لا تعيدوا اللاجئ السوري إلى الوحش

فضل عبد الغني

الحملات التي يشنها الجيش اللبناني منذ بداية إبريل/ نيسان الجاري على مناطق فيها أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، وأدّت إلى احتجاز وإعادة عشرات اللاجئين، انتهاك صارخ لحقوقهم الأساسية. عديدون من هؤلاء غير قادرين على الحصول على وثائق رسمية تثبت وجودهم القانوني في لبنان. ونتيجةً لذلك، جرى استهدافهم لإعادتهم قسرياً إلى سورية. وقد وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إعادة قسرية لما لا يقل عن 168 لاجئاً سورياً في لبنان منذ بداية إبريل/ نيسان الجاري، ثلثهم تقريباً من الأطفال والنساء. وقد تعرّضوا لانتهاكات عديدة لحقوق الإنسان من الجيشين اللبناني والسوري.

إعادة لبنان قسراً لاجئين سوريين انتهاكٌ واضح لمبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين، الذي يحظر على الدول إعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية إذا تعرّضوا للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. يشكل النظام السوري وحليفتاه، إيران وروسيا، خطراً كبيراً على حياة اللاجئين العائدين قسراً. وفي هذا السياق، تسبّب حزب الله، وهو جزء من الحكومة اللبنانية، في تهجير عشرات آلاف السوريين من سورية إلى لبنان، وبشكل خاص في المناطق الحدودية مثل القصير، مضايا، والقلمون، واحتلّ أراضيهم واستوطن منازلهم، فكيف تعيد الحكومة اللبنانية لاجئين ساهمت في احتلال أراضيهم والسيطرة على منازلهم!

يجب أن يكون حق اللاجئين السوريين الأساسي في عدم إعادتهم قسرياً إلى البلد الذي فرّوا منه أولوية على جدول أعمال اجتماع جامعة الدول العربية، فقد ظل سلوك النظام السوري الوحشي تجاه اللاجئين العائدين والمقيمين في سورية من دون تغيير منذ عام 2011، ولا يزال يرتكب انتهاكات مروعة بحق الشعب السوري. من المؤكّد أن أي لاجئ يُعاد قسرياً إلى سورية سوف يعاني من الانتهاكات ذاتها التي يتعرّض لها المقيمون من اعتقال تعسّفي، إخفاء قسري وتعذيب، وغياب البنية القانونية وتسلط الأجهزة الأمنية.

واجه اللاجئون السوريون في لبنان حملات مستمرّة من الإعادة القسرية على مدى السنوات الـ 12 الماضية، وفشل القضاء اللبناني في فتح أي تحقيقاتٍ في التعذيب والاختفاء القسري والوفيات تحت التعذيب التي عانى منها اللاجئون السوريون. يجب أن يتغيّر هذا، ويجب تحقيق العدالة لهؤلاء. ومن الضروري أن تحترم لبنان وتركيا والأردن وكل الدول مبدأ عدم الإعادة القسرية للاجئين، لأنه قانون عرفي مُلزِم حتى للدول التي لم تُصادق على اتفاقية اللاجئين عام 1951.

تشارك الحكومة اللبنانية المسؤولية القانونية عن التعذيب والقتل والاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري بحق اللاجئين الذين أُجبروا على العودة، إضافةً إلى مسؤولية النظام المباشرة عن مثل هذه الانتهاكات. أي إعادة قسرية للاجئين السوريين في ظل بقاء النظام الحالي في السلطة، وقيادته الحالية وبنية أجهزته الأمنية الوحشية، هو انتهاك صارخ للقانون الدولي، ووصمة عار في سمعة أي بلد عندما تجبر حكومته فئةً مستضعفةً على الرحيل وتقذف بها إلى المجهول.

هذا هو حال السوريين المشرّدين قسرياً في الدول المجاورة، يتملكّهم خوفٌ من إعادة العلاقات مع النظام السوري، ما يؤدّي إلى إجبارهم على العودة. وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ما يقرب من نصف الشعب السوري نازحون أو لاجئون، ولن يتمكّنوا من العودة بأمان إلى وطنهم من دون إحداث انتقال سياسي مسبقاً.

أكّدت لجنة التحقيق الأممية، في تقريرها في فبراير/ شباط الماضي، أن سورية ما زالت بلداً غير آمن لعودة اللاجئين. بناءً على ذلك، حان الوقت لأن يتخذ المجتمع الدولي إجراءاتٍ لحماية الحقوق الأساسية للاجئين. من واجبنا ضمان عدم إجبار اللاجئين على العودة إلى بلدٍ يواجهون فيه الاضطهاد والتعذيب، وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. على المجتمع الدولي أن يتصرّف بشكل عاجل لمنع مزيد من الانتهاكات وضمان تزويد اللاجئين بالحماية والدعم اللازميْن لإعادة بناء حياتهم بأمان وكرامة.

المصدر: العربي الجديد

قد يعجبك ايضا