الرقة” مدارس مغلقة و أطفال ينتظرون

هبة الحامض
تجلس وحيدة في غرفتها تظهر على وجهها علامات الحزن والألم ، تسألها أمها: ما بك ؟ فتنفجر بكاءً وتأخذ دموعها بالانهمار ، تصمت قليلاٍ ثم تقول : اشتقت لمدرستي ، كثيراً ما تكرر هذا الموقف مع ليلاس وأمها بعد انقطاعها عن المدرسة لأكثر من 6 شهور ، وحالها كحال جميع طلاب مدينة الرقة بعد أن تحررت مدينتهم وأغلقت المدارس فيها
تقول ليلاس ذات 9 سنوات:
” اشتقت للدراسة ولمعلمتي وأصدقائي ، أشعر بالملل الشديد ، كم أتمنى لو نعود للدراسة من جديد”
تضيف أنها كثيراً ما شاغبت خلال الدروس ونبهتها معلمتها :
” أتمنى لو يعود الزمن إلى الوراء ، كي أنتبه على معلمتي فالآن لم يعد هناك أي دروس ”
في حين تتحدث والدتها عما سببه انقطاعها عن المدرس من أثر على نفسيتها ووضعها التعليمي :
” ولدَ لها شعور دائم بالإحباط والملل والتذمر وبدأت أيضاً بنسيان ما تعلمته فلم تعد تميز كثيراً بين الكلمات والأحرف ”
جهود مبذولة لافتتاح المدارس
أعلن المجلس المحلي لمدينة الرقة وريف المركز أنه تم تشكيل هيئة تربوية بالتعاون مع اتحاد المعلمين الأحرار تتكفل بافتتاح 8 مدارس مبدئياً
أم علاء عضو المكتب التربوي في المجلس المحلي تقول :
“بدأنا بالعمل على موضوع المدارس قبل تشكيل الهيئة ، هيأنا المدارس ،من ترميم الزجاج و إصلاح المقاعد حتى تأمين محفظة وقرطاسية لكل طالب وتتكفل مديرية التربية بتقديم الكتب والمنهاج للطلاب ”
تكمل أم علاء :
” تم اعتماد نفس المعلمين والمدارس في حين تتكفل المديرية بتقديم الرواتب للمعلمين”
مضيفة أنه في حال تم انقطاع الرواتب فإن أفراد في المدينة قدموا دعماً لمنح الرواتب.
في حين يوجد طرف أخر يتعاون مع مديرية التربية وهم نقابة المعلمين الأحرار ،” أبو فاروق” رئيس مكتب التنظيم في نقابة المعلمين الأحرار في سوريا يتحدث عن دور النقابة في افتتاح المدارس :
” اجتمعنا مع مديرية التربية ، هي من سيفتح المدارس ونحن طرف مساعد ، فالمديرية تتكفل بالمباشرات وافتتاح المدارس ونحن نتولى الإشراف الشرعي على المدارس وصبغها بصبغة جديدة بالإضافة إلى تقديم الكتب للطلاب”
مضيفاً أن هناك مهام أخرى بخصوص المعلمين :
” نتولى تأمين منح ومساعدات مالية للمعلمين ، توفير مساعدات صحية عن طريق إنشاء صيدلية خيرية أو التعاقد مع أطباء اختصاصين بالإضافة إلى مساعدات إغاثية ”
وبخصوص هذا الموضوع صرح أحد مسؤولي مديرية التربية في مدينة الرقة :
” أعلنت وزارة التربية أنها تريد أن تتعاون لافتتاح المدارس ولكن لم تتلقي مديرية التربية أي كتاب رسمي خطي بخصوص المدارس حتى هذا التاريخ ”
المدراس والكتائب
أحد العوائق التي تقف في وجه افتتاح المدارس هو تحويلها إلى ثكنات عسكرية تقطنها فصائل مسلحة ، فحوالي 19% من مدارس المدينة مسيطر عليها من قبل تلك الفصائل.
خالد أبو خديجة عنصر من كتيبة الزبير بن عوام يتحدث عن أسباب وجود كتيبتهم في إحدى مدارس المدينة:
” نحن متواجدون في المدرسة خلال العطلة الصيفية ولا يوجد دوام حالياٌ بالإضافة إلى عدم وجود أبنية فارغة إلا المدارس لنقطن فيها لاسيما أننا أتينا من الريف ولا نملك منازل لنسكن فيها ، وفي حال بدأ الدوام سوف نغادرها على الفور”
وبالنسبة لإداري المدرسة وعلاقة الكتيبة بهم فيقول :
“يأتي الإداريون لتأمين طلبات الطلاب ونحن متعاونون معهم ونساعدهم ، ومستلزمات المدرسة موجودة كلها وفي حال حصل أي نقص فنحن من يتحمل المسؤولية ”
في حين تؤكد أم علاء أنه كان لدى المجلس المحلي في البداية تخوف من موضوع الكتائب وتقول :
“قلقنا بداية من هذا الموضوع لكن الكتائب أبدت استعدادها للتعاون معنا ومساعدتنا على إفراغ المدارس ”
في حين يقول أبو فاروق :
” أحد الصعوبات التي تواجهنا وجود كتائب في المدارس لكن النقابة تواصلت مع معظمهم وتعمل على حل هذا الموضوع”
حلول بديلة
حاول أهالي الرقة تجنيب أولادهم تجربة الفشل الدراسي بأخذ الحيطة وإيجاد حلول بديلة عن المدارس كالبدء بدورات في المعاهد الخاصة تتناول كل مراحل التعليم والتي وصل عددها في المدينة إلى ما يقارب 25 معهد
أم ليلاس في حال لم يتم افتتاح المدارس تقول :
” ممكن أن نلجئ لمعهد أو دورة خاصة أو أي شيء يعيدها لجو الدراسة ”
في حين يرى أحد الأساتذة الذين يعطون دروساً خصوصية في المعاهد أن المعهد لا يمكن أن ينوب عن المدرسة في كل الجوانب:
” يمكن أن ينوب المعهد عن المدرسة في إعطاء المنهاج لكنه يشكل عبئاً مادياً لا يتحمله إلا 10% من الطلاب ”
توافقه الرأي ” شراع ” طالبة شهادة التعليم الثانوي وتقول :
” الأهل غير قادرين على تأمين الأقساط ، والأساتذة يحاولون الضغط علينا بإعطائنا مهل والتهديد بفصلنا من المعاهد في حال لم يتم الدفع “وتضيف مشكلات أخرى :
“عدد الطلاب كبير في الصف الواحد بالإضافة إلى أن المعهد لا يتحمل مسؤولية الطلاب مما يعرض الأطفال للخطر ”
هذا هو حال الطلاب في مدينة الرقة يعيشون حالة من التخبط في هذا الواقع السوداوي يترقبون الأيام القادمة وكلهم أمل بأن تفتح المدارس ويعودون إلى حياتهم السابقة

 

قد يعجبك ايضا