جسر – طرطوس (غدي النهار)
شهدت بلدة حمام واصل، الواقعة جنوب منطقة بانياس التابعة لمحافظة طرطوس، حملة تفتيش نفذتها قوات الأمن السوري صباح يوم الإثنين الفائت، طالت عدداً من منازل مطلوبين.
ورغم أن الغاية المُعلنة من الحملة، كانت البحث عن مطلوبين، فإن الحملة أثارت قلقاً واسعاً بين الأهالي، ووصفت بأنها “مبالغ بها” من حيث عدد الآليات والعناصر المشاركة، وسط تسجيل عدة انتهاكات خلال التفتيش.
مداهمات وتجاوزات مقلقة
مصادر أهلية من البلدة أكدت لصحيفة “جسر” دخول رتل عسكري ضخم مؤلف من 13 سيارة، وسط وصف أحد الشهود للمشهد بـ”المرعب”، مشيرة إلى أن بعض العناصر لم يكونوا يرتدون زيّ الأمن العام.
الرتل العسكري المجهول، توجه مباشرة إلى منازل “المطلوبين” وسط البلدة، وامتدت المداهمات لتشمل منازل قريبة منها أيضاً.
ووفقاً لشهادات السكان، تعرضت بعض المنازل لتكسير وتحطيم محتوياتها، دون أن تصل الأضرار إلى درجة كبيرة، كما تم اعتقال بين 3 إلى 5 شبان، بعد تعرضهم للضرب والإهانة، مع مصادرة دراجتين ناريتين، غير أن الشبان والدراجتين تمت إعادتهم بعد ساعات قليلة من انتهاء الحملة، التي شهدت أيضاً استخدام طائرات مسيّرة.
وأشارت المصادر إلى أن الأشخاص المطلوبين لا يُعرف لهم أثر منذ مدة طويلة، في حين قال أحد سكان البلدة: “قضية المطلوبين هي مجرد حجة للدخول إلى البلدة وترهيب أهلها”، وذكرت مصادر محلية أخرى أن القوات الأمنية هدّدت بالاستيلاء على منازل المطلوبين إن لم يتم تسليمهم.
العودة إلى الأحراش… مجدداً
أثار دخول الرتل الأمني الذعر بين سكان البلدة، ما دفع العديد منهم، وخصوصاً الشباب والعائلات مع أطفالهم، إلى الهروب مجدداً إلى الأحراش المحيطة بالبلدة، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما جرى خلال مجازر الساحل في آذار الماضي، والتي راح ضحيتها 1676 شخصاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وكان لحمام واصل نصيب مؤلم منها، إذ تم إحراق العديد من منازل السكان وممتلكاتهم.
وعند تأكد السكان من انتهاء الحملة الأمنية، عادوا إلى بيوتهم بعد ساعات من الفرار.
تناقض في الروايات الرسمية
ظهر مختار حمام واصل في فيديو توضيحي بعد انتهاء الحملة، وقال فيه إن مدير الناحية أبلغه مسبقاً أن حملة تفتيش ستجري بحق بعض المطلوبين، وإنه رافق الحملة إلى جانب مدير المنطقة، لكنه لم يذكر التجاوزات التي أبلغ عنها الأهالي، بل تحدث عن إعادة مبلغ مالي ومصاغ ذهبي وُجد في منزل أحد المطلوبين إلى صاحبه.
عند سؤاله، قال أحد سكان البلدة بشأن الفيديو: “ماذا تتوقع من مختار قريتنا أن يقول؟ لعلّ ما قاله يتم تلقيه كبادرة حسن نية تجاه الأمن العام”.
من جانبه، قال مختار إحدى قرى ريف بانياس –فضل عدم الكشف عن هويته– إن بعض الوجهاء قد ينجحون أحياناً في تجنيب قراهم المداهمات عبر إقناع الجهات الأمنية بأن المطلوبين غادروا البلدة منذ زمن، وأضاف: “مرافقة الحملة لا تعني بالضرورة أن المختار شهد كل التجاوزات التي حدثت”.
سلاح سابق وتطمينات هشّة
في منتصف نيسان الماضي، جرى تنسيق بين الأمن العام ووجهاء حمام واصل لتسليم السلاح المنتشر في البلدة، وتم بالفعل تسليم حوالي 150 قطعة سلاح خفيفة، ورغم تطمينات مدير المنطقة الجديد بضرورة حسن التعامل مع السكان، فإن هذه الحملة الأخيرة كشفت هشاشة العلاقة بين الأهالي والقوى الأمنية، وبيّنت ضعف تأثير التطمينات عند تنفيذ حملات من هذا النوع.
ولم تقتصر حالة الذعر على حمام واصل فقط، إذ تحدثت “جسر” مع مصادر من عدة قرى في ريف بانياس، أكدت أن بعض السكان لا يزالون يهربون إلى الأحراش عند رؤية قوات الأمن، وذكر أحد سكان قرية بارمايا أن “باصاً يقل مسلحين تعطل قرب القرية، ففرّ سكان البيوت المجاورة إلى الأحراش فوراً”.
ورغم أن الوضع اليوم أهدأ نسبياً مقارنةً بأيام الاقتحامات والانتهاكات والجرائم خلال الأشهر الماضية، إلا أن القلق ما زال مخيماً على المناطق التي شهدت أحداث قتل وعنف، في أرياف طرطوس واللاذقية وحمص.