جسر – محمد جنيد
بعد عقود من الهيمنة الرسمية على المشهد الثقافي، تشهد سوريا اليوم تحولات جذرية انعكست على الفنون والمسرح بشكل خاص. في ظل غياب الدعم الحكومي وتحول الأولويات المجتمعية، باتت الثقافة تواجه تحديات كبيرة تهدد استمراريتها. رغم ذلك، يسعى الفنانون والمثقفون إلى تحريك المشهد الثقافي عبر مبادرات فردية ومشاريع مستقلة.
وتأثرت المؤسسات الثقافية الرسمية بشكل كبير بعد توقف وزارة الثقافة ومديرياتها، حيث يفتقر القطاع الثقافي إلى رؤية واضحة لإدارته في المرحلة الانتقالية. كما أن إغلاق دور المسارح، مثل “مسرح وسينما الشام”، زاد من الصعوبات أمام الفنانين الساعين لإيجاد بيئة داعمة لإنتاجهم الفني. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت بعض المؤسسات الثقافية أعمال تخريب، مما زاد من تعقيدات استئناف النشاط الثقافي.
وفي هذا السياق، أكدت السيدة آن صوفي بيكدورف، القائمة بأعمال السفارة الألمانية في دمشق، خلال لقائها وزير الثقافة “محمد ياسين الصالح” في 27 أيار 2025، على أهمية إيجاد أرضية مشتركة يمكن الانطلاق منها لتلبية الاحتياجات الثقافية والاجتماعية.
من جانب آخر، قال الفنان سامر إسماعيل بأن الحكومة لم يمضِ على توليها المهام وقت طويل، مشيراً إلى ضرورة التريث قبل إطلاق مشاريع ثقافية واسعة النطاق، نظراً للأوضاع الأمنية الراهنة.
و رغم التحديات، بدأت بعض الفرق المسرحية بتقديم عروض في أماكن غير تقليدية، مثل البيوت والمراكز الثقافية الصغيرة، لضمان استمرارية المسرح ضمن الإمكانات المتاحة.
في سياق آخر، عرض الفنانان محمد وأحمد ملص مشروعهما “مسرح الغرفة” خلال لقائهما مع وزير الثقافة محمد ياسين صالح، في 20 أيار 2025، حيث اقترحا إطلاق ورش عمل لتعليم المسرح في مختلف المحافظات السورية، وهي خطوة تدعم جهود الفنانين لتوسيع نطاق المسرح رغم الظروف الصعبة.
و من جانبه أكد الفنان التشكيلي نبيل السمان لموقع “إرم نيوز” أن بعض الفنانين يواصلون عملهم ضمن مشاغلهم الخاصة بانتظار وضوح الموقف الرسمي بشأن مستقبل الثقافة.
يقف المشهد الثقافي السوري اليوم بين ركود فرضته الظروف السياسية والاقتصادية، ومحاولات للإحياء يقودها الفنانون والمثقفون رغم العقبات المتزايدة. ويبقى مستقبل الفنون رهناً بقدرة الفاعلين الثقافيين على إيجاد حلول تضمن استمرار الإنتاج الفني في مرحلة إعادة بناء المجتمع.