جسر – غدي النهار
أُعلن صباح أول أمس الأحد العثور على جثة حمزة سعود الجمعة، الملقب بـ”أبو الحارث”، رئيس جهاز “الأمن العام” في منطقة الدريكيش بريف طرطوس، وذلك بعد شهور من الجدل والتكهنات حول مصيره، ما أثار موجة من القلق في المدينة وأريافها، خشية اندلاع أعمال ثأرية توعدت بها عشيرته سابقاً في حال لم يعد سالماً.
كما زاد العثور على الجثة من تعقيد وغموض قضية اختفاء الفتاتين دارين وعرين سليمان، شقيقتي غدير الحوري، المتهم الرئيسي في حادثة اختطاف أبو الحارث.
ظروف اختفاء أبو الحارث
اختفى أبو الحارث في السادس من آذار، بعد أن حاصرت مجموعة محلية مقر إقامته مع عدد من عناصره، أثناء هجمات شنها فلول النظام السابق على حواجز ومراكز الأمن العام في الساحل السوري.
وعقب وساطات من وجهاء منطقة الدريكيش، تم الإفراج عن العناصر الأمنية، فيما بقي مصير أبو الحارث وعنصر أمني آخر يدعى “أبو فيصل محمبل” مجهولاً، إلى أن عُثر لاحقاً على جثة “أبو فيصل محمبل”، ثم مؤخراً على جثة أبو الحارث.
المتهم الرئيسي: غدير الحوري
برز اسم غدير سليمان، المعروف بـ”غدير الحوري”، كأحد المتهمين الرئيسيين في القضية. وكان شقيق أبو الحارث، مصعب الجمعة، قد نشر عدة فيديوهات على حسابه في فيسبوك، عرض فيها محادثات بينه وبين غدير، زعم الأخير فيها أن أبو الحارث موجود في موقع بمدينة بانياس، ليتبيّن لاحقاً أن المعلومات مضللة.
ويُذكر أن غدير الحوري كان قد فرّ إلى لبنان في وقت غير محدد، وكان سابقاً مسجوناً بتهم ابتزاز وسرقة في سجن صيدنايا، قبل أن يُطلق سراحه في 8 كانون الأول مع عدد من السجناء.
وتشير مصادر صحيفة “جسر” إلى أن علاقة صداقة قوية كانت تربطه بأبو الحارث، ما يثير مزيداً من التساؤلات حول ملابسات القضية.
تهديدات وتحذيرات بعد مقتل أبو الحارث
عقب نقل ودفن جثة أبو الحارث في قريته عجلون بسهل الغاب، ظهر شقيقه مصعب الجمعة في فيديو مصور، مهدداً غدير الحوري وعائلته، ومتوعّداً القرى التي تستقبلهم بأنها ستكون “هدفاً” له، رغم تأكيده على عدم استهداف أهالي الدريكيش أو قرية عين بالوج، مسقط رأس غدير الحوري.
ويأتي هذا التهديد رغم إعلان سابق صدر في 9 نيسان من عبد الملك سعود الجمعة، شقيق أبو الحارث، برّأ فيه غدير الحوري من القضية، مؤكداً أنه وعائلته وبلدته لن يمسهم أي أذى.
سياق التوترات السابقة ومحاولات الثأر
في 24 آذار، شهدت مدينة الدريكيش حالة من الهلع بعد بيان صدر عن عشيرة أبو الحارث “قيس عيلان”، طالبوا فيه بالإفراج الفوري عن أبو الحارث، محذرين من “حالة الغليان”، وهددوا بأنهم لا يضمنون النتائج.
ترافق البيان مع أصوات قذائف صاروخية وعيارات نارية كثيفة في المدينة، وسط أنباء عن قدوم مسلحين من العشيرة، في حين حاول الأمن العام منع دخولهم. لم تُشاهد أرتال داخل المدينة في اليوم التالي، ولم تُصدر السلطات أي توضيح رسمي.
مصير مجهول لشقيقتي غدير الحوري
في 25 أيار، اختفت دارين وعرين سليمان، شقيقتا غدير الحوري، بعد خروجهما من قريتهما عين بالوج باتجاه مصياف. وبعد ثلاثة أيام، ظهرتا في فيديو مصور، أكدت فيه إحداهما أن حالتهما جيدة، وذكرت أن إخوتها رفضوا إنشاء “كروب واتساب” للتفاوض، كما طالبت به الجهة الخاطفة.
ورغم توجيه أصابع الاتهام إلى عشيرة أبو الحارث، نفى شقيقه مصعب أي علاقة لهم بالاختطاف. وأصدرت العائلة بياناً ذكرت فيه أن جهة “مجهولة” خاطبتهم وطالبتهم بالتواصل مع غدير، ثم بدأت بالمماطلة لاحقاً.
البيان ربط بشكل غير مباشر بين اختفاء الشقيقتين والاتهام الموجه لغدير الحوري في قضية أبو الحارث، رغم إعلان العشيرة سابقاً براءته.
قلق شعبي ومطالبات بالتدخل
تسود حالة من الخوف والترقب بين سكان مدينة الدريكيش وأريافها، وسط مناشدات للسلطات بالتدخل الفوري لمنع حدوث أي أعمال انتقامية قد تطال الأبرياء.
وقال أحد سكان المدينة، حسين، لصحيفة “جسر”: “أخشى من السلاح المنفلت، والهجمات الانتقامية التي كثرت مؤخراً لغياب المحاسبة. كلنا مع محاسبة من قتل أبو الحارث، لكن عبر الدولة وحدها”.
وأكد العديد من السكان احترامهم لأبي الحارث ومعاملته الحسنة، معربين عن أسفهم لما جرى، ومطالبين بكشف مصير الفتاتين دارين وعرين، وبتحييد المدنيين عن تداعيات هذه الجريمة.
وما زالت القضايا الثلاث (مقتل أبو الحارث، اختفاء الفتاتين، وهروب غدير الحوري) مفتوحة على احتمالات خطيرة، وسط دعوات لضبط النفس وتحقيق العدالة عبر مؤسسات الدولة، لا من خلال منطق الثأر.