كيف يمضى “محمد غريبي” خط “الدفاع” الأول حياته مع أطفاله؟ (صور)

مجد السباعي

جسر: خاص:

“خط الدفاع الأول” في الشمال السوري تختلف ظروفه، عن الآخرين في مختلف بلدان العالم، فمن عانى القصف والتهجير والقتل، قد يكون “المرض” آخر ما يفكر به، وليس على قائمة أولوياته، إلا أن “كورونا” فرضت واقعاً جديداً على الطبيب السوري “محمد غريبي” فعلى عاتقه تقع مسؤوليتان العائلة والسكان.

يرى الطبيب “غريبي” البالغ من العمر 40 عاماً، والمقيم على الحدود التركية ـ السورية، أن تأثيرات جائحة “كورونا” فرضت عليه تغييراً جذرياً في الحياة اليومية، ابتداءاً من أطفاله وانتهاءاً بعمله في مراكز عدة.

واجبات وسط ضغوط

يقول الطبيب إنه حرص على تطبيق خطوات وأساليب الوقاية من الفيروس، في ظل ضغط عمل غير مجرى حياته.

ويضيف “رغم ضغط العمل أشارك أطفالي الأربعة، الحياة اليومية، وأضيفت أعباء أخرى مثل تعليمهم غسيل اليدين بالماء والصابون بالطريقة الطبية الصحيحة والمواظبة عليها بشكل متواصل، ومراقبة نظافتهم الشخصية”، مؤكداً أنهم كانوا يقومون بذلك من قبل، إلا أنه في النهاية “الأطفال وعجلتهم”.

ويبذل “غريبي” جهداً رغم مصاعب الحياة اليومية مع اكتظاظ المنزل الذي يسكنه ضمن تجمع مخيمات النازحين، مشيراً إلى أن عدد القاطنين في منزله يبلغ عشرة أفراد حيث يعيش معه والده ووالدته إلى جانب شقيقه وزوجته، فضلاً عن أولاده، وذلك لأسباب اقتصادية واجتماعية، حيث أنه نازح منذ ستة أشهر إلى بلدة “كفرعويد”، ضمن جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.

النزهة داخلية خارجية

ولم تمنع “كورونا” “غريبي” من الخروج والترفيه عن أطفاله، فداخل سيارته، يمكنهم الخروج ضمن شوارع وأسواق البلدة لكن دون النزول من السيارة، وفي حال أصروا يكون ذلك يكون في مكان يخلو من التجمعات البشرية بشكل تام، وتتزامن هذه النزهة مع يوم الجمعة عطلة الطبيب وتفرغه للعائلة.

حجر صحي

أكد “غريبي”، أنه اتخذ عدة خطوات قائلاً “طبقت الحجر الصحي على عائلتي وخصوصاً أطفالي مع الحفاظ عدم الاحتكاك المباشر مع الآخرين، وتعليق دوامهم المدرسي، وبهذه الفترة عملت على الاهتمام بالأنشطة التي تعوض الأطفال مافقدوه خلال فترة الحجر، فضلاً عن تعليمات تثقيفية مكثفة عن كيفية الوقاية من كورونا”.

ومن الإجراءات المنزلية التي دائب الطبيب على القيام بها تعقيم مقابض الأبواب وأماكن جلوس الأطفال بمادة “الكلور المخفف”، بشكل مستمر، ويتحدث الطبيب عن الالتزام بالتعليمات من قبل أطفاله ما يبعث الراحة في نفسه، حيث يقومون بتعقيم أيديهم بالمعقمات بشكل دوري على مدار اليوم، ويرتدون الكمامات الطبية الواقية والقفازات في حال خروجهم من المنزل للضرورة القصوى.

“عبد المنعم ومصطفى وحذيفة وعماد الدين“، هي أسماء أطفاله أكبرهم يبلغ من العمر 11 عاماً، والأصغر 3 سنوات، ويعتبر “غريبي” أن ردة فعلهم على هذه الإجراءات كانت طبيعة بالنسبة للأطفال من هذه الفئة العمرية، وكان تكييفهم سريعاً مع التعود على هذه الإجراءات التي باتت جزءاً من حياتهم اليومية.

قد يرى البعض حرص “غريبي” على أطفاله “مبالغاً” فيه، إلا أن الطبيب الذي يشغل منصب مدير المركز الطبي في بلدة أطمة الحدودية، لا يسعه إلا أن يفعل ذلك، بحكم ما يراه ويشاهده خلال يومه.

ويستيقظ “غريبي” الصباحي في الساعة السابعة صباحاً، ليتوجه إلى دوامه في مستوصف البلدة شمال إدلب، ومن ثم ينتقل للعمل في عيادته الخاصة، بعد دوامه حتى الساعة الثالثة.

يوم العطلة الفرصة الثمينة

يشير الطبيب إلى أن يوم الجمعة هو اليوم الذي يقضيه بالكامل مع العائلة، صباحاً يهتم بتدريس الواجبات المدرسية للأطفال خلال كامل الأسبوع مع متابعتها بشكل دقيق، حيث يتوجب الاهتمام باستكمال سيرة العملية التعليمية التي يتلقاها الأطفال عن بعد بواسطة الهاتف الذكي.

وسعياً منه للحفاظ على الصحة النفسية للأطفال، قرر تقديم الهدايا الرمزية لهم بشكل أسبوعي وتحديداً يوم الجمعة، وهي وعود قدمها في حال تميزهم، ويتعمد من هذا النشاط رفع معنوياتهم في ظل الظروف الحالية، مؤكداً أن عدم الخروج من المنزل يشكل أزمة نفسية للأطفال، وعليه التعامل معها بالشكل الصحيح والسليم.

قد يعجبك ايضا