لأنه تحدث عن جيوش “المرتزقة” وخمس “فواحش” أخرى.. تأديب قضائي لأستاذ في جامعة دمشق

جسر: رصد:

هاجم الدكتور الجامعي (كلية الاقتصاد/ جامعة دمشق) زياد زنبوعة، قضاء النظام السوري، على خلفيه تسلمه لقرار ينص على فرض عقوبة النقل التأديبي له خارج الجامعة، واعتبار مدة توقيفه ممدة حكماً لحين اكتساب القرار الدرجة القطعية.

وصدر القرار عن “مجلس التأديب لأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة دمشق”، وجاء في حيثيات القرار الجامعي “ومن حيث أنه ثابت في الأوراق المبرزة بالملف بأن المحال الدكتور زياد زنبوعة ألقى محاضرة في غرفة تجارة دمشق بتاريخ 17/1/2017 بعنوان “الطبقة الوسطى من وجهة نظر اقتصادية وتداعيات الأزمة” تطرق فيها باستهزاء إلى ما تقوم به الدولة في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي خلال الأزمة التي تمر بها البلاد”.

وتلاه “ومن حيث أن ما أسند للمحال من شأنه المساس بهيبة الدولة وإضعاف الشعور الوطني للمواطنين ويبعث فيهم روح الانهزام ويشكل بالتالي إخلالا بواجباته الوظيفية، مما يستوجب مساءلته مسلكياً عن تلك المخالفة المسلكية”.

وعلق الدكتور زنبوعة على القرار الذي تسلمه بالقول عبر منشور له على “فيس بوك”: “استلمت البارحة القرار القضائي التالي، الصادر ضدي في آذار الماضي، أربع سنوات ومافتئت تتكالب علي الجهات القضائية والجامعية وموجهيهم: ليس لأني أحمل شهادة دكتوراه مزورة مشتراة بمالي المنهوب من دماء الشعب، لا فهذا لن يعاقب عليه أحد؟ وليس لأني كنت أبيع الامتحانات؟! لا فهذه لاتستحق المتابعة؟ وليس لأني أتغيب عن عملي أو أقصر فيه؟! لا فهذا أمر طبيعي. وليس لأني أُخرِّج أجيال ضعيفة علمياً؟! لا فهذا أمر لايعني أحد. وليس لأني أرضى براتب بالكاد يسد رمقي، لا فهذا واجب وطني”.

واستنكر زنبوعة، إحالته إلى مجلس تأديبي مسلكي عقب مرور ثلاثة عقود أفنى فيها عمره في “خدمة الوطن والجامعة والطلاب”، حسب تعبيره، معتبراً أن سلوكه وملفه الوظيفي “أنصع وأطهر من كل من يتجرأ أن يومي إليه ولو بغمزة، أو يقف معه وجهاً لوجه وينظر بعينيه نظرة المتهِم”.

وعن السبب الذي دفع القضاء إلى إصدار قرار بحق الدكتور، قال “الأشرار أجابوا لماذا: لقد ارتكبت الفواحش الكبرى، وأكبر الكبائر وهي: تكلمت؟! هل معقوووول؟ أستاذ جامعى يتكلم……. وبدون روشيتة يكتبها له أحد المفوهين في الخطابات واللقاءات التلفزيونية؟ أول مرة نسمع ذلك؟ قد يفكك أركان وتماسك الأمة؟ ياله من مجرم خطير، أوهن نفسية الأمة وسبب لها التكدير، وبث شائعات تخالف مايقوله المسؤلين الكبار، عن الرفاه والسعادة والرضا والسرور، الذي يرفل به الشعب ويتنعم بغبطةٍ وحبور. ياله من ناكر ومجرم يستحق التنكيل والتأديب والتشهير”.

وفي تفاصيل ما قام به الدكتور زنبوعة واستدعى مساءلته، تحدث عما وصفة بـ “الفواحش” الستة التي ارتكبها، حيث بين أن “فاحشته” الأولى كانت بمشاركته في غرفة تجارة دمشق، حيث نُظمت ندوة بمشاركة ثلاث جهات رسمية وهي: كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، وغرفة تجارة دمشق، وجمعية العلوم الاقتصادية، إذ تمت دعوته رسمياً من قبل هذه الجهات الثلاث للتحدث حول حال الطبقة الوسطى في البلد.

أما الفاحشة الثانية فتلخصت بتلبيته دعوة تكلم خلالها عن الواقع المعاش، منوهاً إلى أنه “هناك من لايريد شرحاً ولاتشريحاً وإنما تملقاً ومديحاً”.

وفاحشته الثالثة تجسدت بتحذيره من تلاشي الطبقة الوسطى، حيث أن  ثلاثة أرباع الشعب السوري أصبح تحت خط الفقر، إذ تحدث حينها أنه لابد من التصدي لذلك كأولوية على غيرها، فقال “الفقر هو أخصب تربة لإنبات المجرمين وكل شرور الأرض، وهو سيلتهم -إن لم يُعالج- كل منجزات التنمية المحققة في العقد الأول المنصرم، وقتله -كما قال سيدنا علي- أولى من كل ماعداه”.

أما فاحشته الرابعة كانت بتحذيره من انسلاخ الكثير من المثقفين عن الواقع المعاش وحملهم ريشة التجميل، بدلاً من مبضع الجراح، الذي يستأصل المرض قبل تفشيه.

والخامسة تحدث فيها عن نشوء أمراء الحرب وتفشي ظاهرة النهب والسلب والتعفيش، والسادسة كانت بتحذيره من جيوش “المرتزقة” الذين يبحثون عن مصدر رزق وغنائم ومكاسب شخصية، وليس لهم انتماء وطني ولايدافعون عن أرض أو وطن.

وتساءل الدكتور “ألم يبقى لدينا في البلد من عقلاء أو حكماء في أهم وأخطر مؤسستين في البلاد وهما مؤسسة القضاء ومؤسسة التعليم؟ ماذا سيبقى من الوطن؟، إذا كان التعليم مكبلاً، ويتهاوى كصخرةٍ من عليائه، يتفتت وتتلقفه مافيات المال والأعمال، ويصبح بيئة طاردة –بشكل مباشر وغير مباشر- لأهم كوادره لتتشظى في دول العالم أو تتفسخ في أرض الوطن، فلا نامت أعين الجبناء”.

وتابع “ماذا سيبقى من الوطن إذا كان القضاء محكوماً وهو الحاكم؟ ولمن سأشتكي؟ ليس لي إلا الله أرفع إليه تظلمي فهو خير وأعدل وأحكم الحاكمين”، وختم كلامه بملحوظة بين فيها أن هناك أشخاصاً في سلكي التعليم والقضاء، يستحقون كل تحية وإكبار، أي أن كلامه لا يقصد به جميع العاملين في هذين السلكين.

ويحمل زنبوعة شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة سان بطرسبورغ، وهو من مواليد دمشق عام 1964.

 

قد يعجبك ايضا