ميلشيات إيران بدأت بمغادرة سوريا

عبدالناصر العايد

في تطور مفاجئ وغير مسبوق، بدأت ميلشيات إيران في شرق دير الزور بإخلاء مقراتها وتسليمها لميليشيات تخضع لسيطرة القوات الروسية، وبإشراف مباشر من قبل الشرطة العسكرية الروسيّة، يتزامن ذلك مع مرور مجموعات متفرقة من هذه الميليشيات قادمة من دمشق وحلب عبر دير الزور في طريقها إلى العراق.

جسر: خاص:

بدأت ميلشيات إيران في شرق دير الزور بإخلاء مقراتها وتسليمها لميليشيات أخرى تخضع لسيطرة القوات الروسية، وبإشراف مباشر من قبل الشرطة العسكرية الروسيّة، يتزامن ذلك مع مرور مجموعات متفرقة من هذه الميليشيات قادمة من دمشق وحلب عبر دير الزور في طريقها إلى العراق.

أبرز المواقع التي تم تسليمها

عمليات الاستلام والتسليم والانسحاب حدثت بشكل فجائي لكن منظم ومدروس، وخلال ثمان وأربعين ساعة، تسلمت الحواجز والمقرات الإيرانية كل ميليشيات القاطرجي في دير الزور، ومفارز من لواء القدس، الذي تشرف شركة فاغنر الأمنية الروسية على تدريبه وقيادة عملياته.

والحواجز التي تم أخلتها ميلشيات إيران حتى الآن هي: حاجز الدوير وسط البلدة، والمقرات التي تتبع له، وحاجز التلة الأثرية قرب البلدة والمقرات المرفقة به، ووصلت عمليات الإخلاء بلدة العباس، التي تعرف بأنها تضم أكبر مقرات ميلشيا “فاطميون”، حيث تم تسليم الحاجز الضخم فيها واخلاء كل المقرات التابعة له.

كما سلم حاجز بلدة المجاودة والمقرات التي تتبع له، وتسليم واخلاء بلدة القورية المهمة لوقوع مزار “عين علي” بالقرب منها، حيث انسحبت الميليشيات الإيرانية من”حاجز الكازية” في وسطها، وسلمت بقية المواقع والمقرات التي تتبع لها لميليشيا القاطرجي ولواء القدس، كما تم تسليم حاجزين في مدينة العشارة مع مرفقاتهما هما حاجز مشفى الحكمة، وحاجز مخفر شرطة المرور القديم وسط المدينة، التي تم الانسحاب أيضاً من كافة أحيائها وتسليم المواقع التي كانت تتخذها الميلشيات مقرات لها.

كما تم الانسحاب وتسليم حاجز جامع بلدة الدبلان، الذي يقع وسط المدينة، وانسحاب المقرات والمواقع والمنازل التي كان يشغلها عناصره وبعض عائلاتهم.

من المناطق المأهولة إلى..؟

عمليات الانسحاب المشار إليها تمت على الشريط المأهول المحاذي لنهر الفرات، وبدأت من مدينة دير الزور واتجهت شرقاً باتجاه الحدود العراقية، حيث تم استلام مقرات تمتد على مسافة نحو ٧٠ كيلو متراً من مدينة ديرالزور باتجاه الشرق، ليتبقى نحو ٧٠ كيلو متراً أخرى تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية، خاصة في البوكمال، ولا تزال عمليات الاستبدال جارية.

أما عن الوجهة التي تنسحب إليها ميلشيات إيران فهي غير معروفة، إلا أنها جميعها وفق شهود عيان، غادرت المنطقة العمرانية المحاذية لضفة النهر، باتجاه البادية المتاخمة، ومن غير المعروف إذا ما كانت قد استقرت هناك، أم استخدمت شبكة الطرق الترابية هناك للانتقال إلى مكان آخر، كما من غير المعروف فيما إذا كانت المقرات الإيرانية في البادية قد تم إجلاؤها أم لا.

انسحابات من دمشق

من ناحية أخرى وصلت ليل أمس قادمة من دمشق، مجموعات من الميلشيات الإيرانية، قدر شهود عيان عددها بنحو مئة مقاتل، وباتت ليلتها في معسكر طلائع البعث غرب مدينة دير الزور. مطلعون من داخل المدينة أخبرونا أن الميليشيات أبقت أمتعتها في الشاحنات، وأن وجهتها هي معبر البوكمال الحدودي ومنها إلى العراق، حيث توحي طريقة حزم الأسلحة والمتاع بالرحيل النهائي.

نزوح من الميلشيات الإيرانية إلى الروسية في حلب

من ناحية ثالثة، وردت أنباء مؤكدة من حلب أن عناصر محليين في “حركة النجباء”، و”قوات الإمام الرضا” و”لواء زينبيون” و”لواء السفيرة” ولواء الباقر” وجميعها تابعة لإيران، قد بدأوا بترك تلك الميلشيات والالتحاق بوحدات عسكرية يشرف عليها الروس، خاصة الفيلق الخامس الذي يشرف عليه الروس ووحداته، مثل الفرقة ٣٠ قرب ايكاردا، والفوج ٤٦٦ في ريف ادلب الجنوبي، إضافة إلى مراكز الشرطة العسكرية الروسية، حيث يتم تجنيد وإعادة تأهيل هؤلاء المقاتلين في مركز التدريب الروسي الخاص بمقاتلي “المصالحات” في بلدة جبرين قرب مطار النيرب.

ويعزو مطلعون أسباب هذا التفكك السريع للميلشيات الإيرانية في حلب، إلى عدم تسلمهم أي من مستحقاتهم المالية منذ شهرين، إضافة إلى انقطاع المساعدات العينية التي كانت تحصل عليها أسرهم من جمعيات خيرية إيرانية على رأسها “جمعية الرسالة” و”كشافة المهدي”، وحتى في حال استمرت الميليشيات الايرانية بالدفع فإنها لا تستطيع منافسة الروس الذين يقدمون راتباً أعلى وميزات اهم، إذ يبلغ  الراتب لدى الروس ٣٠٠ دولار، بينما يتراوح لدى الإيرانيين بين ١٥٠ إلى ٢٠٠ دولار حسب الأقدمية، كما أن الميزات والنفوذ الذي يتمتع به المنتسبون إلى الجانب الروسي، أصبحت أفضل بكثير من تلك التي لميلشيات إيران، بعد أن كان الأمر معكوساً.

من ريف حلب الغربي إلى ديرالزور

كما شهدت جبهة ريف حلب الغربي، انسحاب مجموعات من مقاتلي ميلشيا القاطرجي، الذين تم استدعاءهم سابقاً من الرقة ودير الزور، ووفق المعطيات السابقة، يبدو أن إعادتهم تهدف إلى سد النقص الذي تركته الميلشيات الإيرانية في شرق البلاد.

هذا وتتواجد ميلشيا القاطرجي بكثافة في محافظتي دير الزور والرقة، إذ يناط بها مرافقة وحماية قوافل صهاريج النفط وشاحنات القمح التي يقوم بشرائها من مناطق سيطرة قسد، ونقلها إلى مناطق سيطرة النظام، وبسبب التضييق الأميركي على هذا النوع من التبادلات مؤخراً، افتتحت ميلشيا القاطرجي معبرين نهريين يتم من خلالهما استجلاب النفط والقمح، وتصدير البضائع الرخيصة في مناطق النظام، وهما معبر بقرص الذي يقابل بلدة الشحيل في مناطق سيطرة قسد، ومعبر الميادين المقابل لمعبر ذيبان على الضفة الأخرى.

مصادر عراقية تؤكد ما أوردته “جسر” عن انسحاب الميلشيات الإيرانية من سوريا

قصف متواصل

وكانت مواقع ميلشيات إيران في مجمل الأراضي السورية قد تعرضت للقصف المستمر من قبل طيران مجهول غالباً، كان آخرها غارتين إحداهما في البوكمال والأخرى استهدفت مركز البحوث العلمية في حلب يوم الجمعة الرابع من أيار /مايو الجاري. فيما عززت القوات الأميركية في شرق الفرات، في الأشهر الثلاثة السابقة تواجدها في مناطق ريف دير الزور الشرقي بنحو ألف جندي آخرين، وكميات كبيرة من العتاد الثقيل المنقول جواً وبراً، والذي لا يتوافق مع متطلبات المعركة ضد خلايا تنظيم داعش التي تستخدم أسلحة فردية في عملياتها الأمنية، وربما كان الهدف منها التهديد بشن عملية ضد الميلشيات الإيرانية على الضفة المقابلة لنهر الفرات.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينت قد صرح، الأسبوع الفائت، بأن هدف “إسرائيل” الآن هو “إخراج ايران من سوريا قبل نهاية سنة ٢٠٢٠ ” بدوره ذكر المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، في إحاطة بوزارة الخارجية في السابع من أيار الجاري، إنه تم رصد انسحاب إيراني من المناطق التي تم قصفها، دون تأكيدات واضحة فيما إذا كان هذا توجهاً استراتيجياً لإيران أم لا.

قد يعجبك ايضا