منحة قطرية لمئة طالب سوري في السوربون والمتخرجون أقل من عشرين: من المسؤول؟!

جسر: باريس:

بمبادرة من أميرها تبنت دولة قطر في أيلول عام 2015 تعليم مئة طالب سوري من اللاجئين في فرنسا في جميع التخصصات المتاحة في جامعة السوربون بانتيون “باريس ١”،  ابتداء من تعلم اللغة الفرنسية إلى دخول الجامعة والحصول على الشهادة.

وبناء على المبادرة، أخذت الدوحة على عاتقها دفع تكاليف تكاليف إيواء الطلبة وجميع حاجياتهم اليومية، مقابل دفع مبلغ ٦٠٠ ألف يورو سنوياً لجامعة السوربون، وبالمقابل تختار الجامعة الطلاب الذين ستستضيفهم، وفقا لمعايير تعليمية “بيداغوجية” دقيقة، كمستوى التعليم  السابق للطلبة ومستواهم في اللغة الفرنسية.

وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من بدء العمل بالمنحة، استطلعت “جسر” ما آلت إليه، ليتبين أنها لم تحقق سوى جزء ضئيل من اهدافها، رغم أن الطرف المانح قدم من جهته المبالغ التي تكفل بها، الأمر الذي انعكس على حياة ومستقبل عدد كبير من الطلبة الذين انخرطوا في هذه المنحة، واحباطهم الشديد بعد أن بنوا آمال كبيرة عليها، لترميميم ما دمر من حياتهم، واستئناف مسيرتهم التعليمية والعملية بعد تجربة الحرب واللجوء القاسية.

وننوه هنا بأن جسر التي جمعت الكثير من المعطيات عن هذه القضية، لم تستطع اكمالها، لتعذر وصولها إلى وثائق الجانب الفرنسي، خاصة جامعة السوربون، والذي سيتم تقصي موقفه لاحقاً من طريق إحدى المؤسسات الإعلامية الفرنسية.

صعوبات امتحان اللغة

تقول الطالبة “و.ش” : “تم قبول طلبي للعام الدراسي ٢٠١٧، وهي آخر دورة للمنحة، ولم أدخل الجامعة مباشرة نظرأ لحاجتي لدروس في اللغة الفرنسية، وتم تقسيمنا إلى مجموعتين مجموعة تدرس المستوى الأول والثاني في اللغة الفرنسية ومجموعة أخرى تدرس المستوى الثاني والثالث، وكنت من المجموعة الثانية، ولكن فوجئنا قبيل موعد الامتحان بعدة أشهر بتلقي رسائل بريدية تفيد بأنه علينا تجاوز امتحان اللغة في المستوى الرابع بالإضافة إلى النجاح بمواد الاقتصاد والحقوق والعلوم سياسية كي نتمكن من دخول الجامعة، صدمنا بذلك فكيف لنا ونحن لم نكمل حتى المستوى الثالث من اللغة أن نتقدم لامتحان يتضمن معلومات عن المستوى الرابع؟”.

حصلت “و.ش” ورفاقها على دروس مكثفة قبيل الامتحان للتقوية، وخلال ذلك تلقى الطلبة رسائل تؤكد عدم إمكانية دخول الجامعة ما لم يتم النجاح بكافة المواد، تقول “و.ش” “كانوا يطلبون منا المستحيل دون أدني مراعاة لظروفنا كلاجئين، ومستوانا غير الجيد في اللغة الفرنسية، أضعت عاماً من عمري رغم أني كنت متحمسة وكلي أمل بدخول جامعة السوربون”.

مشاكل في السكن

ووفقا للمنحة فهي تشمل تأمين السكن للطلاب، وهذا ما لم تحصل عليه “و.ش” فقضت عامها كاملاً وهي تتنقل من منزل إلى آخر من أجل الدراسة، تقول” كنت ألح في رسائلي لإدارة الجامعة للحصول على حقي في السكن، إلى أن استدعتني الإدارة، وأعملوني أني لا استطيع الحصول على سكن كوني لاجئة، واحصل على مساعدة يحصل عليها اللاجئون وتقدر ب ٤٨٠ يورو إضافة إلى حصولي على ٣٥٠ كمساعدة للطالب وبالتالي هذا المبلغ يمكنني من استئجار منزل بشكل خاص، والكل يعلم القوانين في فرنسا، فاستئجار منزل يحتاج إلى كفيل بمرتب عال فضلاً عن عقد عمل مصرح به، وهذا مالم يكن متوفراً لدى، إضافة إلى أنه من حقي الحصول على سكن كوني مقبولة في المنحة، رغم أن إحدى الطالبات ولم تكن سورية،(من ليبيا) حصلت على سكنين، رغم أننا قدمنا طلباتنا بنفس الوقت، فعلى أي أساس تم توزيع السكن؟”.

تحصيل الحقوق بالإلحاح

و قد ذكر الطالب “ي.س” أنه رغم قبوله في المنحة القطرية في جامعة السوربون في شهر أيلول ٢٠١٦ فإنه لم يحصل على سكن أو راتب، فإدارة الجامعة قالت له إن المنحة القطرية تنحصر في الإعفاء من رسوم التسجيل الجامعي -و هي رسوم رمزية لا تتجاوز ٣٠٠ يورو سنوياً – رغم أن هذا الإعفاء هو تحصيل حاصل بالنسبة للاجئين في فرنسا، و بعد إلحاحه تم منحه ٢٠٠ يورو شهريا، و عندما أصر على طلب السكن، تم توجيهه إلى جمعية فرنسية مستقلة عن الجامعة تستضيف اللاجئين لدى العوائل الفرنسية خلال فترة يتم تحديدها بالاتفاق مع هذه العوائل، ويتساءل “لماذا استفاد طلبة من المنحة القطرية الكاملة التي تتضمن السكن الطلابي إضافة إلى الراتب الشهري، و ترك اخرين تحت رحمة الجمعيات الفرنسية؟”.

بلا جواب

تساؤلات كثيرة تطرح حول القضية، فالمنحة كانت مخصصة لمئة طالب سوري وتم توقيع العقد في شهر أيلول عام 2015 من قبل الدكتور فيليب بوتغي، وفي البداية تم استقبال أول دفعة في شهر 10 عام 2015 و الدفعة الثانية تم قبولها في شهر كانون الثاني 2016 ، ووصل العدد الإجمالي للطلبة السوريين المقبولين نحو 80 طالب في العام الأول، من اصل ١١١ إعلن عن قبولهم في المنحة، بينهم  طلاب من السعودية وأفغانستان و روسيا و الهند ومصر والعراق و جنسيات افريقية، علماً أن المنحة مخصصة للطلاب السوريين تحديداً، ولدى سؤال الطلاب عن هذا الخرق، لم يتلقوا أي اجابة مقنعة.

وأيضا إذا كان تعلم اللغة الفرنسية يحتاج لعام واحد أو أقل، فعلى أي أساس تحدد المنحة بثلاث سنوات؟ فبحسب نظام التعليم في فرنسا يحتاج البكالوريوس إلى ثلاثة سنوات لتحصيله، فهل هذا يعني أن الطالب سيدرس سنتين ثم يكمل دراسته على حسابه الشخصي؟، علما أن النائب العام القطري عند لقائه بالطلبة في شهر آذار من عام ٢٠١٦ أكد على أن قطر ستتكفل بكامل مصاريف دراستهم حتى تخرجهم بل أنها ستساعدعم على إيجاد عمل لهم ، وماهو الدبلوم الذي منحته الجامعة للطلاب خلال عامين؟ وهل يؤهلهم بالفعل للدخول في سوق العمل؟

موقع  letudiant.frالفرنسي قد وجه سؤالاً لإدارة الجامعة هو: لماذا جامعة باريس 1 (باثيون) تحتاج لـ 600 ألف يورو من أجل تعليم ١١١ طالب بينما نجحت جامعة ستراسبورغ في تدريس 75 لاجئاً دروس اللغة الفرنسية خلال سنة كاملة بتكلفة 45 ألف يورو فقط؟

وكان رد الجامعة يومها أن 100 ألف يورو من المبالغ التي دفعتها قطر خصصت لتغطية تعليم اللغة الفرنسية ومساعدة الطلبة و250 ألف يورو للسكن و250 ألف يورو للمنح والتأمين الصحي، فإذا كانت شكاوى الطلاب تتركز حول تقطع المساعدة المادية وعدم تأمين السكن فأين ذهبت تلك الأموال؟

يحوز أحد الطلاب الذين انخرطوا في المنحة بداية، وهو  (ج.ق) كما كبيراً من الوثائق، ولديه عدد أكبر من الاسئلة التي تحتاج إلى أجوبة من طرف جامعة السوربون ١،  حول هذه القضية، وخلاصة مالديه تقول : إن الطلاب المئة الذين تكفلت دولة قطر بتدريسهم وقدمت الاموال اللازمة لذلك، لم يتخرج منهم أكثر من ٢٠ طالباً، معظمهم بشهادات لا تتيح لهم الدخول في سوق العمل، وإن المبلغ الاجمالي الذي قدمته قطر ويبلغ مليوني يورو، لم ينفق الجامعة منه على الطلبة المستفيدين أكثر من ٤٠٠ ألف يورو،  منها ٢٠٠ ألف يورو في السنة الأولى، استفادوا منها أيضاً طلبة غير سوريين،  وفي السنة الثانية التي تم تحويل معظم الطلاب فيها إلى منحة الكروس(منحة من وزارة التعليم العالي الفرنسية تقدم حسب الحاجة الاجتماعية للطلبة دون الـ٢٨ عام)، فتناقصت المصاريف الفعلية من المنحة إلى أقل من مئة ألف يورو، وهو الحال في السنة الثالثة أيضاً.

وينهي الطالب القصة بالقول:”في حفل تخرج هؤلاء الطلاب، الذي اقيم بحضور النائب العام القطري، ورئيس جامعة السوربون، وغطاه الاعلام القطري بكثافة، لا يظهر من هؤلاء المئة، سوى طالبة سورية واحدة، في مشهد يتناقض كلياً مع الصور التي التقطت في حفل أقيم بعيد انطلاق المشروع وحضره المسؤولين ذاتهم، مع عشرات الشابات والشبان السوريين المتحمسين لإكمال تعليمهم العالي”.

حديث الصورة:

الصورة ١: الطلبة السوريون لدى قبولهم في المنحة 

الصورة ٢: الطلبة مع النائب العام القطري وإدارة الجامعة في حفل اقيم بمناسبة انطلاق العمل بالمنحة

صورة ٣: النائب العام القطري يستمع لأحد الطلبة السوريين في حفل انطلاق مشروع المنحة

الصورة٤: الطالبة السورية الوحيدة في حفل التخرج كما بدت في الإعلام  الرسمي القطري  

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا