جسر – عبد الله الحمد
في خطوة مثيرة للجدل ومليئة بالتكهنات، أكدت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يسعى لعقد لقاء مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إطار جولة الأخير إلى الشرق الأوسط، التي تشمل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
ووفق المصادر، فإن الشرع يطرح خطة استراتيجية طموحة تشمل بناء برج ترامب في دمشق، والوفاق مع إسرائيل، وفتح أبواب التعاون في مجال النفط والغاز، كجزء من مشروع لإعادة رسم العلاقة بين دمشق وواشنطن.
جهود ناشطين ومساعٍ خليجية
يُشرف على الجهود لتنظيم اللقاء جوناثان باس، وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب، كان قد التقى بالشرع في دمشق بتاريخ 30 نيسان في اجتماع دام أربع ساعات، بمشاركة ناشطين سوريين ودول خليجية عربية.
ويأمل باس أن يسهم هذا اللقاء في تخفيف الموقف الأميركي من دمشق وتهدئة العلاقة المتوترة مع إسرائيل، رغم إدراج الشرع على لائحة الإرهاب الأميركية بسبب تاريخه في تنظيم القاعدة.
واقعية اللقاء واحتمالات حدوثه
الكاتب الصحفي أسامة عمايري قال لصحيفة “جسر” إن اللقاء نظرياً صعب لكنه ممكن عملياً، خصوصاً إذا تم عبر بوابة خليجية، وتحديداً السعودية.
وأشار إلى إمكانية التعاون في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب، وهي قضايا تشكل أولوية لواشنطن، مضيفاً أن ترامب “رجل صفقات” ووجود ملفات اقتصادية كبيرة في سوريا قد يكون دافعاً لفتح قنوات تواصل.
ويستند البعض إلى تجارب سابقة لترامب في خرق البروتوكولات السياسية، مثل لقائه مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عام 2019، كإشارة إلى إمكانية تكرار سيناريو مماثل في الشرق الأوسط.
صفقة اقتصادية.. وسلام مع الجيران!
قال جوناثان باس إن الشرع عبّر له عن رغبته في “صفقة تجارية لمستقبل سوريا”، تشمل استغلال موارد الطاقة، التعاون ضد إيران، وتحقيق السلام مع إسرائيل. كما أضاف أن الشرع تحدّث عن “رابط شخصي” بينه وبين ترامب، قائلاً إن كلاهما نجا من محاولات اغتيال، في إشارة إلى مسارات مشتركة من التحديات والمخاطر.
شخص مقرب من الشرع أكد أن اللقاء لا يزال ممكناً في السعودية، دون أن يوضح ما إذا تلقى الشرع دعوة رسمية.
خلاف داخل الإدارة الأميركية
رغم هذه المساعي، أكدت مصادر خاصة لرويترز أن اللقاء بين ترامب والشرع غير مرجّح إلى حد كبير، ليس فقط لضيق جدول الرئيس الأميركي، بل بسبب الانقسام داخل البيت الأبيض حول كيفية التعامل مع السلطات السورية الجديدة.
وبحسب مصدر مطلع، يُرتقب اجتماع سوري – أميركي رفيع المستوى هذا الأسبوع، لكنه لن يشمل ترامب والشرع شخصياً، نتيجة غياب رؤية أميركية متماسكة تجاه دمشق، ومع ذلك، بدأت واشنطن تنظر بجدية متزايدة إلى الملف السوري من زاوية مكافحة الإرهاب، وهو ما تجلّى في تشكيل الوفد الأميركي الذي التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك مؤخراً، والذي ضم مسؤولاً كبيراً في مكافحة الإرهاب.
وأكدت المصادر أن الأميركيين طالبوا دمشق بإبعاد المقاتلين الأجانب عن مواقع القيادة العسكرية، وطرد أكبر عدد ممكن منهم، بينما رفعت وزارة الخزانة الأميركية عدد الشروط المفروضة على الحكومة السورية إلى أكثر من 12 مطلباً.
إشارات غربية… وانفتاح مرتقب
يعتقد الكاتب أسامة عمايري أن الإشارات الإيجابية من فرنسا وبريطانيا قد تمثل دافعاً إضافياً للانفتاح على دمشق، خصوصاً مع ما أعلنته الإدارة السورية مؤخراً من إجراءات دستورية، ومؤتمر الحوار الوطني، وتشكيل الحكومة الجديدة.
ويرى عمايري أن اللقاء -إذا تم- سيشكل خطوة تاريخية في العلاقات السورية الأميركية، تنعكس سياسياً واقتصادياً، وتفتح المجال أمام تخفيف العقوبات الغربية والأميركية، وهي أولوية قصوى للحكومة السورية الجديدة منذ تسلّمها السلطة في كانون الأول الماضي.
وفي ظل التحركات المتسارعة والجهود الدبلوماسية المعقدة، يبقى الرهان الأكبر على قدرة دمشق في استثمار الزخم السياسي وتجاوز العقوبات، فهل تنجح في تحقيق هذه القفزة النوعية؟