جسر – دير الزور (محمد جنيد)
مع بداية شهر أيار شرعت وزارة المالية السورية في تطبيق آلية جديدة لصرف رواتب الموظفين عبر تطبيق “شام كاش”، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد للتحول الرقمي وتسهيل الخدمات المالية، غير أنّ هذه الخطوة أثارت موجة استياء في محافظة دير الزور بسبب محدودية المكاتب المعتمَدة، إذ لا يتوافر سوى أربعة مكاتب فقط لصرف الحوالات، ما أعاد مشهد الطوابير الطويلة وفاقم معاناة الموظفين.
ومنذ تفعيل الآلية، بات الموظفون مضطرين للانتظار لساعات أمام مكاتب شركتَي “الهرم” و”الفؤاد”، وهما الجهتان الوحيدتان المعتمدتان حالياً في المدينة.
يقول المواطن هاني الأشرم: “نصل السابعة صباحاً وننتظر حتى الظهر، ثم يقال لنا ‟راجعونا غداً”، فقد نَفدت النقود من الخزينة. هل هذا هو التسهيل الذي وعدونا به؟”.
عقبات تقنية وتوعية غائبة
يشتكي الكثير من الموظفين في المحافظة من صعوبة التعامل مع التطبيق، خاصةً لغيابه عن المتاجر الرسمية.
وتقول أم سليم: “لا أملك هاتفاً ذكياً، واضطررت للاستعانة بابني لتحميل التطبيق من رابط خارجي. لماذا لا يكون متاحاً على المتجر الرسمي؟”.
المواطن قاسم فهد يقول: “نُجبَر على استخدام التطبيق، لكن لا أحد يشرح لنا كيف نُفعِّله. نشعر أننا وحدنا في مواجهة هذه التقنية”.
من جانبها، تقول هاجر النعيمي: “لم يُعَبَّأ حسابي، وعند مراجعتي أجابوا أن هناك خطأ في رقم الحساب. راتبٌ ومنحة بقيمة مليون ليرة، أين ذهبت؟”.
مطالب بالعودة إلى النظام السابق
في ظل هذه الفوضى تتعالى الأصوات المطالِبة بالعودة إلى الآلية التقليدية عبر المحاسبين الحكوميين أو موظفي الإدارات المالية.
وتقول راغدة طه في هذا الشأن: “الآلية القديمة كانت أوضح وأسرع. الآن أشعر أنني أتعامل مع آلة لا تفهمني، وكل خطأ تقني يعني تأخير راتبي”.
قراءة اقتصادية واقترحات بديلة
يتساءل الخبير الاقتصادي صقر الصكر عن جدوى تحويل رواتب لا تتجاوز معظمها 40 دولاراً شهرياً عبر تطبيق إلكتروني، مؤكداً أن الخطوة لم تخفف الازدحام بل أعادت إنتاجه. ويقترح بدائل أكثر واقعية مثل تخصيص دوام مسائي في مكاتب الحوالات للموظفين، وتفعيل الصرّافات الحكومية بالاعتماد على الطاقة الشمسية لضمان عملها طيلة ساعات أيام الأسبوع.
وتكشف التجربة الحالية فجوةً واضحة بين أهداف الرقمنة والطابع المركزي للتنفيذ؛ إذ اصطدمت الخطط الطموحة بعقبات بنيوية وتقنية واجتماعية أعادت إنتاج الأزمات بدلاً من حلّها، وبينما يبقى التحول الرقمي هدفاً ضرورياً، فإن نجاحه يظل مرهوناً بقدرة الجهات المعنية على مواءمة الحلول مع الواقع المحلي، وضمان وصول الخدمة بعدالة وكفاءة إلى جميع المستفيدين.