شارعنا منطقة استراتيجية (٥)

كتبها- خليفة خضر:

اجتمع عدد من شبان الحي وشباب وصبايا من عدة أحياء مجاورة، بعضهم لأول مرة يزور حينا بحسب تعبيرهم، خططوا أن يمشوا بالشارع من أوله إلى أخره ويهتفوا نصرة لدرعا التي اقتحمتها الدولة واعتقلت كل من في الجامع العمري الذي تحول لمشفى وكان لا بد من خروج مظاهرة في حينا عله يتم التخفيف من موجة تفرغ الدولة لدرعا وقمع المظاهرات التي تخرج فيها ويتم تشتيت الدولة وعدم تفرغها لمدينة دون أخرى. 

كان من المفترض الخروج في المظاهرة لدقيقة واحدة فقط، يتم تصويرها ونشرها على موقع يوتيوب وكان الله يحب المحسنين. 

لكن أقدام المتظاهرون سارت على شارعنا من أوله إلى أخره وطال عمر المظاهرات في الشهر السادس من عام 2011 أكثر من ربع ساعة ( في محافظة حلب ونظراً للتضييق الأمني أنذاك تعتبر أطول مظاهرة خرجت في المدينة منذ اندلاع الاحتجاجات في حلب) ساروا وبدون مقدمات طالبوا بإسقاط النظام، مع نصرة درعا وكل المدن السورية التي تشارك بالاحتجاجات، ما جعلنا، حتى وإن لم تسمع تلك المدن ولا درعا بنا، جعلنا نتخيل أن الشارع شارك معهم في هتافاتهم. شارك المجرم والمصلي والفاسد والمتخلف عن الخدمة الإلزامية والحزبي ( أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي) وطلاب الجامعة والحلاق وسائقي الباصات والركاب في الباصات وأبناء الحي الجديد، رافعين العلم الأحمر ذو النجمتين، يصرخون في أعلى صوت لهم، مطالبين بإسقاط النظام الذي أهمل الحي وشارعه والتعليم فيه والتدفئة في المدارس.

وقفت سيارات الأمن على مداخل الشارع من الجهة الغربية، لم تدخل، لربما خيل لهم أن الشارع محفور ولا تزال الحمم البركانية والحفر التي يتجاوز عمقها أكثر من ثلاثين متراً، لربما خافوا، لربما خافوا من أن ينفجر زلزال الشارع بوجههم. 

وصل المتظاهرون إلى سيارات الأمن، يهتفون بالحرية وإسقاط النظام، توقعوا كما في دول العالم إن تقوم الدولة بحمايتهم من أولئلك الذين سيقعمون المظاهرة ومحاسبة كل من كان له علاقة بتهمييش الحي، بالقرب من دوار الحي كان المتعهد يزيين دوار الحي بأشكال هندسية لم ينتهي من بناءها بعد، كانت ثمة عدد من الأحجار التي من المفترض أن يتم استخدامها لتشييد دوار الحي، لكن رجال الأمن وبعض المجرمين الذين أطلقت الدولة سراحهم بعد أذار عام 2011 قاموا بضرب المتظاهرين بذات الحجارة، وتم كسر ظهر أخي الكبير بذات الحجارة. 

ساد الشارع صمت عجيب وعلى أثر صمته غزت الشارع سيارات للدولة لا تعد ولا تحصى، ذات ألوان عديدة، أكثر من تلك التي كانت تزور الحي إثر مشاجرة ما، ولا كتلك التي كانت تزور الحي لهدم منزل مخالف أو للقبض على مصلي متطرف أو تاجر مخدرات أو متحرش، أي جرم ارتكبه المتظاهرون لكي تأتي كل هذه السيارت لأجلهم، هل تجاوز ما هتفوا به كل الجرائم السابقة حتى تأتي كل هذه السيارات مختلفة الألوان؟!! 

مرت الأيام وكان عدد من شباب الحي يخرجون بمظاهرة لكن لا يسيرون باتجاه الشارع بل في الحارات الضيقة والفرعية خوفاً على أنفسهم من الاعتقال وكسر الظهر. 

خَفتت الحركة في الشارع لعدة أيام، عدد من المسلحين يركبون سيارة للدولة مكتوب عليها الجيش الحر، ساروا بسيارتهم من أول الشارع إلى أخره ولم يبق في الحي من كان يمجد الدولة ولم تعد سيارات الدولة تأتي، تخلت الدولة عنا. 

قد يعجبك ايضا