رفع العقوبات يعيد الأمل للسوريين.. الأمن الغذائي وتأمين الطاقة في صدارة الأولويات

شارك

جسر – نهى قنص

بعد سنوات طويلة من الحصار الاقتصادي والمعاناة المعيشية، جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا ليشكل نقطة تحول مفصلية في تاريخ البلاد، فاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة من التعافي وإعادة الإعمار، حيث القرار أثار ارتياحاً واسعاً في الشارع السوري، وسط آمال شعبية بترجمته إلى تحسن فعلي في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ودفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات.

وبينما تتجه الأنظار إلى الحكومة الجديدة لتنفيذ خطط إسعافية سريعة، تتصدر قضايا الأمن الغذائي والمائي وتأمين الطاقة الأولويات الوطنية، في وقت يترقب فيه السوريون استثمارات منتظرة تعيد الأمل وتُخرج البلاد من عزلتها الاقتصادية.

ويرى الخبير الاقتصادي والاستشاري في التدريب والتطوير الدكتور عبد الرحمن تيشوري أن هذا القرار يصب بشكل مباشر في مصلحة الشعب السوري، لافتاً إلى أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، في ظل الانهيار الكبير لقيمة الليرة السورية، مما دفع كثيرين للهجرة بحثاً عن فرص عمل في الخارج.

وأكد تيشوري، في حديثه لصحيفة “جسر”، أن “رفع العقوبات سينعكس بشكل إيجابي على الوضع المعيشي والاقتصادي، من خلال زيادة التحويلات المالية، وتحسين تعاملات الجهاز المصرفي، وتشجيع عودة التجار والمستثمرين السوريين”، مشيراً إلى أن “القرار سيعيد الثقة بالليرة السورية، وسيساهم في إنهاء عمليات المضاربة التي يقوم بها بعض المتلاعبين”.

وشدد على أن “نجاح تطبيق القرار مرهون بـوجود توافق داخلي وقدرة الإدارة الجديدة على اقتناص هذه الفرصة”، داعياً إلى إنشاء هيئة تشريعية منتخبة تمثل جميع مكونات الشعب السوري، بدلاً من التعيين، مؤكداً أن صندوق النقد الدولي رفض مؤخراً منح سوريا قرضاً بسبب غياب معايير الشفافية، خاصة في القطاع المصرفي.

ودعا تيشوري إلى تطبيق معايير الحوكمة والمواطنة في مؤسسات الدولة، مؤكداً أن القيود السابقة التي فرضها النظام على حركة التجارة وتداول الدولار أضرت بشدة بالاقتصاد، حتى أن الحديث عن الدولار كان يُعد جريمة تستوجب الاعتقال، مؤكداً أن “الشفافية المرتقبة بعد رفع العقوبات ستزيد من مرونة الاقتصاد وتداول النقد، وستعزز ثقة المستثمرين، ما يسهم في عودة الاستثمارات تدريجياً”.

وفي السياق ذاته، شدد الدكتور عارف أسعد جمعة، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، على أن رفع العقوبات أعاد الأنظار إلى سوريا، مع آمال بقدوم استثمارات عربية وإسلامية وأجنبية للمساهمة في إعادة الإعمار وخلق فرص العمل.

وأوضح جمعة أن “القطاعات الأساسية التي يجب التركيز عليها فوراً هي الأمن الغذائي والمائي، لما لهما من تأثير مباشر في تحقيق الاستقرار المجتمعي، ومساهمتهما في التخفيف من البطالة وتحسين الظروف المعيشية.. هذه القطاعات توازي في أهميتها القطاع الوظيفي”.

وأشار إلى أهمية وضع خطط إسعافية على مدى ستة أشهر إلى سنة من قبل الوزارات، للنهوض بالواقع الاستثماري، لافتاً إلى أن “قطاع التعليم بحاجة لسياسة استيعابية للطلبة المنقطعين أو المتأخرين دراسياً، كما أن قطاع الطاقة يتطلب توفير الكهرباء والوقود باعتبارهما شرياناً أساسياً لكل القطاعات”.

من جهتها، أكدت الإعلامية ريم محمد أن السوريين يعوّلون على الحكومة الجديدة لاتخاذ قرارات وإجراءات فعالة تؤدي إلى تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي، مشيرة إلى ضرورة تنشيط حركة الاستيراد والتصدير والمرافئ لما له من أثر مباشر على معيشة المواطن.

وشددت على أن “تحقيق بيئة آمنة في كل المناطق والمحافظات يُعد الخطوة الأولى نحو بناء مناخ استثماري جاذب، وهو ما يتطلب جهداً مشتركاً من الجهات الرسمية والشعبية”.

أما الموظف محمد عيسى، فقد شدد على أهمية إصدار قوانين شاملة تخدم المواطنين في مختلف المجالات، داعياً إلى “تفعيل دور غرف الصناعة والتجارة، وخاصة في دمشق، وتقديم قروض ضخمة للصناعيين، وتأمين مستلزمات المدن الصناعية”.

ودعا عيسى أيضاً إلى “تشجيع عمليات التصدير والاستيراد عبر تسهيل الإجراءات، وتوقيع اتفاقيات زراعية لاستيراد المستلزمات ودعم الفلاحين من خلال قروض زراعية، مع دعم المنشآت السياحية وتنشيط دور وزارة السياحة في جذب السياح”.

كما طالب بدعم الجامعات الحكومية والخاصة وتوقيع اتفاقيات علمية مع جامعات عربية وأوروبية، بالإضافة إلى “مراقبة الأسواق وتخفيض الأسعار وزيادة الرواتب وتفعيل المشافي الحكومية، وضمان مساواة جميع المواطنين أمام القانون”.

وفي ختام الآراء، أكد المواطن أيوب إبراهيم أن المسؤولية اليوم مشتركة بين الحكومة والشعب ورجال الأعمال، داعياً إلى إعادة تشغيل المنشآت الاقتصادية المتوقفة بسبب الحصار، سواء في القطاع الصناعي أو التجاري أو السياحي.

وقال إن الوقت قد “حان لإطلاق عجلة الاقتصاد من جديد، سواء عبر المشاريع الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة، لبناء وطن ديمقراطي، حيوي، وقوي اقتصادياً، يعتمد على التشاركية بين جميع أبنائه”.

شارك