دمشق.. أصحاب محلات خان سليمان باشا يطالبون بإلغاء مرسوم الاستملاك واستعادة حقوقهم

شارك

جسر – هبة الشوباش

طالب العشرات من أصحاب المحال التجارية في “خان سليمان باشا”، الواقع في قلب العاصمة دمشق، بإلغاء مرسوم الاستملاك الصادر عام 2003، والذي أدى إلى طردهم قسراً من محالهم التجارية، بذريعة “المنفعة العامة”، دون تنفيذ أي مشروع فعلي يخدم الصالح العام حتى الآن.

ويؤكد المتضررون أن الخان كان مصدر رزق لما يزيد عن 100 عائلة، معظمهم من الحرفيين والتجار الذين امتلكوا محالهم منذ عشرات السنين، بعضهم منذ خمسة أجيال. ويقول أحدهم: “أنا وأولادي اليوم بلا عمل، بينما أملك محلين في خان سليمان باشا. حُرمنا من لقمة عيشنا دون وجه حق”.

كما يشدد أصحاب المحلات على أن لديهم “وثائق قانونية” مثبتة تؤكد ملكيتهم للمحال منذ عقود طويلة، ويعتبرون ما جرى بحقهم “انتهاكاً صارخاً” للحقوق المدنية والتجارية.

من جهته، أوضح المحامي معتز محاسنة، وكيل المتضررين، أن القرارات التي صدرت في عهد النظام السابق كانت تخدم مصالح فئة ضيقة على حساب حقوق المواطنين، وكشف عن وجود “دعوى قانونية منظورة أمام مجلس الدولة”، بالإضافة إلى شكاوى رسمية رفعت إلى غرفة تجارة دمشق.

وطالب المحامي، باسم المتضررين، بوقف العمل “بعقود الاستثمار المؤقتة” التي فرضت بعد الطرد القسري، مؤكدًا أن العودة إلى المحال هي بمثابة “استعادة لحقوق مغتصبة وليست طلباً لامتياز”.

وتعود جذور القضية إلى المرسوم رقم 685 لعام 1975، الذي قضى باستملاك كامل خان سليمان باشا، تحت مبرر تخصيصه كسوق للصناعات الجلدية، عقب نقل الملكية إلى محافظة دمشق، وتم تأجير المحال إلى الشاغلين الأساسيين مقابل بدل إيجار رمزي، تحت تصنيف “عائدات أملاك عامة”.

وخلال تلك الفترة، اضطر المستأجرون لتحمل نفقات الترميم والصيانة من حسابهم الخاص، كما غير الكثير منهم طبيعة عملهم لتتوافق مع الصناعة الجلدية، امتثالاً لشروط الاستملاك.

إلا أن المحافظة، وبشكل مفاجئ، وجهت إنذاراً بالإخلاء في 14 شباط 1988 بغرض الهدم، دون تقديم بديل أو توضيح سبب منطقي، خاصة بعد افتتاح “سوق الخجا” الجديد الذي كان من المفترض أن يخدم الغاية ذاتها.

وفي عام 2003، صدر قرار استملاك جديد من قبل بشار الأسد، أدى إلى إخلاء 55 محلًا تجارياً في الخان بالقوة، حيث جرى التنفيذ بواسطة سبعة أفرع مخابرات، بحسب أحد المالكين، دون منح المتضررين أي مهلة قانونية، أو تعويض مناسب. يقول أحدهم: “طُردنا بالقوة وتحت التهديد، ثم تم تحويل أملاكنا إلى عقود استثمار مؤقتة لا تضمن لنا أي حقوق مستقبلية”.

وفي ختام مطالبهم، ناشد المتضررون رئاسة الجمهورية بالتدخل الفوري لإلغاء قرارات الاستملاك الجائرة، وفتح تحقيق في ملكية العقارات وحقوق المستأجرين، داعين لوضع الملف “في يد أمينة” تضمن كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات.

في المقابل، هناك من يقول إن “خان سليمان باشا هو وقف للدولة”، وبالتالي فإن للمجتمع بأكمله الحق في الاستفادة منه، وهو ما يفتح الباب أمام جدل قانوني وحقوقي بشأن الطبيعة القانونية للخان، ومدى أحقية المطالبين باستعادته.

وسط هذا الجدل، يُجمع المراقبون على ضرورة فتح تحقيق شفاف في مجمل قرارات الاستملاك، وتحديد من استفاد فعلياً من هذه الإجراءات، ومحاسبة كل من ساهم في حرمان العائلات من مصادر رزقها دون وجه حق.

شارك