المعتقدات والسلوكيات الجنسيّة لسوريّات في الملجأ الأوربيّ


تقول الأبحاث السوسيولوجية، إن الحالة المعاصرة، لحقوق النساء، ووعيهن الذاتي بحريتهن الجنسية على نحو خاص، ليس ثمرة التنوير، بل الحرب!

ولأن المجتمع السوري مرّ ولا يزال، بالحرب الأعنف في القرن الحادي والعشرين، فإنّ المسألة “الجنسيّة” لا بد وأن تكون قد شهدت تغيرات ما، سواء في الأفكار والمعتقدات، أو في السلوكيات والممارسات.

صحيفة “جسر”، تقصت هذه القضية، التي تتعامل معها المجتمعات السورية، مثل كل المجتمعات المشرقية، كواحدة من القضايا “المسكوت عنها”، وتضرب صفحاً عن مقاربتها أو مناقشتها، عبر إضفاء شكل من “القداسة” عليها، أو حتى التجاهل وادعاء عدم الإكتراث، رغم خطورتها وأهميتها الشديدة، وذلك تحاشياً لمواجهة أسئلتها الحرجة، التي يمكنها أن تعصف بأسس “الإجتماع التقليدي” الذي تركن إليه منذ مئات السنين.

في هذا الجزء ستتناول “جسر” حالة الفتيات والنساء اللواتي لجأن إلى أوربا،  ونود أن ننوه هنا، إلى أن الحالات التي   اخترنا عرضها، من بين عشرات الحالات التي قابلناها، تمثل كل واحدة منهن “فئة”، لا نستطيع تحديد حجمها لعدم توفر الاحصاءات اللازمة.

أسهل من شربة ماء

“كنت أجلس في حديقة أراقب الناس يرتدون ما يحلو لهم، ويتصرفون بتلقائية وببساطة، فسألت نفسي: ما الذي يمنعني من العيش مثلهم؟ مددت يدي إلى حجابي وبدأت بنزعه، شعرت بالخفّة والانطلاق، وأزحت جانباً اثنتي عشرة سنة من الخوف بأن أصيب الآخرين بالفتنة، والرعب من أن يظنني الرجال فتاة سهلة المنال فيعتدون علي”.

تبلغ رشا إحدى وثلاثين ربيعاً، قدمت من حلب إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات، واستقرت وسكنت في استديو مستقل في إحدى مدنها. تصف بيئتها الاجتماعية الأصلية بالمنفتحة نوعاً ما، فهي وجميع إخوتها وأخواتها ارتادوا الجامعة، لكنها كانت ترتدي الحجاب منذ بلوغها السادسة عشر من العمر، بقرار ذاتي، بعد أن اقتنعت في تلك السن المبكرة “أن الشاب يتحرش بالفتاة السافرة، لأنها تعطيه بسفورها الموافقة على ذلك”، وبأن “الحلوى المكشوفة تجلب الذباب” على حد تعبير المثل الشائع في حلب. بعد أسابيع من وصولها إلى ألمانيا، تقول رشا “لم أعد تشعر بالخوف، وأن بإمكاني أن أبدو جميلة دون أن أخشى الاعتداء، أو ازدراء المجتمع، أو نظرات الناس، كما كان يسميها أهلي، وبدا لي كلامهم شيئاً سخيفاً، ورعبنا منه ليس له أي تبرير، فاتهام الفتاة أبسط من شربة ماء بالنسبة لمجتمعاتنا، فلماذا لا نتعامل معه نحن بالطريقة ذاتها؟: أبسط من شربة ماء..”.

فتاة جميلة تعيش وحدها

تضيف بثقة”ليقولوا ما يشاؤون”،  لكنها تتذكر خوفها من مجتمع اللاجئين، عندما نزعت الحجاب أول مرة، فقد تعرفوا  عليها كمحجبة، وبعضهم يعرفها في حلب محجبة، والكثيرون ساعدوها انطلاقاً من تقديرهم لذلك، وامتدحوا “التزامها”، وحثوها على التمسك به في هذا البلد “الغريب”، خاصة أنها “فتاة جميلة تعيش وحدها”، وحذروها من “الضياع”.

تقول “خفت في البداية، ورحت أسلك طرقاً ملتوية كي أتحاشى السوريين اللاجئين ونظراتهم، كان الخوف الذي تملكني لثلاثين عاماً مايزال قوياً، إنه يعشعش في أعماقي، شعرت بأنه جزء مني، وبأني يجب أن أتخلص منه، وفي لحظة شجاعة واحدة، تغلبت عليه إلى الأبد، وواجهت من حولي بثقة: نعم أنا نزعت الحجاب إلى الأبد، فقطعة القماش تلك لم تحمني ولن تحميني ابداً”.

التحدي الأخطر: الجنس

بعد تجاوزها عقبة “نظرات الناس” بعد نزع الحجاب بنجاح، تقول رشا أنها بدأت تتطلع إلى مزيد من الانعتاق، وسألت نفسها “هل تحررت فعلاً من العقد التي أورثني إياها المجتمع الذي ولدت فيه؟”، وبدأت تفكر جدياً في تجاوز التحدي الأخطر، وهو التخلص من غشاء البكارة، الذي طالما سمعت حكايات مفزعة حول خطورة التفريط به، ودوره في تحديد ليس سمعة الفتاة فحسب، بل مجمل مسارها في الحياة.

تقول “لم أفكر كثيراً، قررت أن هذا الشيء لا يمكن أن يمثل كل مصيري، ولا يمكن أن تكون مكانتي في الحياة مرتبطة به، وأنني يمكن أن أكون شخصاً ذا قيمة وأهمية بدونه، وإذا كان هو ما سيحدد مكانتي في المجتمع، فإنني أتخلى عنه وعن تلك المكانة، وعن ذلك المجتمع الذي يراني بهذه الصورة”.

ولدى سؤالنا لها عما إذا كان القرار اتخذ لهذه الأسباب العقلية والنفسية، أجابت بارتياح “بالطبع لا.. أنا بلغت الثلاثين من العمر، ودخلت الجامعة، وعملت وتعرفت على عشرات الشبان، لكنني لم اجرؤ يوماً على تبادل قبلة مع أحدهم، ناهيك عن أي ممارسة جنسية أخرى، كنت بحاجة فعلية للجنس، مثلي مثل كل البشر، ومنذ أن كنت في حلب كنت ألجأ إلى الأفلام الإباحية، والعادة السرية، دون أن أعرف شيئاً عن الجنس الواقعي”. لكنها لم تستعجل الأمور، تقول إنها كانت تستطيع الذهاب إلى أي ملهى من التي “يتلاقى فيها طالبو ليلة عابرة لينتهي كل شيء، مثلما تفعل أي فتاة ألمانية أو غربية”. هي تعتقد رغم كل شيء أنها ليست غربية على أي حال “أنا شرقية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن أقمع وأن تكبت رغباتي، نعم أردت ان أتحرر من العقد الجنسية، ولكن بطريقة تلائمني، وهكذا انتظرت لسنة ونصف بعد اتخاذ قراري بممارسة الجنس دون زواج، إلى ان التقيت بشاب سوري أحببته وأحبني، وفعلت هذا الأمر معه دون أي تعقيدات”.

أحببت جسدي..

وعما مثله هذا بالنسبة لها، قالت “دخلت إلى عالم جديد، وعدت أحب نفسي وجسدي.. فأنا بالفعل تربيت وفي رأسي عبارة تقول إن على الفتاة ألا تنظر إلى جسدها في المرآة، لأنه فتنة لها أيضاً”، أما بالنسبة لما يمكن أن يترتب على شريكها جراء هذا أجابت “أيضا لا شيء.. هو لم يفعل شيئاً رغماً عني، على العكس، كان متردداً ومرتبكاً، ويتهيب فعل ذلك، مثل أي شرقي كما أظن، فأخبرته بأنه غير مسؤول عن أية عقابيل تترتب على ما تخليصي من هذا القيد السخيف، وأن بوسعنا أن نفترق منذ الغد إذا شاء”.

أود اخبار عائلتي ولكن..

لا يعلم أهل رشا في سوريا بما حصل، وإن كانت ترغب بإخبار اختيها بذلك فـ”الجميع في بلادنا يعيشون ضمن تابهوات، وفي حالة نفاق وانكار ليس لها أي معنى”. تدرس رشا اليوم في جامعة بألمانيا، وهي مستمرة في علاقتها بالشاب، لكنهما لم يناقشا مسألة الزواج، وتقول أنها سعيدة بهذه التجربة، وأنها تواصل بنجاح دراساتها العليا، وتتوقع أن تنجح في عملها مستقبلاً، وهذا هو الأهم بالنسبة لمسارها في الحياة كما تقول.

 

شرب فنجان القهوة مع شاب نوع من جنس وهو حرام!

بلغت فاطمة الـ(٢٢) ربيعاً منذ شهر، وكانت قد وصلت إلى فرنسا في سنة ٢٠١٥، برفقة أمها وأختها الصغيرة وأخيها، وكان والدها قد قتل قنصاً على يد قوات نظام الأسد في حي الشاغور سنة ٢٠١٣.

فاطمة تعتبر العلاقة مع شاب “حرام”، ومرفوضة، سواء كانت شرب فنجان قهوة معه، أو ممارسة الجنس الحقيقي، “هكذا أخبرني أهلي، وهكذا يقول المجتمع، وهذا ما أعتقد به أيضاً”، لكن فاطمة نزعت الحجاب منذ نحو سنة “الحجاب وجد كي لا تلفت المرأة نظر الرجال، وتثير شهواتهم، في هذه البلاد المرأة المحجبة ملفتة للنظر أكثر من غيرها، ويقولون أنها تثيرهم أكثر لكونها مختلفة، كما أنني أبحث عن عمل، ولا يمكنني الحصول عليه هنا وأنا بحجاب، لذلك خلعته بعد أن شاورت والدتي في ذلك”.

وتتذمر من قدرها الذي أوصلها إلى فرنسا، فهي لو لجأت إلى “السويد أو ألمانيا، لاستطاعت أن تحصل على عمل، وأن تكمل دراستها، دون أن تضطر لخلع الحجاب” فهي ترى تلك البلاد أقل تشدداً مع المحجبات.

تجربتين مع الجنس الآخر

تقول فاطمة إنها مرت بتجربتين مع الجنس الآخر، الأولى في دمشق، بعيد مقتل والدها، إذ كانت تبحث عن رجل يستطيع ان يشعرها بالحماية والأمان بعد فقد الأب، فتعرفت على شاب من الحي الذي تقطن فيه، وراحت تتردد معه إلى مقاه في العاصمة، ويشربان أحياناً العصير سوياً. هل هذا كل شيء؟ نسأل الفتاة التي تعيش في باريس منذ أربع سنوات فتجيب “لا بالطبع.. ما أن يكون شاب مع فتاة حتى توسوس له نفسه بذلك الشيء، كان أحياناً يمسك بيدي ليشعرني بالتضامن، لكنني لم اشعر بأي شيء غريب، إلى أن جاول ذات مرة أن يقبلني فضربته على فمه، ولم يجرب المحاولة مرة أخرى، وأفهمته بطريقة حازمة أن أي صلة جسدية يجب أن ترتبط بخطبة بداية، ومن ثم زواج”.

لكن الظروف أجبرت عائلتها على السفر إلى الأردن، استمرت علاقتها بالشاب الكترونياً، وما لبثت أن انتهت، وبانتقالها إلى فرنسا بدأت حياتها من جديد، فتعرفت على شاب سوري لاجئ بعد انفصالها عن عائلتها للدراسة، تقول إنه دعاها إلى مقاه عدة مرات، تشعر معه ببعض الأمان، لكنها في النهاية تخشى “تحرره الزائد”، فهو يشرب الكحول، بينما تواظب هي على أداء الصلوات الخمس في وقتها، وتحرص على صلاة الفجر قدر المستطاع.

 

تفعل ما يحلو لها

تنظر فاطمة إلى عذريتها كشيء ثمين وغال، لا يمنح لأي إنسان إلا إن كان زوجاً يقنع قلبها وعقلها، ولأن ليس لديها ما تقوله بخصوص هذا السؤال، فإنها تستشهد بحكايات من تعرفهن لتقول رأيها.

حدثتنا عن صديقتها اللاجئة تصغرها بسنة واحدة، وهي من مدينة درعا، وكانت محجبة أيضا قبل اللجوء، والتي تزوجت لمدة ثلاثة أشهر، لتحصل على لقب مطلقة فقط، فهي لا تحب من تزوجها، ولكنها تريد أن تنهي موضوع العذرية بطريقة لائقة أمام عائلتها التي لجأت إلى فرنسا أيضاً، وهدفها من ذلك إقامة العلاقات الجنسية دون قلق فيما بعد.

تعيش صديقتها وحيدة الآن، وتتابع الدراسة في إحدى الجامعات، وعندما سألنا فاطمة عما إذا كانت تلك الفتاة سعيدة فوجئنا بإجابتها “طبعا هي سعيدة.. إنها تفعل ما يحلو لها”.

كل شيء ممكن.. إذا توفرت المشاعر

دارين وهي شابة ثلاثنية من القامشلي، ارتدت الحجاب عندما كانت في سوريا بسبب ضغوط المجتمع ولحماية نفسها من تحرشات الشباب، ولم تجد صعوبة في خلعه في هولندا حسب قولها، لأنها لم تكن مقتنعة بارتدائه، وتصف عائلتها بـ“المتحررة” ولم يتغير نمط العيش في هولندا عما كان عليه في سوريا، تقول دارين “حصلت في سورية على الحد الأقصى من الحرية، وحالياً في هولندا أعيش بالطريقة نفسها، ورغم أني أعيش مع أهلي، إلا أنهم يحترمون خصوصيتي، وليس من الضروري مشاركتهم بقراراتي الشخصية، وجل تركيزي ينصب على الحياة الدراسية والعملية، فهذه أولوياتي في المرحلة الحالية”. ولا تعتبر دارين أن تغييراً طرأ على نظرتها للعلاقة الجنسية بين سورية وهولندا، تقول “الموضوع حرية شخصية لا أكثر، في سورية كنت محكومة بعادات وتقاليد وقوانين اجتماعية، أما هنا لست مضطرة إلى مداراة أحد، إلا أني أربط الموضوع الجنسي بالمشاعر والعاطفة، فلا يمكن أن أدخل هكذا تجربة بدون عواطف، وليس لدي أي مشكلة الآن في الدخول بعلاقة من هذا النوع، إلا أني لم أعثر على الشخص المناسب حتى الآن”.

لا زالت دارين عذراء، لكنها لا تجد أي مشكلة في ذلك، ولا تعاني من أي ضغط نفسي أو جسدي جراء عذريتها، وتقول أن فقدانها غير مرتبط لديها بالزواج أو الخطبة أو غيره، بل يرتبط بمشاعرها نحو الشريك فقط.

لينا.. خطوة إلى الوراء

تبلغ لينا من العمر ٣٧ عاماً كانت تعيش في حلب وهي من مدينة حمص، انفصلت عن زوجها وهي في الرابعة والعشرين، بعد إنجاب طفلة، ودخلت لينا في علاقات عديدة هناك، كانت غايتها في البداية البحث عن زوج جديد مناسب، لكنها مع مرور الوقت اكتفت بالجنس فحسب، وفق تعبيرها، وتعدد شركائها حتى أنها تجهل عددهم.

تقول بأنها عاشت السنوات العشر التي أعقبت طلاقها “بالطول والعرض”، فقد كانت مستقلة، وتعمل في وظيفة جيدة، كما ان أحوال طليقها ممتازة وهو ينفق بسخاء على ابنتهما التي تعيش معها، وتضيف أنها كانت تجد ألف طريقة وطريقة للتحايل على الرقابة الاجتماعية الصارمة التي تفرض على المطلقة في مدينة محافظة مثل حلب، وأنها لم تفكر كثيراً بالارتباط ممن أقامت معهم علاقات، وكانت دائماً الطرف “الحرّ” في العلاقات، الأمر الذي كان يجعل من تصاحبه أكثر تعلقاً بها، وكانت تستطيع أن تفرض الزواج على أحدهم، خاصة عندما يحدث حمل منه، وهو أمر تكرر كثيراً، ولجات إلى الإجهاض بدلاً عن الزواج، فهي كانت تفضل استطلاع مزيد من الخيارات، الكثيرة والمتاحة. لكن الامور تغيرت جذرياً مع الثورة، تقول لينا “من الطبيعي أن تنخرط امرأة تمارس حياتها الخاصة بشكل حر، لكن بكتمان شديد، في ثورة عامة، التمرد هنا يصبح أوضح ويمكن التعبير عنه برفض السلطة العليا التي تستمد منها السلطات الاجتماعية قدرتها على القمع، ولا أدري لماذا وقعت في الحب في أيام عملي لصالح الثوار”.

كانت للينا علاقات ضمن الوسطين الثقافي والسياسي، لكنها علاقات “اجتماعية”، كما تصفها، وفي مرحلة العمل مع الثوار، تعرفت على شاب من شباب الثورة، ودخلت في علاقة معلنة معه “دون زواج”، كانت هذه المرة الأولى التي تتخذ علاقاتها هذا الشكل الجرئ بحسب تعبيرها، لكن نشاطها في دعم الثورة سرعان ما انكشف، فاضطرت لترك منزلها الواقع في إحدى مناطق سيطرة النظام، وانتقلت لحي آخر مع “رفيقها” وابنتها، ثم اضطرت لمغادرة حلب إلى تركيا.

تقول “في تركيا شعرت بتململ رفيقي، ورغبته بالعودة إلى سوريا، فطلبت منه أن نرتبط بشكل رسمي، على أمل أن يمنح ذلك علاقتنا بعض الاستقرار، لكن مفعوله كان عكسياً، تزوجني، لكنه عاد مباشرة إلى المناطق المحررة، وبعد أشهر من غيابه غير المفهوم بالنسبة لي، طلبت أن ننفصل، وعدت للبحث عن شريك جديد، ووجدته بالفعل، عشنا نحو سنة في مدينة عينتاب التركية، التي تحولت حينها إلى حلب أخرى، لكن الناس فيها أكثر تزمتاً ومحافظة من حلب ذاتها، وكنت وإياه نشعر بضغط نظرات الناس علينا، رغم أن علاقتي به كانت شبه سريّة، وتشبه علاقاتي ما قبل الثورة، فقررنا أن نهاجر إلى أوربا، وبالفعل انتقلنا إلى المانيا، وعدت لطلب الزواج منه، فاعترض أهله، لكوني مطلقة ولدي بنت، وبسبب تردده انفصلت عنه، بعد أن عشنا لشهرين فقط سوية في منزل واحد في إحدى المدن الألمانية”.

في أوروبا وأعيش دون جنس

اعتقدت لينا أنها إما أن تجد غربياً يتفهمها، أو رجلاً شرقياً غيرته الحياة في الخارج، إلا أن أولى تجاربها مع رجل تونسي الأصل كانت مخيبة لآمالها، فبينما كان لطيفاً في تقربه منها، حتى ظنت أنها وجدت الرجل المطلوب، إلا أنه راح يصبح فظاً يوماً بعد آخر، وفي أحد لقاءاته بها في مقهى، راح يداعب ركبتها بطريقة منفرة، قبل أن تعطيه أي إشارة لاستعدادها للدخول في علاقة، فبدأت تتحفظ في علاقتها به، بينما هو يزداد فظاظة، حتى صارت تصرفاته معها أشبه بالتحرش.

وضعت حداً لتلك العلاقة، وراحت تبحث عن علاقة جديدة في مضمار آخر، بين الاوربيين هذه المرة، تقول “قررت أخذ المبادرة، والتقرب من رجل أوروبي، بما أنهم لا يتقربون مني من تلقاء أنفسهم، كانت هذه هي المرة الأولى التي أبادر فيها نحو رجل في حياتي، كان رجلا ايرلندياً يدرس اللغة المانية معي، رحت أتودد إليه بتقديم القهوة أو المرطبات في الفسحات بين الدروس، وبادلني الاهتمام والودّ، لم أكن أفهم كل ما يقوله، ولم أكن استطيع التعبير عن نفسي ورغباتي بشكل صريح أو جيد، وبدا أن الامور بيننا يمكن أن تستمر دهراً على هذا النحو، فقررت اتخاذ خطوة جريئة، وكتبت رقمي على ورقة وأعطيته إياها قائلة: اتصل بي عندما تكون متفرغاً، صدم الرجل، ونظر إلى باستغراب واستنكار، متسائلاً عن معنى هذا، ارتبكت، لكنني تمالكت نفسي وقلت له إن المدرسة قالت لنا أننا يجب أن نستخدم اللغة الجديدة خارج الصف، وأن نتشارك المواضيع مع زملائنا إذا ما أردنا أن نتقدم، وانت الوحيد هنا الذي يمكنني ان أتبادل معه الحديث على فنجان قهوة مثلاً، أجاب ببرود: حسناً لقد فهمت الآن ما تقصدينه، وأخذ الورقة عندئذ فقط، لكن ها قد مضى أكثر من شهرين ولم يتصل بي، كما أن علاقتنا أصابها الفتور بسبب خجلي مما فعلت”.

تقيم لينا منذ عام ونصف في بلاد الحريات، إلا أنها لم تقم بأية علاقة جنسية، رغم أنها كانت تفعل ذلك “مرة في الأسبوع على الأقل، عندما كنت في حلب”. 

لا أخشى أي تجربة جنسيّة

وصلت رولا إلى السويد سنة ٢٠١٥، مع خطيبها الذي تعرفت عليه في بيروت، لكنهما انفصلا بعد عام، تقول “الحياة الجنسية في السويد حرة أكثر بكثير من سورية، هناك كان لدي خوف مستمر على غشاء البكارة، لم اندم على قدومي إلى أوروبا أبداً، لقد تعلمت الكثير، والآن اعمل على وضعي المهني جيد، ولا أفكر بالعودة إلى دمشق ابداً”.

رولا غادرت دمشق متوجهة إلى بيروت لدراسة الإخراج السينمائي، وهناك تعرفت على خطيبها السابق، وفقدت عذريتها في علاقة معه، بعد عدة علاقات أقامتها في وقت سابق لم تكتمل جنسياً مع آخرين، عمرها الآن ٢٩ سنة، وتقول أن أصدقاءها جميعاً يعرفون أنها لم تعد عذراء منذ سنوات، وقد حملت وأجهضت مرتين، ولا تشعر إزاء ذلك بأي تانيب ضمير، فوقت الأولاد لم يحن بعد على حد تعبيرها. ت

عمل الآن في المسرح، ومؤخراً اكتشفت ميلها للنساء بنفس مقدار انجذابها للرجال، وهي تتنقل بينهما، فهي لم “تحدد مسارها الجنسي” بعد، وتعتقد أنها بلغت مرحلة النضج الجنسي، فهي لا تخشى تجربة أي علاقة، سواء مع رجل أو امراة، وسواء مع شخص واحد في جلسات جنس جماعي، والمهم بالنسبة لها أن تتوفر لديها الرغبة والاثارة لفعل ذلك. وتختم قائلة بهدوء “لا أندم على شيء أبداً.. بالعكس، أنا ممتنة لهذه التجربة، التي أغنت حياتي على نحو لم أتخيله  يوماً”.

 

 

قد يعجبك ايضا