لقاء مع عنصر سابق في المخابرات… نظرة من الداخل

مراسل دير الزور: جسر

غالبا ما ترتبط عمل المخابرات السورية بالغموض والخوف، وحتى وقت قريب كان تتم الإشارة إلى أعمالها بأفعال المبنى للمجهول وبصوت خافت وسري، مراسل جسر التقى “موظف” سابق في أحد أجهزة الأمن بمحافظة دير الزور مطلع على عمل المخبرين “المندوبين” المرتبطين بالفرع ليكشف بعضا مما يجري في تلك الغرف السوداء.

يقول موظف الأمن السابق “بعد أن أرسى المقبور حافظ الأسد ترسانته الأمنية والتي بناها على القمع والاضطهاد وزرع الرعب في قلوب السوريين عمل على منح مزايا لمن وجد فيهم نزعة وصولية للمناصب و المراتب فأسس النقابات الحزبية في الدوائر المدنية و التي كانت عبارة عن فروع أمن مصغرة يعتمد على أعضائها كمندوبين في الدراسات الأمنية والمعلومات السلبية، بحسب الوصف المتبع في تلك الفروع”.

ويضيف “بعد ذلك قامت الفروع الأمنية بتطوير عملية استقطاب المندوب الأمني أو زرعه خارج نطاق النقابات الحزبية من خلال منح مزايا لغير الحزبيين في القطاعين العام و الخاص مع تجنب وجود مندوب مزدوج يعمل لصالح فرعين أمنيين بذات الوقت”.

ويوضح “وعلى اعتبار الفرع الواحد يضم عدة أقسام فكل قسم له مناديبه الخاصيين فمندوب قسم المعلومات يختلف عن مندوب قسم المعلمين و عن مندوب قسم الموظفين او مندوب قسم الأديان و الأحزاب”.

ويصف موظف الأمن المخبر بالقول “غالباً ما كان المندوب شخص دنيء وصولي لا تهمه سوى مصلحته والتقرب من ضباط و عناصر الأمن”.

ويتابع “لقد بقي هذا الحال حتى عام 2000 حيث تغيير مفهوم المندوب وارتباطه حيث عمدت الفروع الأمنية على استهلاك اللصوص و أرباب السوابق في كافة القطاعات من خلال حمايتهم ودعمهم سراً لقاء تزويد الأمن بالمعلومات ضمن الحلقة التي يدور في فلكها المندوب”.

أما كيف تتم مكافأة هؤلاء فأوضخ ” لقد كانت تخصص للمندوبين الرسميين المسجلين ضمن قوائم نظامية مبالغ مالية رمزية و قسائم بنزين لمن لديه سيارة إضافة للمساعدات المعنوية التي يحتاجها المندوب من توسط و تعيين و تسيير أموره العالقة” ويستدرك قائلا “كل ذلك يتوقف على نشاط المندوب الشهري”.

أما فيما يتعلق بعدد مندوبي كل فرع فهذا يتوقف على قدرة استمالة المندوب فلا توجد أعداد محددة ،و عن كيفية التعامل مع المعلومات الواردة يقول “كل فرع لديه طريقته الخاصة فقد يتم توقيف الشخص تعسفيا لحين الانتهاء من التحقيقات او يتم تدقيق المعلومات و توثيقها بشكل سري لحين ثبوتها و توقيف الشخص المطلوب بعدها ومن ثم التحقيق المباشر معه مع مواجهته بالبراهين و الأدلة و الشهود”.

أما عن طريقة الاستدعاء فأيضا “تعود لمزاجية وعمل الفرع فإما إحضاره موجوداً أو بتبليغه مراجعة الفرع عن طريق المحافظ أن كان موظفا أو عن طريق قيادة الشرطة ان كان عامل حر” .

 

ويلفت عنصر الأمن السابق “بعد اندلاع الثورة كان مجرد ورود معلومة عن شخص ما تفيد بقيامه بالتظاهر او التحريض او إقامة الحواجز فيتم توقيفه بشكل مباشر دون تدقيق أو تمحيص”، ومع تطور وسائل الاتصال أصبحت “المعلومات تؤخذ بكافة الوسائل هاتفياً أو رسالة جوال نصية أو إخبار أحد العناصر شفهيا … و كل ذلك ممن بقي موالي للنظام سواء موظف او عامل حر.

أما أطرف المواقف التي شاهدها أثناء عمله فيقول بأنها كثيرة وغالبا ما تتعلق بجهل المندوبين، يقول “مرة مندوب للأمن العسكري كتب تقرير بجيرانه أنه عدهم ابن اسمه كفاح متخلف عن العسكرية لما ذهبوا لاعتقاله تبين أن كفاح هي بنت ولا يوجد لديهم شاب”.

موقف آخر يتعلق بمندوب كتب بأخيه تقريراً على أنه مستولي على أراضي أملاك دولة على الرغم من أنه أيضا مستولي على أراضي أملاك دولة بعد خلاف شخصي مع أخيه فقام فرع الأمن بمصادرة الأرض للإثنين معاً.

 

 

 

قد يعجبك ايضا