات المانحة، ومن ثم يتم توزيعها بالتساوي على جميع الهيئات الإغاثية الفاعلة على الأرض، وبالتالي تنسيق العمل وتخفيف الهدر.
وانضم إلى المكتب الإغاثي الموحد الجهات الآتية، منظمة روافد، واللجان الشعبية، وتنسيقية دير الزور، وهيئة العمل الوطني الإسلامي، ومنظمة أنصار الحق الخيرية، بالإضافة إلى مكتب تنسيق إغاثة مدينة دير الزور، فضلاً عن العديد من الهيئات وهي الهيئة العليا للإغاثة الإنسانية والطبية بدير الزور، وهيئة فرات للإغاثة، وهيئة فرات للإغاثة والتنمية، وهيئة دير الزور الموحدة فرات، وهيئة ديرنا، وهيئة دير الزور الخيرية، وائتلاف شباب الثورة السورية الحرة، ورابطة دير الزور الخيرية، ورابطة مغتربين دير الزور (نهضة)، بالإضافة إلى عدد من الناشطين المستقلين وأبرزهم الدكتور ممتاز حيزة، في حين فضلت هيئات أخرى العمل بشكل مستقل عن المكتب الموحد.
لمحة عن العمل الإغاثي في دير الزور
بدأ العمل الإغاثي بمدينة دير الزور بعد سقوط عدد من الشهداء في المدينة، واقتصر ذلك على دفع تعويضات بسيطة وإعانات شهرية لأسر الشهداء، يقوم بجمعها الناشطون من المتبرعين، ومع نزوح أكثر من 500 عائلة من مدينة حمص، توجه أغلب النشاطين إلى إعانة تلك العائلات المنكوبة عن طريق جمع التبرعات العينية والمالية.
ومع سيطرة الجيش الحر على أحياء المدينة انبثقت عدة لجان أولها اللجان الشعبية والهيئة العليا للإغاثة الإنسانية والطبية بدير الزور، ثم توالت الهيئات وكثرت بسبب الانشقاقات الكثيرة بين الناشطين العاملين في مجال الإغاثة، وتحول النشطاء الذين رفضوا حمل السلاح إلى العمل الإغاثي، الأمر الذي دفع إلى تشكيل مكتب موحد للعمل الإغاثي، عله يسهم في تلافي تلك المشاكل.

قد يعجبك ايضا