قضية “مجدي نعمة”.. تفاصيل جديدة لم تُكشف يرويها شقيقه لـ”جسر”

جسر – (خاص)

عادت قضية اعتقال “مجدي نعمة” المعروف باسم “إسلام علوش” المتحدث باسم فصيل “جيش الإسلام”، من قبل السلطات الفرنسية، إلى الواجهة مجدداً، عقب نشر عائلة “مجدي” صورة لابنها، تُظهر آثار كدمات تعرض لها، والتي قالت العائلة إنها آثار تعذيب، الأمر الذي تسبب بحالة جدل واسعة بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتقلت الشرطة الفرنسية المتحدث السابق باسم “جيش الإسلام” في كانون الثاني/ يناير 2020 أثناء وجوده في فرنسا في منحة دراسية حصل عليها، ووجهت السلطات الفرنسية لـ”مجدي نعمة” (إسلام علوش) تهماً بارتكاب جرائم حرب على خلفية تقديم منظمات حقوقية سورية وأُخرى فرنسية شكوى ضده.

صحيفة “جسر” تواصلت مع ذوي “مجدي نعمة” للوقوف على المستجدات، وللحصول على تفاصيل وتوضيحات إضافية، بشأن الموضوع، الذي تحوّل لقضية رأي عام.

وأدلى الطبيب “محمد نعمة” الشقيق الأكبر لـ”مجدي نعمة” بتصريحات خاصة لـ”جسر”، خلال حديث مطوّل عن “مجدي” وبعض تفاصيل حياته قبل وبعد الانضمام لـ”جيش الإسلام”، وعن المرحلة التي تلت استقالته من هذا الفصيل وذهابه للدراسة في أوروبا، وذلك كله سيستعرضه تقريرنا هذا استناداً إلى وجهة نظر عائلة “مجدي” وذويه، دون أي إضافة أو تعليق على تفاصيل الرواية.

“مجدي نعمة”.. قبل وبعد الانضمام لـ”جيش الإسلام”

وقال الطبيب “محمد” شقيق “مجدي”: “نشأ مجدي في عائلة كان ربّها مساعد طبيب، والأم كانت معلمة، وهو أصغر الأولاد الذكور.. يحب الضحك والفكاهة، وكان شغوفاً بالعلم منذ الصغر، ولم يعش في بيئة فيها أي مقوم من مقومات الاكتئاب والانزواء أو الشعور بالنقمة على المجتمع”.

وأضاف أن مجدي “كان يدرس في ثانوية المتفوقين في إدلب، ومن ثم حصل على شهادة الثانوية العامة وكان بإمكانه دراسة الهندسة، لكنه آثر دخول المعهد الطبي بهدف التفوق بالمعهد ودراسة الطب في مرحلة لاحقة”.

وأردف: “ذهب إلى الجيش، وخدم في مناطق الغوطة الشرقية، ومن ثم انشق عن الجيش، وانضم إلى لواء الإسلام (قبل أن يصبح اسمه جيش الإسلام) بقيادة زهران علوش، وكان قد تعرف على علوش أثناء فترة اعتقاله التي كانت قرابة شهر، نتيجة تقرير كيدي في فرع فلسطين وليس في سجن صيدنايا كما يُشاع، ومجدي لم يدخل سجن صيدنايا مطلقاً لا كسجين ولا كسجان.. انضم إلى لواء الإسلام بعد أن تواصل مع علوش، وأُعجب علوش بثقافة مجدي وقدرته على التحدث والإلقاء باللغة الإنجليزية وأيضاً التحدث باللغة العربية الفصيحة، فعمل في المكتب الإعلامي قبل أن يصبح المتحدث باسم جيش الإسلام”.

وذكر السيد محمد شقيق مجدي أنه اعتُقل سابقاً لخمس سنوات في سجون النظام، ومجدي اعتُقل لمدة شهر، وعند سؤاله عن سبب اعتقاله واعتقال شقيقه مجدي أجاب مستغرباً بأن “أي سوري حر لديه لسان ويريد التعبير فسيعتقل، وأنا اعتقلت لأن كان لي جار طبيب، وكان بيني وبينه صراع في العمل، فكتب تقريراً وأرسله للنظام ودخلت المعتقل إثر ذلك.. معروفون نحن في إدلب ولسنا من عائلة إخوانية أو سلفية، أما إذا كان كل من دخل الجامع هو سلفي، فهذه مسألة أُخرى”.

وعن سبب التحاق مجدي بقوات النظام وعدم إكمال دراسته، قال السيد محمد إن “مجدي التحق بجيش النظام مضطراً لأنه كان يدرس في المعهد الطبي واستفذ سنوات التأجيل الدراسي، لأنه اضطر للعمل أثناء تلك الفترة بسبب ظرف عائلي، ولذلك لم يستطع دخول كلية الطب، فسُحب للجيش مضطراً”.

وأشار إلى أن “دور مجدي في جيش الإسلام كان المتحدث أو الناطق باسم جيش الإسلام، ولا أعلم إن كان له دور آخر. ومنتصف عام 2013، رأوا أن مجدي بإمكانه أن يكون الناطق باسم الجيش خارج الغوطة، فخرج من الغوطة باتجاه تركيا ولم يعد منذ ذلك الوقت، ولم يكن موجوداً في الغوطة خلال الفترة التي اختطفت فيها رزان زيتونة”.

أبدى الطبيب محمد شقيق مجدي امتعاضه من التركيز على علاقة مجدي بزهران علوش، وقال إن “إن كانت الغاية إثبات أن مجدي إسلامي، فهو بطبيعة الحال كان ضمن فصيل إسلامي، ولكن معترف به وليس على قوائم الإرهاب، بل شارك في مؤتمر جنيف”، مضيفاً “ليس ضرورياً البحث في تاريخ مجدي ووالده وجده، إنما الضروري هو البحث في الوقائع والحقائق، وهذه العقلية كنا نعاني منها في سوريا.. هذا الرجل يهودي، وتم تعذيبه بهذا الشكل، هل من أحد يرضى بذلك؟ إن أحببتم الوقوف معه فأهلاً وسهلاً وإن أحببتم الوقوف ضده فأيضاً أهلاً وسهلاً، ونحن الذين نقبل الرأي الآخر”.

“نحن عائلة مكلومة وأمي تبكي من سنة و3 شهور، وأبي أُصيب بجلطة بسبب هذا الموضوع، وأنا تأثرت حياتي وعملي.. الأصل أن يتعاطف الإنسان مع الإنسان. منظمات الحيوان في فرنسا لا تقبل أن تتعرض الحيوانات لهذا الذي يتعرض له مثقفونا ونخبتنا.. الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير أمر غريب… الهدف تجريم مجدي كإسلامي، وهل الإسلامي كافر؟.. يتهمون الإسلاميين بأنهم تكفيريون في حين كل الأرضية تكفرهم”، يقول السيد محمد.

“مجدي” في فرنسا

يقول السيد “محمد نعمة” إن “مجدي سجل في الجامعة، وكان له صديق يدعمه مالياً للعيش في إسطنبول، وبعد مقتل زهران علوش عام 2015، بدأ بالابتعاد عن جيش الإسلام ومن ثم قدم استقالته، ولا أعرف السبب الذي دفعه لتقديم استقالته”، مضيفاً أن “استقالته لم تكن مبنية على تغيير قناعاته، فمجدي نشأ على حب الحرية وكره الظلم، وقناعته لم تكن آنية أو اعتباطية، بغض النظر عن موضوع الموقف من الإسلام السياسي.. مجدي معروف بولعه بالعلم والثقافة، وهو مثقف بشكل عال، وليس لعب إنترنت، وحفظ القرآن عن ظهر قلب خلال 95 يوماً”.

وأكد على أنه “وحتى الآن في معتقله، قرأ مجدي كمية ضخمة من الكتب، لتحقيق ذاته التي كان يبحث عنها، وهي التفوق سياسياً أو ثقافياً.. لم يغير قناعاته، واستقالته قد تكون لسبب آخر أو بسبب خلافات مع جيش الإسلام”.

وتابع: “ما يثبت تفوقه أيضاً، أنه حتى على مستوى ألعاب الإنترنت، كان الناس يأتون لمنافسته من كل مكان.. كان يحب أن يكون النمبر ون (الرقم واحد) وهذه -سبحان الله- طبيعته، وهذا ربما ما سبب له وجع الرأس، وعندما دخل الجامعة كان متفوقاً ومعدله فوق الـ 97%، وفي السنة الأخيرة كسرته الأستاذة بمادة معينة، لكي يصبح أحد الطلاب الأتراك هو الأول على الدفعة، ورغم ذلك تخرج مجدي بمعدل 97% وربع، وذهب إلى جامعة Eötvös Loránd بهنغاريا ضمن بعثة إيراسموس وتجول في كل أوروبا”.

الشرطة تعتقل “مجدي نعمة”

واستطرد السيد محمد: “مجدي لم يكن ساذجاً، ولو كان يعرف أن عملية غدر ستستهدفه لم يكن ليسافر.. بقي في هنغاريا عدة أشهر وعاد إلى إسطنبول، وبعد التخرج، اختاره بروفيسور في مرسيليا، للمشاركة في بحث علمي حول الجماعات المسلحة وكان من المقرر تقديم البحث في مؤتمر بالدوحة، وبقي في فرنسا قرابة 3 أشهر كباحث زائر في معهد IREMEM بجامعة إيكس بمرسيليا، وقبل أن يعود بـ 5 أيام، جرى اعتقاله بطريقه وحشية”، مضيفاً أنه “هنا بدأت رحلة مجدي المريرة، وتكالب عليه أشخاص قدر عددهم مجدي بـ 40 شخصاً، حيث اقترب منه شخص وقاله له: أستاذ إذا سمحت، فظن مجدي أن الشخص يريد السؤال عن شيء ما، وبمجرد أن التفت مجدي، ضربه ذلك الشخص بلكمتين على عينيه، ومن ثم اجتمعوا عليه 40 شخصاً وكبلوه واعتقلوه وخنقوه، ووضعوه في سيارة، وأخذوه، وكانوا يرتدون لباساً مدنياً، وقال مجدي إنهم مثل أي عصابة مافيا، لولا أن إحداهن قالت إنهم من الشرطة الفرنسية، وكان يتوقع مجدي أنهم يحاولون اغتياله بسبب نضاله ضد الدواعش”.

وأشار إلى أنه “عندما وصل مجدي إلى مكان التحقيق، المحققة لم تعرف لون عيونه بسبب الضرب.. بقية ما جرى يندى له الجبين، وسنكشف عن كل شيء وفق تسلسل معين، ولكن أخي وقع في فخ من صنع لجنة الادعاء، وهي موجودة في فرنسا وتعلم قوانين البلد ولغته وعلى اطلاع بكل الأمور، وحاكوا شبكة العنكبوت هذه وانتظروا أخي إلى حين اقترب موعد مغادرته، وأسقطوه في الفخ، بتهمة ليس له فيها ناقة ولا جمل”.

وتابع: “موضوع توكل المحامي بحد ذاته مأساة، فنحن لا نعرف أحداً في فرنسا ولا نعلم لغتها وقوانينها، ولا نستطيع الحصول على فيزا للسفر إليها، وتواصلنا مع محام دولي -سنصرح عن اسمه لاحقاً- وجاء إلى إسطنبول وأخذ الوثائق إضافة إلى 10 آلاف دولار، ومن ثم اختفى. ولا نرجح أن تكون هذه عملية نصب، فهذا المحامي دولي وله اسمه، بل نرجح احتمالات أُخرى، وربما ضُغط عليه.. رُفعت على المحامي قضية لأنه أخذ الوثائق والمال ولم يرجعها إلينا”.

وأكمل السيد محمد قائلاً: “بحثنا عن محام آخر، ووكلناه وبدأ الدفاع عن مجدي… أنا اعتقلت في سجون النظام لمدة 5 سنوات، ولم أتعرض ما تعرض له مجدي في سجون فرنسا، حتى المحامي عندما نستفسر منه يجيبنا بأن قانون فرنسا لا يسمح، ومع احترامي لكن ما هذا القانون؟ ولماذا وكلناك؟ أنا أحترم فرنسا كماضي وكثورة وكحرية، لكن ما يحدث الآن يخالف كل ما يُعرف عن فرنسا، وسنثبت ذلك بالأدلة”.

وأضاف: “عقب ذلك، تم الاتفاق على أن يُعطى رقم والدتنا إلى المحققة، ومضت 4 شهور ونحن نحاول أن نثبت لهم أن هذا الرقم لوالدتي، وقدمنا كل الإثباتات، قبل أن نتمكن من التواصل مع مجدي، واستطعنا التأكد أنه حي أم ميت، وعيونه سليمة أم لا.. أمر مستغرب، فقانون الأسد مهما كان جائراً فله حل. ما هذا الظلم والعدوان؟ المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فكيف يضربونه كل هذا الضرب قبل التحقيق معه؟”.

وبحسب السيد محمد فإنه “إلى هذه اللحظة يحاول المحامي الوصول إلى تسجيل فيديو لكاميرات الشارع الذي اعتُقل فيه مجدي، ولكن القاضية ترد بأن النائب العام يعرف كل شيء.. حصل تسريب، لكن ليس لهذا الفيديو، وإن شاء الله سنحصل عليه”.

ويقول: “ذكر لي أخي (مجدي) أن الفريق المعد للبحث في جرائم الحرب لا يعرفون شيئاً عما يحدث في سوريا، وطفل سوري صغير يعرف أكثر منهم.. يسألونه أسئلة تنم عن عدم معرفتهم به وبهويته، مثل: هل أنت مسيحي؟ أمر غريب يفوق الخيال.. هذه أجهزة دولة؟”.

واتهم السيد محمد جهة الادعاء قائلاً: “تحاول جهة الادعاء إغراق القضية بتفاصيل بعيدة ليس لها أي مغزى، ويحاولون إحضار شهود زور ومقاطع من السوشيال ميديا لتقديمها كأدلة، وحتى الآن لا يوجد أي دليل يدين أخي.. أحضروا شاهداً لقنوه ما يجب أن يقول، وقال إن مجدي عذبه، وعندما طلبوا منه وصف مجدي، وصفه بأنه أشقر وعيونه زرق وله لحية.. إلخ، ثم قالوا له مجدي قصير أم طويل، فأجاب بأنه قصير، وطلب المحامي من مجدي الوقوف ليتبين أن مجدي طوله 189 سم، فسكت الشاهد وانخزى”.

ويذهب السيد محمد إلى أنه “ثمة تحيز شديد من جانب القضاء، الذي يقبل أدلة من جهة الادعاء على شكل أقراص ذاكرة، ولا يقبل أدلة يقدمها المحامي بنفس الآلية”.

وتابع: “صمدنا سنة كاملة، وقلنا إن مجدي معتقل في دولة قانون وحريات ونظام قضائي عادل، وسيخرج لاحقاً، لكن عندما وصل الأمر لاتهامه ومحاولة تجريمه والمماطلة في القضية، آثرنا الخروج للإعلام، لأن الأمر يحتاج إلى الأحرار وإلى الرأي العام، وإلى كل صاحب لسان يدعو إلى الحق.. نحن نحمل الحكومة الفرنسية والشرطة وجهة الادعاء كل ما حدث ويحدث لمجدي، وسنطالب بتعويضات، يوجد قضاء أرضي وقضاء سماوي، ولكل حادث حديث”.

وأردف أن “مجدي طول عمره كان شخصاً ملتزماً بالقانون، وكان يعمل على نشر ثقافة القانون الدولي، وخضع لدورات في هذا المجال وعلمه للناس، وكان وسيط خير بين الفصائل وعمل على حقن الدماء وتوسط بشأن بعض المعتقلين بينهم دروز عند جبهة النصرة وبقية الفصائل”، مضيفاً “مجدي ناطق إعلامي فقط، كانت تأتيه التقارير ويقرأها لهم.. كانوا معجبين بإلقائه ولغته وحضوره وشخصيته وثقافته العالية، وهذه هي تهمته.. تهمته هي أنه مثقف ثار ضد نظام الأسد، وأنا هنا لا أتحدث عن القضاء الفرنسي، بل عن طريقه اعتقاله وانحياز التحقيق”.

وتساءل السيد محمد قائلاً: “لماذا لم يحاسبوا وزير خارجية النظام العراقي (الصحاف)، ولماذا لم يحاسبوا جهاد مقدسي الناطق باسم وزارة خارجية النظام.. حاسبوا هؤلاء وليس التنظيمات الصغيرة والناس الذين خرجوا بهدف الحرية، بغض النظر عن توجهات هذه الفصائل… خرجت تنظيمات إسلامية وجهادية وعلمانية، فكيف اجتمع هؤلاء لمحاربة النظام لو لم يكن هذا النظام مجرماً”.

وتابع: “تنتشر صور مسيئة للرسول في فرنسا لا أحد يتحدث عنها وإن حصل فبشكل خجول، بينما شخص اعتُقل 30 يوماً في فرع فلسطين نتيجة تقرير كيدي، أصبح هو المتهم.. دائماً نترك الجلاد ونحاسب الضحية”.

وقال الطبيب “محمد” شقيق مجدي في نهاية حديثه، قائلاً: “من الأمور المضحكة، تحدث معي المترجم -يبدو أنه لبناني- في المحكمة عندما كانوا يجرون تقييماً نفسياً واجتماعياً لمجدي، فسألني إن كان لمجدي علاقات مع الفتيات في الجامعة، فأجبته إن علاقته بالفتيات كانت عادية مثل أي شخص، فأعاد السؤال هل كانت له علاقات خاصة بالنساء فنحن عندما نرى فتاة نقول عنها (شلخة) فهل كان مجدي يقول عن فتاة ما (شلخة)؟ فقلت له حتى إن قال فهل سيقول لشقيقه الكبير، اسأل صديقه”، مضيفاً: “المترجم قال لي باختصار هذه هي الحرية بفرنسا، وإذا لم يزنِ الشخص فعلاقاته ليست سليمة مع البنات، فأجبته بأنه ليس لدي علم إن كان مجدي قد زنا أم لا… هل هذه محكمة تحاكم مثقفاً أو متهماً بالإرهاب؟”.

قد يعجبك ايضا