ما بعد كفرنبودة!

 

عبيدة الحموي

بعد استيلاء مليشيات النظام الروسية على بلدة كفرنبودة، للمرة الثانية، بدأت تحصينها، خاصة جبهتها الشرقية التي تمكنت المعارضة من اختراقها قبل أيام. كما تعمل المليشيات على تحصين مواقعها داخل البلدة، وتثبيت مدافع هاون داخلها لاستخدامها في حال حاولت فصائل المعارضة التقدم.

وتجاوز عدد قتلى مليشيات النظام الروسية المعلن عنهم 350 قتيل في جبهات ريف حماة الشمالي؛ من “قوات النمر” و”الفيلق الخامس” و”الفرقة التاسعة”. ولم يعد هناك من نقاط عسكرية متفردة لـ”الفيلق الخامس” داخل كفرنبودة، بل تم خلط تشكيلات “الفيلق الخامس” و”قوات النمر”، بسبب فقدان الثقة بعناصر “المصالحات” في “الفيلق الخامس” بعد انسحابهم السابق من البلدة أمام فصائل المعارضة واتهامهم من قبل المليشيات بـ”الخيانة”.

واستقدمت مليشيات النظام تعزيزات من ديرالزور، مؤلفة من آليات مجنزرة، وصلت إلى ملعب حماة البلدة، ويحتمل أن تدخل محاور القتال، اعتباراً من الأربعاء. ويعكس ذلك الخسائر الكبيرة لقوات النظام في الآليات، خلال معارك بلدة كفرنبودة. إذ تجاوز عدد الآليات التي دمرتها المعارضة 20 آلية متنوعة، باستخدام الصواريخ الحرارية الموجهة، لوقف تقدم آليات النظام.

فصائل المعارضة من جهتها، ثبّتت مواقعها على الجهة المقابلة لبلدة كفرنبودة. وقصف “جيش العزة” مطار حماة العسكري بصواريخ الغراد، وتم استهداف مطار جب رملة وقرية الربعية أيضا من قبل المعارضة بصواريخ الغراد. وتم استهداف حواجز النظام في المغير بقذائف الهاون. ودارت اشتباكات متقطعة بين الطرفين بالرشاشات المتوسطة على جبهات كفرنبودة وحرش الكركات.

محاور قتال جديدة

بعد فشل مليشيات النظام الإيرانية والروسية في تحقيق أي تقدم في محور الكبينة على جبهة اللاذقية، وتعثر تقدم المليشيات الروسية في سهل الغاب وريف حماة الشمالي، يبدو أن هناك محاولة لتغيير محاور الاقتحام. ورصدت المعارضة مجموعة مقاتلين روس، برفقة مليشيات موالية على مقربة من جبهة السرمانية في سهل الغاب المرتبطة مع جبهة اللاذقية. وكانت هذه المجموعة تقوم باستطلاع المنطقة لبحث إمكانية الإلتفاف منها على محور الكبينة وسهل الغاب، وتغيير محور الاقتحام إلى جبهة السرمانية وجورين في سهل الغاب.

غرفة عمليات “وحرض المؤمنين” و”الجبهة الوطنية للتحرير”، أعلنتا بعد منتصف ليل الإثنين/الثلاثاء، إحباط محاولة تسلل للقوات الخاصة الروسية “السبيتسناز” في محور خربة الناقوس على جبهة المشاريع. وكانت “وحرض المؤمنين” قد أعلنت عن إسقاط طائرة استطلاع لقوات النظام في أجواء قرية السرمانية بسهل الغاب.

ريف حماة وإدلب الشرقي

أرسلت مليشيات النظام مدافع ميدان إلى قرية أبو عمر بريف إدلب الشرقي، بالإضافة إلى المليشيات المتواجدة في أبو دالية والشيخ بركة. وتقوم هذه النقاط بقصف مواقع المعارضة في خان شيخون والتمانعة والمناطق السكنية المنتشرة على خطوط التماس. وتلعب المليشيات المتواجدة في هذه المنطقة دوراً اشغاليا للمعارضة، وقد تتخذها كنقاط انطلاق لبدء هجوم إلى خان شيخون والتمانعة، وذلك بهدف السيطرة على الطريق الدولي حلب-حماة وحصار كفرزيتا واللطامنة.

وفي جبهات ريف إدلب وحماة الشرقي تنتشر قوات موالية للروس من “الفيلق الخامس” و “الفرقة التاسعة” و”لواء القدس” و”قوات النمر”. وكانت روسيا قد اعادت ترتيب صفوف قواتها في هذه المنطقة، وأقامت قاعدة لها في قرية الطليسية، تشرف على خط التماس في ريف حماة وإدلب الشرقي الممتد إلى مطار أبو ضهور العسكري. وعلى الطرف المقابل، يشكل “جيش البادية” من “هيئة تحرير الشام” الثقل الأكبر، مع تواجد “فيلق الشام” أحد تشكيلات “الجبهة الوطنية للتحرير”.

خطوة اندماجية للفصائل

بدأت نتائج الاجتماع بين قادة الصف الأول لفصائل المعارضة العسكرية و”هيئة تحرير الشام”، بالظهور. قائد “صقور الشام” أبو عيسى الشيخ، أشار في “تويتر”: “في وجه هذه الهجمة الروسية المجرمة على بقية الأرض والدم، أيهما خير: الوقوف على تفاصيل الخلاف الفصائلي أمام هجمة لن تفرق بين أطيافنا وألواننا ومسيئنا ومحسننا، أم ردم الهوة وتناسي شعث الماضي أمام هول الحاضر؟ ما هو مؤكد أننا لن نستطيع دحرهم أشتاتا، ولكن بعون الله ندحرهم جميعا”.

وكانت “تحرير الشام” قد قتلت الأبن البكر للشيخ، خلال معارك سيطرتها على إدلب مطلع العام 2019. وتوالت المواقف المتطابقة من شخصيات معارضة وقادة الفصائل، كالشيخ حسن صوفان، وأبو جابر الشيخ.

الجناح العسكري لـ”تحرير الشام” أصدر قرارات خاصة بالغزوات، تظهر أنها خطوت أولية للاندماج بين الفصائل. إذ تم تعيين “دبلوح”، التابع لـ”أبو عبدو كاف”، مسؤول مضادات الدروع في “فيلق الشام” مسؤولاً عن قواعد م.د في “تحرير الشام”. وتعيين “أبو هاشم 130” من “جيش الأحرار” مسؤولاً عن فوج المدفعية في “الهيئة”. و”أبو يوسف حماة” مسؤولاً عن المصفحات والمدرعات. وبذلك أعطت “الهيئة” دوراً لقادة من خارج كيانها، لأول مرة، في مواقع عسكرية حساسة، لمواجهة تقدم مليشيات النظام.

الطيران يواصل المجزرة

واصل الطيران الروسي، وذلك التابع للنظام، القصف البربري لمناطق المعارضة، ما تسبب بارتكاب مجازر في صفوف المدنيين، في مناطق مختلفة من ريفي حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي. وقتل 18 مدنياً بينهم 7 أطفال و6 نساء، خلال الساعات الماضية. وقصف الطيران الحربي بلدة أريحا مدمراً 3 أبنية على رؤوس قاطنيها، ما خلّف 11 قتيلاً. وتناوبت 7 طائرات على قصف حزارين ومعرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل 6 مدنيين. وأصيب أحد متطوعي الدفاع المدني في بلدة كفرنبل بعد غارة جوية.

وطالت غارات الطيران الحربي والبراميل المتفجرة أكثر من 40 نقطة مختلفة في ريفي إدلب وحماة. وتسعى قوات النظام إلى تفريغ هذه المناطق من المدنيين لتسهيل توغلها البري داخل مناطق المعارضة، إذ تسعى للوصول إلى الهبيط وخان شيخون. وشهد ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي نزوح 80% من سكانهما باتجاه مخيمات الشمال السوري. وتعرضت منطقة إيكاردا ورسم العيس وتل حديا وصربايا وأم عتيبة في ريف حلب الجنوبي لقصف بمادة الفوسفور الحارق مصدره المليشيات الإيرانية في قرية ذاذين جنوبي حلب، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في المحاصيل الزراعية.

وكان فريق الاستجابة الأولية قد أوضح أن عدد النازحين تجاوز 425 ألفاً من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، وأن 55 نقطة طبية قد خرجت عن الخدمة.

المصدر: المدن:  ٢٨ أيار/ مايو ٢٠١٩

قد يعجبك ايضا