طائرة “انتحارية” تغيب رامي التاو الغامض الذي دمر ١٥٠ آلية لنظام الأسد

محمد نور الوعري

 

رحل، بعيداً عن عدسات الكاميرات، وضجيج الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، “ماهر كوجك” الذي أخذت الثورة عشر سنوات من أجمل أيام حياته، واستشهد في السادس عشر من الشهر الجاري، تاركاً خلفه طفله الأول الذي لم يولد بعد، وثورة لطالما آمن بها وبأهدافهما، رغم صغر سنه.

“ماهر كوجك”، ابن قرية “الريحانية” التابعة لناحية ربيعة بريف اللاذقية، يعتبر أحد أمهر رماة الصواريخ الموجهة “التاو” خلال عمليات استهدافه لمواقع وآليات قوات النظام وميليشياته، التي قدرت بالعشرات، ونعاه ناشطون، رغم أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً إلا أنه قدم للثورة الكثير.

استهداف متعمد

بعض الناجين من رفاق “ماهر” ممن أصيبوا بجراح فقط إثر استهدافهم بطائرة مسيرة “انتحارية”، بينوا أن الطائرة التي هاجمتهم، في منطقة بين خربة الناقوس و الحاكورة في سهل الغاب، بريف حماه الغربي كانت تتجه نحوهم، لكنهم ولم يتوقعوا انقضاضها السريع، ومن ثم اصطدامها بهم وانفجارها، بحسب مصدر لـ “جسر”.

السيارة التي كان ماهر بداخلها

وعل إثر الهجوم أصيب “ماهر” وفارق الحياة في مشفى “جسر الشغور” بريف إدلب الغربي، ودفن في منطقة “جبل التركمان” التي شهد فيها عدداً كبيراً من المعارك، وفقاً لمصادر خاصة تحدثت لصحيفة “جسر”.

مثواه الأخير في جبل التركمان

عن الشهيد وعائلته

وتواصلت “جسر” مع أحد أفراد عائلة الشهيد الذي أكد أن ماهر كان ينتظر مولوده الأول بعد مرور سنة على زواجه، ولم تتح له الفرصة ليراه، وعن تاريخه الثوري قال “انخرط ماهر في صفوف الثورة السورية عندما كان يبلغ من العمر ١٥ عاماً، وبدأ بنشاطه العسكري قبل سنوات مع فصائل الجيش السوري الحر في “جبل التركمان” بريف اللاذقية وبعد تشكيل الفرقة الساحلية الثانية، انضم لها وخضع لدورة تدريبية على الرمي بواسطة الصواريخ المضادة للدروع ليكون من أمهر وأبرز رماة الصواريخ على الجبهات ضد قوات النظام”.

و”ماهر” ليس الشهيد الأول الذي تزفه عائلته، إذ استشهد شقيقاه خلال سنوات الثورة السورية، وكان لرحيل “ماهر” أثراً كبير في نفس رفاقه وأصدقائه نظراً للسمعة الجيدة والمحبة التي يحظى بها في محيطه الاجتماعي، رغم عزوفه عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ورفضه المتكرر للخروج في مقابلات إعلامية.

يقول أحد معارفه “قبل عامين استشهد “عامر” وسبقه شقيقه “سامر” الذي مر على استشهاده ثلاثة سنوات، ليلحق بهما “ماهر”، الذي حرص بشكل كبير على عدم الظهور إعلامياً، بالرغم نشاطه الميداني الكبير، إذ تمر أيام وهو في ميدان المعركة مع تكرار غيابه عن المنزل بشكل يومي بسبب ظروف التجهيز والرصد واستهداف تحركات قوات النظام، وفقاً لطبيعة مهامه”.

“اسم على مسمى”

وعن دور الشهيد الراحل في المعارك، قال “أبو عبدو كاف”، وهو قائد كتيبة مضاد الدروع في “الجبهة الوطنية للتحرير” لـ “جسر” إن “الشهيد “ماهر” من المميزين ضمن الكتيبة، ويعتبر واحداً من أبرز الرماة في كتيبته، وكان ذو خلق كريم تجلى من خلال معاملاته من زملائه”.

ورداً على سؤال بماذا يمكن أن يوصف الراحل أجاب “كاف” قائلاً “أستطيع أن اختصر الحديث بعبارتين فقد كان “اسماً على مُسمى” و “لا يكل ولا يمل”، وما يميزه هو دقة الرمي حتى في الأهداف المتحركة”.

وأضاف “ماهر شاب متميز ويتمتع بنشاط كبير واتقان في عمله المتمثل في رصد واستهداف آليات النظام، ولم يسبق أن تقاعس عن مهمة موكلة إليه، لا سيما مع اشتداد المعارك التي خاض العشرات منها على امتداد خطوط الجبهة، وعندما يكون لديه مهمة، يخرج مبكراً حتى قبل بزوغ الشمس من شدة حماسه لتأدية المهام العسكرية”.

وبين “كاف”، أن تواجد “ماهر” العسكري كان على ثلاثة محاور رئيسية وهي جبال التركمان والأكراد إلى جانب منطقة سهل الغاب، وبلغ مجمل أهدافه التي دمرها أكثر من 150 هدفاً، وأبرز العمليات التي قام بها تدمير مكان إقامة عناصر من النظام، مستهدفاً الموقع من نقطة متقدمة على جبهات شمال غرب البلاد.

قد يعجبك ايضا