جيفري: “قسد” أطفال أنقياء وروسيا تنسج التهديدات وتقنعهم بها

جسر – صحف

أجرى المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا “جيمس” جيفري لقاءً مطولاً مع صحيفة “المونيتور” الأمريكية، تحدث فيها عن سياسات بلاده في سوريا، وتطرق إلى مواضيع عدة، بينها الوجود التركي والوجود الروسي في سوريا، وارتدادات ذلك على تصرفات وسياسات حليفتها “قوات سوريا الديمقراطية”.

جيفري: منبج نقطة فشل بالنسبة لتركيا

سألت صحيفة “المونيتور” المبعوث الأمريكي السابق جيفري: “عينتم بمنصب المبعوث الخاص وأنتم تؤيدون فكرة تسريع العمل بنموذج خريطة الطريق في منبج للتخفيف من قلق تركيا حيال شمال شرقي سوريا، فهل بوسعنا أن نقول بإن هذا النهج أدى إلى وقوع نتائج عكسية؟”.

وأجاب جيفري بأن “الأتراك يعتبرون منبج نقطة فشل بالنسبة لهم، إذ ظهرت هناك مقاومة كبيرة على يد قوات سوريا الديمقراطية وكذلك المجلس العسكري المحلي ومكتب ماك غورك”، مضيفاً “لذا فإن أي شخص كانت له صلات بحزب العمال الكردستاني أصبح عرضة لحكم قضائي استخباري على يد الأتراك والأميركان، ولم تخرج من تلك الدائرة سوى قلة قليلة”.

وأردف: “بصورة أساسية كنت من المصرين على الرحيل من بين مجموعة تضم عشرة أشخاص، إلا أن ذلك حدث بعد حوالي سنة، واعتقد الأتراك أننا لسنا جادين في ذلك، وذلك هو النموذج الذي حاولنا تطبيقه في شمال شرقي سوريا.

جيفري: “قسد” هم “أطفال أنقياء”!

“أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية فهم أطفال أنقياء، وأنا أعرفهم وأعرف قيادتهم بشكل جيد جداً، وهم يعتبرون ظاهرة بالفعل، بالنسبة لمعايير الشرق الأوسط، فهم بغاية الانضباط ويمثلون الفرع الماركسي لحزب العمال الكردستاني، كما لا يهمهم بشكل كبير الالتزام بأجندة حزب العمال الكردستاني، وهم لطفاء للغاية ولا يبدون أي تكبر أو تعال”، يقول جيفري.

وأردف: “لكن في تلك الأثناء لم يخرج علينا أحد من الخارجية الأميركية ليقول: ماذا عن تركيا؟ بصراحة، كان الأشخاص الموجودون في جيشنا المحلي وفي وزارة الخارجية المعنيون بمحاربة تنظيم الدولة يتعاملون مع الأمر وكأن المشكلة مشكلة طرف آخر وليست مشكلتهم، فقد تعرض الأتراك لاستفزازات على الحدود، خاصة من قبلنا عندما أعلنا عن عزمنا على تشكيل قوات دفاع جديدة على الحدود في عام 2018، وبأن تعداد تلك القوات سيصبح أكبر، وأول مكان قمنا بنشر تلك القوات فيه هو الحدود التركية”، مضيفاً “وقد حدث ذلك عندما خرجت الأمور عن سيطرة القيادة المركزية هناك، وهذا أمر تقليدي فنحن هنا لنقاتل الإرهابيين، لذا دعوا الأنذال في وزارة الخارجية يهتمون بأمر تركيا، أما نحن فبوسعنا أن نتفوه أو نفعل ما يحلو لنا ولحلفائنا، فلن يهمنا ذلك في شيء”.

جيفري: التسوية مع تركيا شمال سوريا كانت جيدة

ووجهت الصحيفة سؤالاً إلى جيفري: “لقد وجهت عملية نبع السلام ضربة للمهمة الأميركية الموجودة هنا، ولهذا وصفت بأنها تطهير عرقي، وسبق وأن قلتم بأن علينا أن نظهر لأردوغان أنيابنا، ولكن قبل العملية العسكرية، كنتم قد ترأستم الجهود الساعية لتفكيك دفاعات وحدات حماية الشعب كجزء من عملية إنشاء منطقة آمنة، فما الفكرة من ذلك؟”.

وأجاب جيفري: “لقد كان توسيعاً لخريطة طريق منبج، حيث تم تسيير دوريات مشتركة في منبج، مع انسحاب القيادة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وفي المنطقة الآمنة كانت قوات سوريا الديمقراطية توجد بكاملها وكان يجب سحب الأسلحة والدفاعات الثقيلة. ولهذا فكرنا بأن ذلك قد يجدي نفعاً، نظراً للضغوطات التركية المتواصلة على الرئيس حتى يفعل شيئاً حيال هذا”.

مضيفاً: “سمعنا كثيراً من الأقاويل حول مشاركة جيفري بوضع هذه الخريطة، لكنها لم تكن خريطة جيفري، وذلك لأن شخصيات عسكرية هي من قامت برسم تلك الخريطة مع الكرد، كما تم الاتفاق معهم بشأنها.. وهكذا عندما توجهت مع بولتون إلى أنقرة في كانون الثاني من عام 2019، سمعنا كثيراً من الأقاويل حول مشاركة جيفري بوضع هذه الخريطة، لكنها لم تكن خريطة جيفري، وذلك لأن شخصيات عسكرية هي من قامت برسم تلك الخريطة مع الكرد، كما تم الاتفاق معهم بشأنها”.

وأشار المبعوث الأمريكي السابق إلى أنه “كان من المفترض بالنسبة للكرد أن يقوموا بتفكيك تحصيناتهم، لكنهم لم يفعلوا، وتلك من أهم الشكاوى التي حملها أردوغان، كما أن بولتون لم يكن يرغب بأي وجود تركي في تلك المنطقة، وكان ذلك من بين الحجج التي ناقشتها معه في أنقرة، حيث اتفقنا على عدم إبراز الخريطة، وقررنا الاكتفاء بنقل فكرة الخريطة للأتراك. أبرمنا الاتفاقية أخيراً في تموز وآب، وشملت تسيير دوريات تركية على طريق إم 4 الدولي، بحيث يمكن للأتراك أن يحافظوا على الـ30 كم الخاصة بهم، إلى جانب وجود تركي دائم، إلا أن هذه النقطة بقيت غامضة إلى حد ما، دون أن نتمكن من تحديد مكان وجود تلك القوات بالضبط”.

وأردف: “كانت تلك تسوية جيدة، وقد نجحت بالفعل، إلا أنها لم ترض الأتراك، لأنهم يعرفون بأن قوات سوريا الديمقراطية ما تزال تسيطر على المنطقة، ولأنهم لم يصدقوا أن قوات سوريا الديمقراطية ستقوم بتفكيك تحصيناتها، وهذا صحيح، ولهذا واصلنا الضغط على قوات سوريا الديمقراطية لتقوم بذلك، فلم تصلنا سوى الكثير من الأعذار”.

جيفري: تركيا لا تهمها المناطق جنوب طريق الـM4″

ولم يتحدث “جيفري” بشكل صريح عن وجود “استعداد” عسكري تركي لمعركة “وشيكة” تهدف للسيطرة على مدينة عين العربي (كوباني)، ولكنه عند سؤاله من قِبل الصحيفة عن استطاعة الولايات المتحدة الوصول إلى توافق بشأن وجود تركيا في شمال شرقي سوريا، نظراً لإصرارها على أن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب جزء لا يتجزأ من تنظيم حزب العمال الإرهابي. أجاب جيفري: “لست أدري، وذلك لأنك عندما تتكلم عن شمال شرقي سوريا ستكتشف بأن أهم شيء هنا هو السياسة الداخلية التركية، كونها رفيقة أردوغان في معركته، ويمكن تلخيص ذلك بجملة واحدة: كل ما يهم هو الأجندة القومية التركية التي لا يوجد فيها مكان للكرد”.

وأضاف: “إلا أن هذه الأجندة لا تمثل أجندة حزب العدالة والتنمية بكل تأكيد، وذلك لأن حزب الحركة القومية في تركيا يقف في وجه أردوغان الذي كانت سياساته تجاه الكرد وحزب العمال أفضل بكثير ممن سبقوه”.

ونوّه: “إلا أن أردوغان إذا أحس بالحاجة لنصر ما بهدف استثارة المشاعر الوطنية والقومية، عندها قد يفعل ما هو أكثر من ذلك. بيد أن المشكلة تكمن في أنه يتعين عليه أن يقوم بذلك بالتزامن مع الروس، لأنني لا أعتقد أنه سيتوجه إلى جنوب طريق إم 4، إذ لطالما أعلن هو وجماعته بأنهم لا يعنيهم ما يحدث جنوب إم 4″، مشيراً إلى احتمال أن تتوجه تركيا نحو عين العرب (كوباني) مثلاً، إلا أن هذا “يحتاج إلى إبرام اتفاقية مع الروس”، بحسب جيفري.

وأردف بأن “الروس أوضحوا أنهم لا يريدون أي توسع للوجود التركي داخل سوريا، وقد أبلغت السلطة العليا بذلك، إلا أن الكرد يصرون على أن الروس قالوا لهم بإن الأتراك على وشك التوغل، وهذا تهديد روسي، نسجه الروس من عندهم لإبعادنا حتى يتمكنوا من الوصول إلى حقول النفط، بيد أن ذلك مجرد أسلوب ضغط روسي صرف، ولا أظنه قد يحدث في يوم من الأيام”.

قد يعجبك ايضا