انقلاب تاريخي في سوريا الأسد تقوده سيدة القصر

فيصل القاسم

أسماء الأخرس تقترب أكثر وأكثر من كرسي الرئاسة السوري، وربما، قد تكون قد قطعت أشواطاً أبعد بكثير مما نتخيل، ونعرف، وقد صارت تشرف عملياً على ترقيات وتعيينات، وتسريح كبار ضباط الجيش والشرطة والمخابرات

أسماء وبشار اﻷسد خلال زيارة إلى الهند في 2008/أ ب

جسر:مقالات:

حتى أولئك الكومبارس الذين يظهرون في المقابلات التلفزيونية بالشوارع، في سوريا الأسد، وهم يذرعون الطريق جيئة وغدواً، يتم اختيارهم بعناية فائقة من قبل الأجهزة الأمنية وغالياً ما يكونون عناصر من البوليس السري الفاشي المعروف بوحشيته وقسوته، وذلك كي لا يطرأ أي طارئ، ويحصل أي أمر خارج عن السيطرة قد يعكر مزاج علية القوم وهم يتابعون إعلام المزرعة والعشيرة والعائلة والعصابة والمافيا، أمّا إذا كان الأمر يتعلق باختيار حارس مدرسة في قرية جبلية نائية، أو تعيين خفير على بلدية في عمق البادية، أو محافظة شرقية، تبعد 1000 كم عن العاصمة، فثمة مداولات واجتماعات أمنية مغلقة بمكتب الأمن الوطني الذي يديره علي مملوك، وستشتغل عندها المراسلات المكوكية مع القصر، والقيادة القطرية، وتصدر الأوامر لسبر أجداد أجداد المعني بالأمر ومعرفة ماذا يدور بخلده وإن كان له ميول مشبوهة، أو أقارب مشاغبون، فلا شيء يجري ويتم في سوريا الأسد هكذا بالمصادفة، أو بشكل عفوي، و«على البركة» ويؤخذ بنية طيبة، كما هو حال كل شعوب وأمم الخليقة، حيث يعيش البشر حياتهم بشكل طبيعي وعفوي وعلى السليقة.

ومن هنا، فالجولة التي تمت ببروتوكولات «رئاسية» خالصة، التي قامت بها على القرى والبلدات عقب الحرائق الهائلة التي اندلعت مؤخراً بشكل منفرد من دون صحبة «الطرطور» ودعوة عشرات الآلاف من «الحماصنة» من أهالي وذوي وأقارب قتلى الجيش السوري لتوزع عليهم علبة بسكويت وزجاجة ماء من الحجم «الصغير» في إهانة وفضيحة ومذلة صعقت الحضور الموالين، ونصب صورة عملاقة للسيدة «إيما» الأخرس(وهو بالمناسبة لقبها أو اسم الدلع الإنكليزي لأسماء والذي كان الجميع يناديها بها قبل أن تصبح سيدة بشار الأسد) في قلب الملعب البلدي ظاهرة للعيان عن بعد للجميع هو رسالة بليغة جداً وفي عدة اتجاهات، داخلية وخارجية للطائفة وآل مخلوف تحديداً، وللسوريين، موالاة ومعارضة، ولـ«تريو» أستانا، ولجماعة الائتلاف، وكل من هو معني بالشأن السوري، أن هذه الامرأة النحيلة، التي تعافت من سرطان الثدي، تقترب أكثر وأكثر من كرسي الرئاسة السوري، وربما، قد تكون قد قطعت أشواطاً أبعد بكثير مما نتخيل، ونعرف، وقد صارت تشرف عملياً على ترقيات وتعيينات، وتسريح كبار ضباط الجيش والشرطة والمخابرات وأن كبار ضباط الجيش والمخابرات، وخاصة الحرس الجمهوري الذين تشرف عليهم بشكل يومي ترتعد فرائصهم من مجرد ذكر اسمها وباتوا يدينون لها بالولاء والطاعة، لاسيما أن أمر الترفيع لرتبة «اللواء» بات حصرياً بيدها، ويستذكر الجميع حادثة قريبة لعملية طرد وعزل الوزير عاطف النداف، بأوامر شخصية منها، لرفضه فكرة توزيع الخبز على البطاقة الذكية العائدة ملكيتها لآل الدباغ نجوم المافيا السورية الجدد والمالكين الحصريين للبطاقة الذكية التي تدر عليهم مئات المليارات من الليرات سنوياً في دولة التقدم والاشتراكية الأسدية، وسيبقى أمر الصلة وعلاقة القربى الوثيقة بين آل الأسد وآل الدباغ (التركمان) ورثة وأبناء المرحوم عدنان الدباغ، وزير الداخلية الأسبق ومدير المخابرات العامة أيام الأسد الأب واحداً من أكبر الألغاز الخفية لهذه العصابة المتنمـّرة والمستأسدة فقط على الشعب السوري.

ولم تكن عملية تنحية والإطاحة بالحيتان والغيلان من آل مخلوف، حرّاس بيت مال عصابة آل الأسد السابقين، عن عرش سوريا الاقتصادي والحلول محلهم، إلا تفصيلاً بسيطاً من عملية زحف وتقدم «إيما» وصعودها الصاروخي نحو اعتلاء صهوة العرش والكرسي الرئاسي الذي تخطط له بعناية فائقة. إلى هنا، ولحد الآن ما زالت «إيما» في طور عملية الاستحواذ والتعفيش على كل مفصل اقتصادي حيوي ومهم يجلب لها المليارات، بعد استيلائها على «جنى عمر» الشيخ الجليل البهلول العصامي رامي الحرامي (وهذا لقبه الرسمي بسوريا) وامتلاكها الفعلي لشركة «إيماتيل» الوريث الشرعي لسيرياتيل التي أنشأها وأشرف عليها الثنائي الشريكان بشار ـ رامي قبل نحو نيـّف وعشرين عاماً لتكون الدجاجة التي تبيض الذهب للعصابة الحاكمة، وبئر النفط الذي لا ينضب معينه مدى العمر وينبع من جيوب فقراء السوريين ليصب في بنوك بنما وسويسرا، ولن نعرّج على استحواذها على شركة الاتصال وتقنين الإنترنت وبيعه كباقات محدودة لسوريين بعد أن كان متاحاً وفتوحاً أيام عز رامي الحرامي وجني المليارات من ورائه والتي يذهب ريعها بالكامل لجيوب آل دباغ ـ الأخرس، وأما «جمعية العرين» وهي البديل التوأم لـ«جمعية البستان» الموؤودة فباتت مكاتبها ومقراتها تزيـّن وتحتل قلب المدن السورية وشوارعها الرئيسية التي ما زالت تحت سيطرة العصابة الحاكمة وميليشياتها متعددة الجنسيات القاتلة التي يطلقون عليها اسم «الجيش العربي السوري».

أما هذا الأطرم والأهبل والمهرج المعتوه، فقد بدا وكأنه تحول لمجرد دمية، وحامل أختام للسيدة الأولى، ولا يتجرأ أن ينبس ببنت شفة أمامها وأمام جموحها وشهوتها ونهمها وطموحها السلطوي المحموم للقبض والإمساك على كل ذرة هواء يتنفسها السوريون وكسب وتكيس الأموال الخرافية من خلالها.
نعم لقد تم تنفيذ الانقلاب الاقتصادي بنجاح، على يد سيدة الجرجير والشعير والبرسيم كما يتهكم السوريون بعدما حرمتهم من رغيف الخبز وقبضت عليه مع ابن خالتها مهند، وتربعت «إيما» بسلاسة ملفتة على عرش الاقتصاد السوري ومن دون منازع، وتركت رامي الحرامي يعوي ويندب حظه العاثر ويتحسر على «جنى عمره» وعمر أبيه السارق اللص الكبير من نهب وتشليح ممنهج ومبرمج للسوريين استمر لخمسة عقود، وباتت تديره من بابه لمحرابه وويل لأكبر شنب، وأعرض كتف، و«أتخن» جنرال يعارضها في سوريا، ولم يبق أمامها، ربما، سوى خطوة واحدة، للتقدم، وتنفيذ الانقلاب السياسي والعسكري، لعزل الطرطور والجلوس مكانه على عرش القصر الجمهوري بالشام، فهل تفعل؟ لننتظر ونرى القادمات والتاليات من ليالٍ مبهمات..
(شكر خاص للضباط العلويين الذين أمدونا بمادة هذا المقال كاملاً من سوريا)

المصدر: القدس العربي

قد يعجبك ايضا