مدن “سوريّة”مرشحة لتكون جزءاً من «المنطقة الآمنة»

جسر: متابعات:

كمال شيخو

بعد عقود من التهميش والحرمان، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، تمكنوا من إقامة إدارات ذاتية في أربع محافظات سورية؛ وهي حلب والحسكة والرقة ودير الزور تقدر مساحتها بثلث مساحة البلاد، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات إدارية وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية.
إلا إنّ تركيا تضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإنشاء «منطقة أمنية» على حدودها الجنوبية، تضم مدناً وبلدات كردية وأخرى عربية تمتد على مسافة 460 كيلومتراً، لكن نقاط الخلاف بين أنقرة وواشنطن كثيرة، حيث يريد الرئيس التركي إنشاء منطقة عازلة بعمق يتراوح ما بين 30 – 40 كيلومتراً انطلاقا من حدود بلاده الجنوبية، بينما حددت واشنطن عرضها بخمسة كيلومترات على أنْ تكون خالية من أي مسلح كردي لتهدئة بواعث القلق التركي، وتعهدت بسحب الأسلحة الثقيلة من حلفائها في «قوات سوريا الديمقراطية» لمسافة أبعد دون تحديدها.
وهنا أبرز المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»:

– عين العرب (كوباني)
هي ثالث مدينة سورية ذات أغلبية كردية بعد القامشلي وعفرين، تتألف من 384 قرية صغيرة تقع على بعد 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، بلغ عدد سكانها حسب إحصاء 2004 نحو 45 ألف نسمة. استقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود التركية اهتمام العالم بعد هجوم واسع نفذه تنظيم «داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014. وباتت محوراً للصراع في سوريا مع مشاركة طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن الذي تشكل لقتال «داعش»، ونفذت أولى ضرباتها على المدينة الكردية، دعماً للمقاتلين الذين دافعوا عنها وألحقوا الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت 6 أشهر بين يوليو وديسمبر (كانون الأول) 2015، وتوالت هزائم التنظيم في سوريا وأعلن القضاء التام على سيطرته الجغرافية وخلافته المزعومة في مارس (آذار) الماضي.

– تل أبيض
تُعتبر تل أبيض مدينة استراتيجية تتبع محافظة الرقة لوجود منفذ حدودي مع تركيا، وسُميّت بهذا الاسم نسبة إلى تل أثري قريب منها ويعود تاريخها إلى 1920، تبعد عن الرقة بنحو 100 كلم شمالاً، وفي عام 2011 بلغ عدد سكانها نحو 20 ألفاً، حيث يعيش فيها العرب ويشكلون غالبية السكان إلى جانب الأكراد والأرمن والتركمان جنباً إلى جنب.
وتوالت جهات عسكرية عدة في التناوب على سيطرتها حتى تمكنت «وحدات حماية الشعب» الكردية العماد العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل من الجيش السوري الحر في شهر يونيو (حزيران) 2015، من السيطرة عليها بدعم من طيران التحالف الدولي.

– الحسكة
تقع جميع المدن والبلدات الكردية التابعة لهذه المحافظة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، على الحدود التركية الجنوبية وتحاذي الشريط الحدودي وتفصلها كتل خرسانية لتشكل جدارا عازلا، تبدأ من مدينة رأس العين أو «سري كانيه» بحسب تسمية سكانها الأكراد، مروراً بالدرباسية وعامودا والقامشلي وترباسبية وجل أغا وكركي لكي ورميلان، تنتهي عند مدينة ديريك المحاذية للحدود العراقية والتركية لتشكل مثلثاً حدودياً.
غير أنّ النظام السوري يحتفظ بـ«مربعين أمنيين» في مدينتي الحسكة والقامشلي اللتين تقعان ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، كما تشهد هذه المنطقة الحدودية توتراً متصاعداً بعد تهديد أنقرة بشن هجوم عسكري؛ على غرار الهجوم الواسع على مدينة عفرين الكردية بشهر مارس (آذار) العام الماضي وتمكنت بالتحالف مع فصائل سورية مسلحة وجهات إسلامية من السيطرة عليها.

– منبج
تتبع مدينة حلب شمال سوريا وتبعد عنها نحو 80 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي، كما تبعد 30 كيلومتراً فقط عن الحدود التركيّة. خرجت عن سيطرة النظام في شهر يوليو 2012، بعد أن حررتها فصائل من الجيش السوري الحر آنذاك، لتخضع صيف 2014 لسيطرة عناصر تنظيم «داعش»؛ لكن «قوات سوريا الديمقراطية» وبدعم من التحالف الدولي، تمكنوا من انتزاع منبج في 15 أغسطس (آب) 2016، وطرد عناصر التنظيم، بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من شهرين.
وتقع منبج على الطريق الدولي السريع، حيث تربط مدينة حلب بالمحافظات الشرقية؛ الرقة ودير الزور والحسكة، وتعد هذه المدينة ملتقى ثلاث مناطق نفوذ منفصلة للروس والأتراك والأميركيين، كما تضم قواعد ومقرات عسكرية لقوات التحالف لا سيما الأميركية، بلغ عدد سكانها عام 2004 نحو مائة ألف نسمة، وبعد 2011 ارتفع العدد لكونها أصبحت ملاذاً آمناً للنازحين ويقدر عددها اليوم بنحو 600 ألف شخص، يشكل العرب السنة أغلبية السكان إلى جانب الأكراد والتركمان والشركس والأرمن.

الشرق الأوسط ٤ آب/ اغسطس ٢٠١٩

 

قد يعجبك ايضا