صحيفة “القبس الكويتية” تكشف تفاصيل العرض الذي قدمه جيفري للأسد

جسر: متابعات:

تداولت وسائل إعلام في الآونة الأخيرة أخباراً عن عرض أمريكي قدمه المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، لنظام الأسد، الذي بدوره رفضه واعتبره تدخلاً في الشؤون السورية.

ولم يكشف حينها عن ماهية العرض المقدم، لتعنون جريدة القبس” الكويتية، منذ أيام، مقالاً لها “كشف تفاصيل العرض الأمريكي للأسد”.

وقالت الصحيفة “حدد المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري الخطوات الأميركية المستقبلية في التعامل مع النظام ورئيسه. موضحاً في لقاء افتراضي مع الجالية السورية في أميركا، أن واشنطن تحاول عزل النظام، وتحرص على ألا يعامله أحد على أنه نظام طبيعي لأنه ليس كذلك، كما تحاول الضغط على روسيا وإيران لإيقاف دعمه، اضافة إلى تطبيق العقوبات الاقتصادية عليه وعلى داعميه”.

وأشارت مصادر مطلعة شاركت في الاجتماع، أن العرض المقدم لانهاء المعاناة في سوريا هو موافقة الأسد على مقررات مؤتمر «جنيف 1» واطلاق العملية السياسية للتغيير واخراج جميع الميليشيات الايرانية. وقالت المصادر المواكبة للتحرك الاميركي، لـ القبس إن “عرض جيفري ليس بجديد، وانما هو قديم ومتجدد ويقضي بالذهاب الى الحل السياسي لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ وانجاز دستور جديد، واجراء انتخابات تحت اشراف أممي بعد تحقيق البيئة الآمنة والمحايدة”.

ولفتت المصادر إلى ان خروج الميليشيات الايرانية شرط أساسي، ولكن جوهر الحل هو القبول بالقرارات الدولية، والحكومة المنتخبة القادمة هي صاحبة القرار بذلك، فالأميركي لم يضع شرط خروج الميليشيات لبدء العملية السياسية، وبالتالي فإن عرض واشنطن هو التزام الأسد ببيان «جنيف 1» والقرار 2254، الذي يقول إن بقاءه في السلطة غير ممكن، والضغط الأميركي عليه هو من أجل الانتقال السياسي الحقيقي، والعقوبات الاقتصادية وسيلة لأجل ذلك.

وأكدت المصادر أن جيفري لا يطرح مبادرة ليس لها حظ بأن تنجح، كما أكدت القبس أنه خلال أيام قليلة ستتجه المعارضة السورية خلال الاسبوع المقبل الى انتخاب رئيس جديد لهيئة التفاوض بديلاً عن الدكتور نصر الحريري ،الذي انتهت ولايته منذ فترة ولا يمكن التجديد له أكثر من دورتين.

وكان جيمس جيفري، صرح في وقت سابق أن بلاده قدّمت عرضاً للأسد للخروج من أزمة الانهيار المتسارع الذي تشهده الليرة والاقتصاد، قبل أيام من تطبيق قانون قيصر الذي يضيّق الخناق على نظامه، وعزا جيفري تراجع قيمة العملة إلى الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة.

وبحسب جيفري، فإن النظام لم يعد قادراً على تبييض الأموال في المصارف اللبنانية التي تعاني هي أيضاً من أزمة. ولفت جيفري إلى أن الانهيار الحاصل في الليرة السورية «دليل على أن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على تعويم النظام الذي بدوره لم يعد قادرا على ادارة سياسة اقتصادية فاعلة».

وأشار جيفري في هذا السياق إلى أن بلاده قدمت للأسد طريقة للخروج من هذه الأزمة، وأنه إذا “كان مهتماً بشعبه فسيقبل العرض”.

فواشنطن “تريد أن ترى عملية سياسية ومن الممكن ألا تقود إلى تغيير للنظام، لأنه لا يمكننا المطالبة بذلك تحت مظلة الامم المتحدة، بل تطالب بتغيير سلوك النظام وعدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم استعماله السلاح الكيماوي على شعبه وجيرانه، وعدم تأمينه قاعدة لإيران لبسط هيمنتها على المنطقة”.

أربعة أهداف لواشنطن

قال جيفري إن “واشنطن حريصة على بقاء المعارضة السورية موحدة، وهي على اتصال مع اللاعبين البارزين ومع الروس لإقناعهم بأن هناك حل للأزمة السورية من دون الأسد عن طريق الطرق الدبلوماسية|.

ولخّص ملامح السياسة الأميركية في سوريا بأربعة أهداف، أولها : عملية سياسية تؤدي إلى تغيير سلوك النظام، ثانيها : الأمم المتحدة هي القائدة للعملية السياسية وواشنطن تدعمها، ثالثها: هزيمة تنظيم داعش، رابعها: انسحاب إيران من سوريا.

أموال لإعادة الإعمار

وفي مؤشر على مزيد من الضغط على الأسد، قال جيفري إن “واشنطن لن تسهم في إعادة إعمار سوريا دون التوصل إلى حل سياسي، وإن بلاده “لن تدفع المال لإعادة ما قامت به روسيا وإيران من تدمير”، وتحرص على ألا تقدم أي جهة دولية على تمويل الاعمار في ظل هذا النظام، لافتا في ذات الوقت إلى أن أوروبا تتشارك مع الولايات المتحدة في هذا الموقف رغم تمايز موقفها تجاه السياسة الخاصة بإيران.

مجرم حرب

وعزا جيفري انهيار الاقتصاد في سوريا إلى أن الأسد اتخذ قراراً بوضع أغلب أموال الدولة من أجل عملية عسكرية في إدلب، لافتاً إلى أنه إذا تم خرق النظام وقف النار القائم حالياً، فستزيد واشنطن الضغط الاقتصادي والدبلوماسي وستنسق مع الأتراك، حول طبيعة الدعم الذي ستقدمه لهم. وفي السياق ذاته، أكد جيفري أن أميركا تنوي حالياً الإبقاء على قواتها في سوريا، ووصف الأسد بأنه مجرم وتنبغي معاقبته على الجرائم التي ارتُكبت ضد الإنسانية، من استخدام السلاح الكيماوي، والانتهاكات بالمعتقلات والتهجير.

وحذر جيفري الدول التي ستتواصل مع نظام الأسد علناً أو خفية بعد بدء تطبيق قانون «قيصر»، وقال موجهاً كلامه لها إن “العقوبات ستشمل أي مؤسسة في بلدكم تدعم النظام، وستؤثر على سُمعة بلدكم ولا يوجد طريق لتجنب العقوبات”، لافتا إلى أن قانون قيصر يعطي بلاده صلاحية يمكن استخدامها وفقاً لما تراه مناسباً لتحقيق سياستها، وستتخذ اجراءات ضد الأنشطة التي ترى أنها تبقي الأسد قادرا على معارضة العملية السياسية وتبقي قواته في الميدان. أما عن تأثير القانون في المواطنين السوريين، فقال جيفري “نحن نقرر الانشطة التي تشملها العقوبات، فالقانون لا يحدد ان كل القطاعات التي تنشط في مجال معين ستخضع تلقائيا للعقوبات، فتطبيق العقوبات سيكون على الأشخاص المرتبطين بالنظام، وسيكون هناك دعم اقتصادي وإنساني أوسع في الأيام القادمة. Volume 0%   التظاهرات تتوسَّع على وقع انهيار الليرة وتردي الأوضاع الاقتصادية تجددت الاحتجاجات المناهضة للاسد في مدينة السويداء لليوم الثاني على التوالي، حيث خرج العشرات بتظاهرات مرددين شعارات تدعو لإسقاط النظام، هاتفين: “عاشت سورية ويسقط بشار الأسد، والشعب السوري واحد”.

هادي البحرة : العرض تكتيك سياسي ضمن الأصول الدبلوماسية والقانونية

قال رئيس اللجنة الدستورية في هيئة التفاوض السورية هادي البحرة لصحيفة القبس إن”المبعوث جيفري لم يتكلم عن عرض سري أو عرض جديد أو حتى صيغة عرض مكتوب موجه لرأس النظام، وانما عما اعلنته الادارة الأميركية عن سياستها بخصوص سوريا عشرات المرات، وباتت معروفة، بخصوص ايران ومشروعها التوسعي”.

ورأى البحرة ان كلام جيفري لم يأت بجديد، وانما أكّد على ما سبق اعلانه، وكل ذلك يقع في اطار التكتيك السياسي وفي حدود الأصول الدبلوماسية والقانونية، أي ان هناك نقاطا يستطيع طرحها بوصفها تتعلق بالقانون الدولي الانساني، وأموراً تتعلق بالأمن الاقليمي والدولي، وهناك أمور تعتبر شؤون سورية داخلية، يحددها الشعب، وتكون للدول مواقف منها، مثل الانتقال السياسي.

ولفت البحرة إلى أن موقف واشنطن من النظام وكيف تصنفه واضح، أما بالنسبة لموضوع الانتقال السياسي وانهاء المأساة السورية، فهي تدعم وتعمل على الوصول الى التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤، عبر تفعيل العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة. أما لماذا الأن؟ وما الذي تغير ليعود المبعوث جيفري للحديث عنها كعرض؟ فالإجابة واضحة، وهي عملية تذكير بجدية واشنطن في تحقيق هذه البنود بمناسبة قرب تنفيذ قانون قيصر، الذي لا يستهدف الغذاء ولا الدواء ولا المعونات الانسانية، وانما كل الأفراد الشخصيين او الاعتباريين والشركات والدول التي تدعم آلة القتل واستمرار العنف وسفك دماء السوريين، كما يتزامن مع تسارع التدهور الاقتصادي في سوريا، كنتيجة حذّرنا منها وهي انعكاسات لاستمرار النظام بالاعتقاد بوجود امكانية لحسم عسكري وتخصيص كل موارد الدولة والشعب في تمويل آلة حربه واستبداده كما دائرة فساده. فعوضاً عن الاستثمار في تحقيق السلام، يجري استنزاف الموارد في ما لا عائد منه ويدمر ما تبقى من موارد بشرية وبنى تحتية بالتزامن مع تناقص ايرادات الدولة نتيجة فقدان الطاقة الانتاجية وعدم السيطرة على الموارد، ورهن ما تبقى منها إلى دول اجنبية. وقال البحرة انه يمكن اعتبار عرض جيفري بأنه تذكير بما نبه الجميع من حدوثه وبأنه لا مخرج لإنقاذ الدولة السورية دون تنفيذ العودة الى الحل السياسي الأممي.

 

قد يعجبك ايضا