جسر – دير الزور (محمد جنيد)
تواجه مدينة دير الزور أزمة سكنية خانقة، حيث يعاني السكان من ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على العائلات، وذلك في ظل دمار هائل خلّفته سنوات الحرب، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة الدمار في البنية السكنية قد بلغت نحو 80% خلال السنوات الماضية، ما جعل من العثور على مساكن مناسبة تحدياً حقيقياً أمام السكان، خاصة مع عودة أعداد كبيرة من النازحين إلى المدينة.
ويعيش العديد من السكان في ظروف معيشية قاسية، حيث يضطر البعض إلى ترميم منازلهم المهدمة بوسائل بدائية، نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الإيجارات المرتفعة، التي تفوق دخلهم الشهري بأضعاف.
ويزيد من حدة الأزمة توافد أعداد ضخمة من الطلبة من محافظتي الحسكة والرقة إلى مدينة دير الزور، لإجراء امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة.
ووفقاً لمديرية التربية بدير الزور، فقد تم تسجيل نحو 28 ألف طالب وافد، وأكدت مصادر محلية أن “قوات سوريا الديمقراطية” أغلقت المدارس في مناطق سيطرتها، ما دفع الطلاب للانتقال إلى مناطق أخرى، أبرزها دير الزور.
غياب الرقابة الفعالة على سوق العقارات كان عاملاً أساسياً في تفاقم المشكلة، إذ عمد بعض الملاك وأصحاب المكاتب العقارية إلى رفع الإيجارات بشكل غير مبرر، مستغلين حاجة الطلبة والأهالي إلى السكن، فيما ساهمت المضاربات العقارية بارتفاع أسعار البيع والإيجار إلى مستويات غير مسبوقة.
الطالبة “سارة” القادمة من محافظة الرقة، قالت إنها تقيم مع أربع طالبات أخريات في غرفة واحدة، حيث تدفع كل منهن 600 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل قرابة 50 دولاراً أمريكياً شهرياً.
أما “حسام”، وهو أحد الطلاب الوافدين، فأوضح أنهم وبعد عناء طويل وجدوا غرفة مع حمام في إحدى ضواحي المدينة بقيمة 500 ألف ليرة شهرياً، أي ما يعادل أيضًا 50 دولاراً
“أبو سمير”، أحد سكان دير الزور، يقول إنه اضطر إلى مغادرة المنزل المستأجر بعد أن رفع المالك الإيجار إلى مليون و200 ألف ليرة سورية (حوالي 100 دولار)، ليعود إلى منزله المتضرر وغير المؤهل للسكن.
في المقابل، ناشد المواطنون الجهات المعنية ضرورة التدخل العاجل لتنظيم سوق الإيجارات وفرض قوانين صارمة تكبح الفوضى العقارية المنتشرة في المدينة، كما دعا نشطاء من المجتمع المدني إلى إنشاء “مراكز استضافة سكنية مؤقتة” خاصة للطلبة الوافدين خلال فترة الامتحانات، تخفيفاً من حدة الأزمة السكنية التي تشكل عبئاً إضافياً على العائلات والطلاب.
وبناء على ما سبق، تبرز الحاجة الماسة لوضع حلول فعالة وطويلة الأمد، إذ لا يمكن اعتبار ما يجري مجرد أزمة ظرفية، بل تحدٍ كبير يهدد استقرار مدينة دير الزور وسكانها في المستقبل القريب.