صعوبات الزواج في سوريا بين التحديات الكثيرة والبحث عن حلول واقعية

شارك

جسر – هبة الشوباش

يواجه الشباب السوري اليوم صعوبات كبيرة في تحقيق حلم الزواج، بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة، ولطالما كان الزواج خطوة أساسية نحو الاستقرار العائلي والاجتماعي، لكنه أصبح في ظل هذه الظروف، تحدياً يتطلب تخطيطاً دقيقاً وتفكيراً واقعياً لتجاوز العقبات.

وتُعد التكلفة العالية للزواج من أبرز العوائق التي تواجه الشباب السوري، فالمهر، وتكاليف حفلات الزفاف، وتأثيث المنزل، أصبحت أعباء ثقيلة في ظل التضخم وارتفاع الأسعار، كما أن ندرة فرص العمل وضعف القدرة الشرائية زادت من صعوبة تأمين دخل ثابت لتأسيس أسرة، مما دفع الكثيرين إلى تأجيل الزواج أو البحث عن حلول غير تقليدية.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات جعل الحصول على منزل تحدياً إضافياً، ليلجأ الكثيرون إلى السكن مع الأهل أو البحث عن خيارات سكنية أقل تكلفة، لكن هذه الحلول غالباً ما تكون مؤقتة.

والأوضاع السياسية والهجرة أثرت أيضاً على الزواج في سوريا، وأصبحت فرص التعارف محدودة، وزادت تحديات التوافق بين الشريكين بسبب تغير القيم الاجتماعية والتوجهات المستقبلية.

من جهة أخرى، أشار شبان وشابات إلى أن متطلبات بعض الفتيات أصبحت مرتفعة بشكل كبير، بعد الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من الضغوط المادية على الشاب السوري.

الشاب الأربعيني “أحمد اليوسف”، نموذج للكثير من الشباب السوريين، تحدث لصحيفة “جسر” عن تجربته قائلاً: “أعمل خياطًا منذ عشرين عاماً، وكلما نويت الزواج، ارتفعت الأسعار”.

يضيف: “راتبي الشهري اليوم لا يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة، وأنا لا أملك منزلاً، وبيت أهلي صغير ولا يتسع لشخص جديد.. إذا استأجرت منزلاً، لا يتبقى من راتبي سوى القليل الذي لا يكفي لشيء.. هذا هو حالي وحال الكثير من شباب سوريا”.

واختتم حديثه قائلاً: “إن زواجنا بات حلمًا صعب المنال”

وبحسب الاستشارية النفسية الأسرية الدكتورة “رشا النوري”، هناك عدة طرق يمكن أن تساعد الشباب السوريين في تحقيق حلم الزواج رغم التحديات:

1. تبسيط الزواج: اختيار نمط زواج بسيط بعيداً عن البذخ التقليدي، مثل إقامة حفلات صغيرة تقتصر على العائلة والأصدقاء المقربين، والاستغناء عن المهر المرتفع والمطالب المادية المبالغ فيها.
2. تحسين الوضع المادي: البحث عن فرص عمل حر أو مشاريع صغيرة لتأمين دخل إضافي يدعم الاستقرار المادي.
3. حلول السكن: بدلاً من شراء منزل مكلف، يمكن التفكير في الاستئجار أو السكن المشترك مع العائلة لتوفير النفقات.
4. التعارف عبر الإنترنت: مع صعوبة اللقاءات التقليدية، يمكن الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للتعارف بطريقة واقعية ومنخفضة التكلفة.
5. إعطاء الأولوية للأساسيات: التركيز على الزواج نفسه وتأجيل الجوانب الثانوية مثل السفر أو شراء الكماليات باهظة الثمن حتى يتحسن الوضع المادي.

كما يمكن أن تسهم المبادرات المجتمعية في تخفيف العبء عن الشباب، مثل الجمعيات الخيرية التي تقدم قروضاً ميسرة أو دعماً لتأثيث المنازل، مما يساعد في تيسير الزواج.

ورغم التحديات الكبيرة، يبقى الزواج هدفاً يسعى إليه العديد من الشباب السوريين، لكن تحقيق الاستقرار الأسري يتطلب تفكيراً واقعياً، ومرونة في التعامل مع العقبات، وإصراراً على النجاح في بناء حياة زوجية متوازنة، فمن خلال حلول مبتكرة ودعم مجتمعي، يمكن للشباب تجاوز الصعوبات وتحقيق حلمهم بتأسيس أسر مستقرة رغم الظروف القاسية.

شارك