جسر – طرطوس (نهى قنص)
يشهد موسم البطاطا في محافظة طرطوس تراجعاً واضحاً في أرباح المزارعين، وسط ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، ومنافسة شرسة من البطاطا المستوردة بأسعار منخفضة من دول مجاورة، وعلى رأسها مصر وتركيا. هذا الواقع يُهدد جدوى الاستمرار في زراعة أحد أهم المحاصيل الزراعية في المحافظة، بل وفي سهل عكار تحديداً، الذي يُعد أحد أبرز المناطق المنتجة للبطاطا.
ويُعتبر محصول البطاطا مصدر رزق رئيسي لمزارعي طرطوس وسهل عكار، نظراً لانتشاره الواسع واعتماد كثير من العائلات عليه، ويقدّر المهندس عمار الشيخة، رئيس الرابطة الفلاحية في طرطوس، أن المساحة المزروعة بالبطاطا في سهل عكار تبلغ نحو 700 دونم، مشيراً إلى أن العروة الربيعية أكثر أهمية من العروة الخريفية من حيث الإنتاج والملاءمة للطقس، ويعتمد عليها المزارعون بشكل كبير.
وأضاف الشيخة أن زراعة العروة الربيعية تبدأ عادة في شهري كانون الثاني وشباط، ويُقدّر متوسط الإنتاج بنحو 2 طن لكل دونم.
أرجع المهندس الشيخة تراجع الأرباح إلى ارتفاع تكاليف الزراعة، مشيراً إلى أن أسعار الأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية تشهد ارتفاعاً حاداً، كما أن غياب قنوات التصريف المناسبة ووجود بدائل مستوردة أرخص سعراً يزيد من خسائر المزارعين المحليين.
وأوضح أن المزارعين يواجهون صعوبات إضافية، منها موجات الصقيع و”اللفحة”، ورداءة أصناف البذار المتوفرة، والاعتماد على السقي عبر الآبار نتيجة غياب شبكات ري، ما يعرض المحصول للجفاف، وارتفاع أسعار الفلين المستخدم في التعبئة، وارتفاع أسعار الأسمدة حتى في المصرف الزراعي.
من جانبه، قال المزارع منهل حرفوش من قرية الصفصافة إنه كان يزرع من 4 إلى 5 أطنان من البطاطا في السنوات السابقة، لكنه اضطر لتقليص الزراعة بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع جودة البذار.
وأضاف أن غياب الضمانات الرسمية للبذار يضع المزارع أمام مخاطر كبيرة تؤدي إلى ضعف الإنتاج، مشيراً إلى أنه “بعد الإنفاق الكبير على الزراعة، يُجبر على بيع المحصول بأسعار متدنية نتيجة وفرة البطاطا المستوردة في الأسواق، ما يُفاقم الخسائر”.
أما المزارع مدين العلي من قرية خربة الأكراد، فأوضح أن الأزمة لا تقتصر على تراجع الأرباح، بل وصلت إلى حد تراكم الديون الكبيرة على المزارعين.
وأوضح أنهم يشترون البذار بالقطع الأجنبي بينما يبيعون المحصول بالليرة السورية، مما يؤدي إلى خسائر تُقدّر بين 5 إلى 10 ملايين ليرة سورية للطن الواحد.
وأمام هذا الواقع، طالب مزارعو طرطوس الجهات المعنية بضرورة تشكيل لجنة لفحص جودة البذار وضمان موثوقيته، واستيراد البذار من بلد المنشأ مباشرة، وتأمينه في الموعد الأمثل للزراعة، أي من 1 إلى 15 كانون الثاني، وتوفير شبكات ري وتسهيلات مالية.
وحذر المزارعون من أن استمرار الخسائر قد يدفع الكثير منهم إلى التخلي عن زراعة البطاطا نهائياً، ما يُنذر بانعكاسات خطيرة على الأمن الغذائي والحياة الاقتصادية في المحافظة، حيث تُعد البطاطا من المحاصيل الأساسية لعشرات العائلات.