جسر – نهى قنص
أصدر رئيس الجمهورية الانتقالي أحمد الشرع قبل أيام، مرسوماً يقضي بإلغاء جميع قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة بين عامي 2012 و2024، والتي طالت ممتلكات عشرات الآلاف من المواطنين السوريين، في خطوة وصفت بأنها تصحيح لمسار سنوات من الظلم.
المرسوم يشمل إلغاء الحجوزات الاحتياطية التي أصدرتها وزارة المالية بناءً على توجيهات الأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق، حيث استُند فيها إلى أحكام المرسوم التشريعي لعام 2012، الذي أتاح للدولة فرض تدابير تحفظية على أموال الأفراد لأسباب أمنية دون الرجوع إلى القضاء.
تنفيذ المرسوم ومهام الوزارات
وبحسب المادة الثانية من المرسوم، كُلّفت وزارة المالية بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعدل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار بشكل فعال وسريع. وأكد وزير المالية، محمد يسر برنية، أن المرسوم يعكس توجّه الدولة لرفع الظلم عن المواطنين وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
وأوضح الوزير في منشور على حسابه في “لينكد إن” أن قرارات الحجز التي طالت مواطنين ورجال أعمال كانت نتيجة توجيهات أمنية جائرة، دون أي إجراءات قضائية عادلة، واستهدفت بشكل خاص من أعلنوا مواقف مؤيدة للثورة السورية.
وأشار إلى أن الجهات المعنية بدأت فعلياً بوضع آليات تنفيذية لرفع الحجوزات، في إطار خطة وطنية لإعادة عجلة الاقتصاد وتعزيز الثقة بالمؤسسات.
خلفيات أمنية وحقوقية
من جانبه، قال إسماعيل مقبل، مدير المكتب الصحفي في وزارة المالية، لصحيفة “جسر”، إن قرارات الحجز الاحتياطي كانت غالباً عبارة عن توصيات مكتوبة من فروع أمنية بمصادرة أملاك المعارضين بسبب مواقفهم السياسية، مشيراً إلى أن عدد المتضررين من هذه الحجوزات يبلغ نحو 91,500 مواطن سوري.
وأوضح مقبل أن القرار يمثل جزءاً من جهود الحكومة ضمن مشروع العدالة الانتقالية، الذي يهدف إلى جبر الضرر وإعادة الحقوق لأصحابها، وخاصة لمن تعرضوا لانتهاكات ممنهجة خلال سنوات الثورة.
القانون ومؤسسات النظام السابق
بدورها، بينت المحامية نور الهدى عواد أن النظام السابق كان يستخدم ما يُعرف بـ”محكمة الإرهاب” لتنفيذ قرارات الحجز، بناءً على قوائم تصدر عن المكتب الوطني التابع لرئاسة الجمهورية.
وقد كانت المحكمة تستند إلى قانون الإرهاب لعام 2012 لإضفاء صبغة قانونية على هذه القرارات، ثم تخاطب وزارة المالية لحجز ممتلكات المعارضين.
وأوضحت عواد أن القانون كان ينص على مصادرة ممتلكات المتهمين بالإرهاب تلقائياً بعد صدور أحكام بحقهم، وتحويلها إلى خزائن الدولة، مما شكّل أداة لترهيب المعارضين وسلبهم ممتلكاتهم دون محاكمة عادلة.
تداعيات كارثية موثقة
وثّقت منظمات حقوقية خلال السنوات الماضية عشرات آلاف حالات الحجز التي صدرت دون إجراءات قانونية سليمة، ما أدى إلى تدمير شريحة واسعة من الاقتصاد الوطني، وتفكك البيئة الاستثمارية، بالإضافة إلى الانتهاك الصارخ للحقوق الأساسية للمواطنين.
والمرسوم الأخير يُعد، بحسب مراقبين، خطوة هامة على طريق العدالة الانتقالية، ويبعث برسالة طمأنة إلى آلاف الأسر السورية التي عانت من آثار هذه السياسات المجحفة.