“هآرتس”: صراع مسلح قد يندلع جنوبي سوريا بمشاركة إسرائيل

جسر – متابعات

قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في تقرير نشرته أمس الجمعة، عن احتمال اندلاع صراع مسلح من نوع جديد جنوبي سوريا قد تجد إسرائيل نفسها طرفا فيه في وقت قريب، وذلك في ظل تزايد النفوذ الإيراني وتجارة المخدرات.

وتحدثت الصحيفة عن أوضاع الدروز، الذين يشكلون غالبية السكان في مدينة السويداء القريبة من هضبة الجولان، وكيف أنهم ظلوا بعيدين الى حد ما عن الصراع الدائر حاليا في سوريا.

ووفق ما ورد في التقرير، شكلت مدينة السويداء استثناء طيلة سنوات النزاع، إذ تمكن دروز سوريا الذين يشكلون ثلاثة في المئة من السكان، إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته، فلم يحمل دروز سوريا إجمالا السلاح ضد دمشق ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، بينما غضت دمشق النظر عنهم رغم محاولاتها المتكررة لجرهم إلى جانبها.

لكن هذا كله قد يتغير قريبا، وفقا للصحيفة، التي تشير إلى أن السويداء ودرعا، المدينة التي اندلعت فيها شرارة الثورة ضد النظام السوري قبل 12 عاما، لم تهدئا تماما، وفق ما نقلت قناة “الحرة”.

وفي أيار 2018، توصلت روسيا وإسرائيل إلى اتفاق تكون بموجبه روسيا مسؤولة عن إبعاد الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له، وكذلك عناصر ميليشيا حزب الله اللبناني، لنحو 85 كيلومترا على الأقل شرق الحدود مع إسرائيل، ونشر القوات السورية بدلا من ذلك على طول الحدود مع إسرائيل.

وجاء الاتفاق في أعقاب تنفيذ إسرائيل ضربات مكثفة على أهداف سورية وإيرانية، على خلفية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية، وبعدها بعدة أشهر، أعلن المبعوث الرئاسي الروسي في سوريا ألكسندر لافرنتييف أنه حصل على موافقة إيران على سحب قواتها بمسافة 85 كيلومترا من حدود إسرائيل، وقال إنه سيتم نشر القوات الروسية لمراقبة المنطقة.

وأوضحت الصحيفة أن الوعد الروسي ظل حبرا على ورق، حيث تم تحريك مواقع حزب الله شرقا، ولكن ليس للمسافة التي طلبتها إسرائيل، وتمركزت قوات إضافية تابعة للحزب وميليشيات موالية لإيران في المناطق القريبة من السويداء ودرعا، وواصلت القوات الروسية تسيير الدوريات في هذه المناطق، لكن في الوقت نفسه اتضح أن حزب الله والمليشيات الإيرانية، عززوا قواتهم وأقاموا عشرات النقاط العسكرية في محيط السويداء ودرعا.

وتلفت الصحيفة إلى أن هناك أنباء عن تخطيط إيران لإنشاء قاعدة عسكرية كبيرة تتركز فيها قواتها، بدلا من أن تتشتت في مواقع منفردة هنا وهناك.

وبحسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من السويداء، فقد وصلت بالفعل إلى هذه القاعدة قوات مدججة بأسلحة ثقيلة وصواريخ قصيرة المدى، بينما ارتدى عناصر الميليشيات الموالية لإيران ملابس مدنية لإخفاء انتمائهم العسكري.

وتقول الصحيفة إنه لم يتم التأكد من دقة هذه التقارير، لكنها أشارت إلى أن الوجود الإيراني في جنوب سوريا منخرط أيضا في أنشطة إضافية لا تقلق إسرائيل فقط، بل الأردن كذلك، مضيفة أن مصادر سورية محلية أفادت بأن الميليشيات الموالية لإيران، بالاشتراك مع قوات الجيش السوري، أنشأت معامل في المنطقة لتصنيع مادة الكبتاغون المخدرة.

ولفتت أن إنشاء هذا المعمل في جنوب سوريا يؤكد النوايا المتعلقة بتحويل الأردن إلى بلد عبور، كما يتضح من مصادرة الأردن لحوالي ستة ملايين حبة كبتاغون كانت وجهتها النهائية المفترضة دول الخليج.

وذكرت الصحيفة أن العاهل الأردني الملك عبدالله أعرب عن قلقه من هذه الخطوة للرئيس الأميركي جو بايدن عندما التقيا في مايو الماضي.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أردني القول إن “الملك حذر من أنه إذا لم تتوقف محاولات تهريب المخدرات عبر الأردن، فسيضطر الأردن إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، منها إطلاق النار على المهربين بقصد قتلهم”، مضيفة أن الأردن ناشد أيضا روسيا لإيجاد حل، وبالفعل استجابت موسكو بسرعة، وزادت من دورياتها وأقامت مواقع حراسة إضافية على طول الحدود مع الأردن.

كما تحاول روسيا الآن تجنيد مجموعات من المقاتلين الدروز من منطقة السويداء لمحاربة تهريب المخدرات، ومن أجل تحقيق ذلك، تقول الصحيفة إن موسكو طلبت من الشيخ يحيى الحجار، قائد ما يسمى قوات الشرف وهي أكبر ميليشيا درزية في المنطقة، تجنيد 1500 مقاتل في هذا الإطار، لكنه رفض عملا بمبدأ الحياد الذي اعتمده الدروز.

وأكدت “هآرتس” أن هذا الموقف لن يمنع الدروز من مكافحة تهريب المخدرات واعتقال المهربين وتسليمهم للسلطات، وبالتالي فإن هذه الخطوة قد تكون غير مجدية “لأن هؤلاء المهربين يعملون، من بين أمور أخرى، في خدمة النظام أو على الأقل في خدمة القوات الموالية لإيران في سوريا”.

وفي ظل الاختلافات في وجهات النظر بين القوات الدرزية من جهة والميليشيات الموالية لطهران والقوات الروسية والسورية من جهة ثانية، فإن تحول كل ذلك إلى مواجهة عنيفة قد تصبح فيما بعد حربا إقليمية صغيرة، ليس سوى مسألة وقت، وإسرائيل في الوقت الحالي غير معنية بهذا كله، لكن إطلاق صاروخ عرضي باتجاه أراضيها أو أي استفزاز من نوع آخر سيكون كافيا لجرها لهذا الصراع وربما حتى تبادل الضربات مع أحد الطرفين، بحسب الصحيفة.

قد يعجبك ايضا