منتدى “بيت الثقافة والإبداع” في دير الزور… فضاء بديل يُعيد الحياة للمشهد الثقافي

شارك

جسر – ياسر الظاهر

في ظل الغياب شبه الكامل للمؤسسات الثقافية الرسمية في سوريا، برزت مبادرات أهلية لتشكيل فضاءات بديلة تُعيد الحياة للحراك الثقافي في المدن السورية. ومن بين هذه المبادرات، تأسيس منتدى “بيت الثقافة والإبداع” في مدينة دير الزور.

ويأتي المنتدى كردّ فعل طبيعي على الفراغ الذي خلّفه تراجع أو غياب المؤسسات الثقافية الرسمية، حيث رأى مجموعة من المثقفين والناشطين في دير الزور أن تأسيس منتدى ثقافي مستقل هو ضرورة لتلبية حاجات المدينة الإبداعية، وخلق منبر حر للفن والفكر.

يقول ضرام سفان، رئيس المنتدى: “كنا قبل التأسيس نقيم أنشطتنا الثقافية، خاصة المسرحية منها، في المركز الثقافي بدير الزور، لكن الظروف الأمنية في مرحلة ما قبل التحرير منعتنا من العمل بحرية. فقررنا، كمجموعة من المثقفين، تأسيس هذا المنتدى ليكون فضاءً آمناً ومستقلاً. افتتحنا المنتدى في يوليو/تموز 2024 في حي الموظفين، بدعم من مثقفين ومغتربين من أبناء المدينة”.

ومنذ انطلاقه، احتضن المنتدى مجموعة واسعة من الأنشطة في القصة والشعر والمسرح والفن التشكيلي والغناء والموسيقى، كما أطلق عدة ورشات تدريبية تهدف إلى تأهيل جيل جديد من المبدعين الشباب من الجنسين، مثل ورشة القصة ويشرف عليها الكاتبان أيمن عبد القادر وبسام سفان، وورشة الرسم بإشراف الفنان التشكيلي فاتح أبو جديع، وورشة الموسيقى يديرها الفنان عبد الحميد إسماعيل.

اللافت في تجربة “بيت الثقافة والإبداع” أن نشاطه لم يقتصر على مقره، بل امتد إلى شوارع ومقاهي المدينة، فقد نظم المنتدى مبادرات فنية لتزيين الشوارع باللوحات، وعروض أفلام سينمائية قصيرة في المقاهي، تلتها جلسات نقاش مفتوحة مع الجمهور.

كما يستضيف المنتدى أسبوعياً عدداً من الشعراء والأدباء والفنانين في لقاءات حوارية تُثري المشهد المحلي.

وعن الطموحات المستقبلية، يضيف ضرام سفان: “نخطط لإطلاق نادي سينمائي، وهدفنا الأساسي هو نشر الثقافة والوعي، خصوصاً بين الشباب، الذين نعوّل عليهم كثيراً في إعادة بناء الوطن. كما نطمح لتصحيح الكثير من المفاهيم الثقافية المغلوطة التي رسّخها النظام السابق، مستفيدين من المساحة الجديدة للحرية بعد زوال الاستبداد”.

ويضم الفريق المؤسس للمنتدى عدداً من أبرز المثقفين والفنانين في دير الزور، وهم الشاعر عبد الناصر حداد، والمخرج المسرحي ضرام سفان، والفنان التشكيلي فاتح أبو جديع، والقاص أيمن عبد القادر، إضافة إلى الممثلتين المسرحيتين شيماء عبوش وشام الحمود.

في زمن الحاجة إلى مساحات للحرية والتعبير، يمثل “بيت الثقافة والإبداع” تجربة رائدة وملهمة، تثبت أن الثقافة ما زالت قادرة على النهوض حتى في أصعب الظروف.

شارك