جسر – متابعات
بدأت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب أعمالها رسمياً اليوم الأربعاء، بعقد مؤتمر صحفي ترأسه محمد طه الأحمد، رئيس اللجنة، حيث استعرض الخطوط العريضة لعمل اللجنة في المرحلة المقبلة، مؤكداً أن البلاد “ليست بصدد تنظيم انتخابات تقليدية، بل تسلك مساراً فرضه واقع المرحلة الانتقالية والمسؤولية الوطنية”، على حد تعبيره.
وأوضح الأحمد أن اللجنة تعمل حالياً على إعداد نظام انتخابي مؤقت يضمن ما وصفه بـ”التمثيل دون إقصاء”، مشدداً على ضرورة الموازنة بين الكفاءة والتمثيل المجتمعي.
وبحسب ما أُعلن، فإن الكفاءات ستشكل 70% من أعضاء مجلس الشعب، مقابل 30% من الوجهاء والأعيان، في صيغة تبدو محاولة لدمج النخب التكنوقراطية مع القوى التقليدية في المجتمع السوري.
وأكد أن المرسوم الرئاسي رقم 66 لعام 2025، الصادر عن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، قد حدد توزيع المقاعد على المحافظات، على أن يتم لاحقاً توزيعها على المناطق ضمن كل محافظة بحسب التمثيل السكاني.
وينص المرسوم على أن يتكوّن مجلس الشعب من 150 عضواً، يُنتخب ثلثاه (100 عضو) عبر لجان انتخابية فرعية في المحافظات، بينما يتم تعيين الثلث المتبقي (50 عضواً) مباشرة من قبل رئيس الجمهورية. وقد أثارت هذه الآلية موجة من الانتقادات، باعتبارها تمثل تقويضاً لاستقلالية السلطة التشريعية.
وأعلن رئيس اللجنة أن العمل جارٍ على إعداد النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت، إلى جانب الجدول الزمني لإجراء الانتخابات.
وستبدأ المرحلة المقبلة بفتح باب الترشح لمجلس الشعب، يليها إطلاق الحملات الانتخابية، ثم الاقتراع وإعلان النتائج الأولية، مع تخصيص فترة طعون تمتد لثلاثة أيام قبل إعلان النتائج النهائية.
وأشار الأحمد إلى أن اللجنة ستبدأ سلسلة من اللقاءات مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع ووجهاء المناطق في مختلف المحافظات، بغية استطلاع آرائهم بشأن آليات تشكيل اللجان الفرعية الانتخابية، وضمان تمثيل حقيقي وشامل في العملية السياسية، كما أضاف أنه سيتم تشكيل لجان فرعية في كل محافظة، تضم ممثلين عن مختلف المناطق ضمن المحافظة.
وفيما يتعلق بالمناطق التي يصعب الوصول إليها، لا سيما في الشرق السوري، أوضح أن اللجنة قد تلجأ إلى دعوة الوجهاء والأعيان في هذه المناطق للمشاركة في المشاورات وبحث سبل تشكيل اللجان الانتخابية فيها.
من جانبه، قال نوار نجمة، المتحدث الإعلامي باسم اللجنة وعضوها، إن اللجنة بدأت جولاتها من دمشق بهدف الاستماع لمطالب المواطنين والمجتمع المحلي بشأن اختيار أعضاء مجلس الشعب. ولفت إلى أن اللجنة تعمل حالياً على وضع رؤية أولية للنظام الداخلي المؤقت الذي سيحكم عملها، بالإضافة إلى المعايير التي يجب أن تتوفر في المرشحين، وأبرزها حسن السيرة والسلوك، مع التركيز على الكفاءات والمؤهلات.
وتوقع نجمة أن يتم تشكيل مجلس الشعب الجديد خلال فترة تتراوح بين 60 إلى 90 يوماً، في حال سارت الإجراءات وفق الخطة الموضوعة.
ورغم الطابع الانتقالي والإصلاحي الذي تسوّقه اللجنة، إلا أن المرسوم الرئاسي والنظام الانتخابي المرتبط به قد أثارا انتقادات حادة من قبل العديد من النشطاء والحقوقيين وشخصيات من المجتمع المدني، الذين اعتبروا أن آلية تعيين ثلث أعضاء المجلس من قبل الرئيس، بالإضافة إلى اختيار الثلثين الآخرين عبر لجان تهيمن عليها السلطة المركزية، تمثل خرقاً واضحاً لمبدأ فصل السلطات، وتحدّ من استقلالية البرلمان وقدرته على أداء دوره الرقابي.