جسر – دير الزور (محمد جنيد)
أقيمت في محافظة دير الزور ندوة حوارية حول العدالة الانتقالية، برعاية السيد المحافظ والهيئة السياسية، بهدف تسليط الضوء على تجارب الناجين وذوي المفقودين في ظل الأحداث التي عصفت بالمنطقة خلال السنوات الماضية، غير أن الندوة أثارت موجة من الغضب والاستياء في الأوساط الشعبية، خاصة بين الناشطين، بسبب مشاركة شخصيات بارزة ارتبطت أسماؤها بممارسات قمعية خلال الثورة السورية.
وكان من بين المشاركين في الصفوف الأمامية للندوة كل من بسام عمير، قاضي التحقيق في محافظة دير الزور، وبندر الضيف، المحامي السابق الذي لعب دوراً بارزاً في ملاحقة المعارضين خلال الثورة، قبل أن يُكافأ بتعيينه قاضياً بعد سنوات من ولائه للنظام.
وقد أثار ظهورهما في هذا الحدث تساؤلات واسعة حول المعايير التي تعتمدها الجهات المنظمة لاختيار المشاركين، في ظل ما وُصف بأنه “إعادة تدوير لوجوه ارتبطت بالقمع”.
وأعرب عدد من الناشطين والثوار عن استيائهم من مشاركة رموز محسوبة على النظام السابق، معتبرين أن ظهورهم في مثل هذه الفعاليات يتناقض مع جوهر العدالة الانتقالية، التي يُفترض أن تُنصف الضحايا وتمنحهم صوتاً في المسار السياسي والقانوني المقبل.
وقد انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صورٌ من داخل الندوة تُظهر جلوس هذه الشخصيات في المقاعد الأمامية، ما زاد من حالة الاحتقان الشعبي.
أهالي الضحايا والمهجرين لم يقفوا صامتين بدورهم، بل عبّروا عن رفضهم الشديد لما وصفوه بـ”تبييض صفحات الماضي”، مطالبين بإقصاء كل من شارك في منظومة القمع من المشهد العام احتراماً لدماء الشهداء ومعاناة المعتقلين والناجين، كما دعوا إلى انتقاء ممثلين حقيقيين يعبرون عن تطلعات الشعب السوري وتضحياته، بعيداً عن أي مصالح سياسية ضيقة.
وسط هذا الجدل المتصاعد، ترتفع أصوات تطالب بإعادة النظر في آليات تنظيم الفعاليات السياسية والقانونية، وبضرورة وضع معايير شفافة في اختيار المتحدثين والمشاركين، بما يضمن أن تكون العدالة الانتقالية منصّة حقيقية للمتضررين لا مجرد غطاء لإعادة إنتاج رموز القمع.