جسر – متابعات
أثارت المراسيم التشريعية الجديدة التي أصدرها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، والتي تشمل إنشاء “صندوق التنمية” وتعديل قانون الاستثمار، جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والاقتصادية السورية، حيث اعتبرها خبراء ومحامون مخالفة للإعلان الدستوري، معربين عن مخاوف من تعزيز التفرد بالسلطة وإضعاف مبدأ سيادة القانون في المرحلة الانتقالية.
الخبير الاقتصادي كرم شعار وصف مرسوم إنشاء “صندوق التنمية” بأنه يمنح الرئاسة صلاحيات واسعة للتصرف بأصول القطاع العام دون رقابة تشريعية، مشيراً إلى أن تقارير الصندوق المالية التي تُعرض على الرئاسة فقط دون مساءلة شعبية تمثل “ظلماً للسوريين”.
وأضاف: “في ظل الوضع الإداري المعقد، قد يُفهم هذا في المرحلة الانتقالية، لكن غياب المساءلة أمر غير مقبول”.
بدوره، اعتبر الحقوقي ميشيل شماس أن مرسوم تعديل قانون الاستثمار “باطل بطلاناً مطلقاً” لمخالفته الإعلان الدستوري، الذي يحظر على الرئيس إصدار أو تعديل تشريعات.
وانتقد شماس مستشاري الرئيس، قائلاً: “ابتلينا بمستشارين يورطون الشرع بمخالفات دستورية متكررة، فإذا لم يحترم الرئيس والوزراء الإعلان الدستوري، فكيف نطالب المواطن بالالتزام؟”.
من جهته، دعا الحقوقي عارف الشعال وسائل الإعلام إلى استضافة أعضاء لجنة الإعلان الدستوري لتوضيح مدى توافق المرسوم مع النصوص الدستورية، متسائلاً عن تقصير اللجنة في استدراك مثل هذه الحالات. وأضاف: “إذا تجرأ أحدهم وأكد عدم قانونية المرسوم، فليسأل عن سبب هذا التقصير”.
المحامي علاء الدين تلجبيني أعرب عن قلقه من مرسوم “صندوق التنمية”، مشيراً إلى أن تنفيذ مشاريع دون رقابة برلمانية وتقديم تقارير مالية للرئاسة فقط يثير تساؤلات حول تحويل مؤسسات الدولة إلى “أدوات سلطة”.
وتساءل: “كيف يُدار صندوق يتحكم بأموال الدولة دون رقابة شعبية أو قضائية مستقلة؟”.
كما وصف الحقوقي محمد صبرا مرسوم تعديل قانون الاستثمار بأنه “تعبير فج عن عدم الإيمان بسيادة القانون”، محذراً من أن تكرار مثل هذه المخالفات يشكل “مؤشراً خطيراً” لمسار الدولة في المرحلة الانتقالية. وأكد أن الإعلان الدستوري، الذي أصدرته السلطة التنفيذية، يحظر على الرئيس سن التشريعات، معتبراً أن هذه المراسيم تهدد أسس الحكم القانوني.
تأتي هذه الانتقادات في وقت تسعى فيه الحكومة السورية لتعزيز التعافي الاقتصادي، لكن المخاوف من تركيز السلطة وغياب الرقابة، تثير تساؤلات حول مدى التزام السلطات بالإطار القانوني، في مرحلة انتقالية حساسة.