أرقام عسكرية مفزعة شرق الفرات… التأسيس للمجازر ؟

رأي - عبدالناصر العايد

 

كشفت الأحزاب الكردية المقيمة في كردستان العراق، المتحالفة مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ارقاماً مفزعة عن عديد قواتها العسكرية الذي ترغب بزجه في شرق الفرات، فيما إذا تم التوصل إلى اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية،

وبحسب تصريح القيادي بصفوف «البيشمركة» المقدم دلوفان روباربي، لصحيفة الشرق الأوسط، “يصل قوام هذه القوات إلى فرقة عسكرية تعدادها نحو سبعة آلاف مقاتل”، مؤلفة من ضباط وعناصر منشقين عن جيش النظام السوري، أو رفضوا اداء الخدمة العسكرية الاجبارية فيه،  وقد شاركت في صد هجمات تنظيم داعش على اقليم كردستان العراق سنة ٢٠١٤، لكنها لم تشارك في الصراع السوري.

فيما أكد مسؤول بارز في رئاسة المجلس الكردي، للشرق الأوسط أيضاً، “أن هذه القوات يصل عددها لنحو 15 ألفاً، موزعين على 7 آلاف يحملون السلاح ضمن الألوية والفرق العسكرية بالإقليم، وهناك متطوعون يبلغ عديدهم قرابة 8 آلاف تدربوا على فنون القتال وحملوا السلاح أثناء هجمات «داعش» في العراق”.

يأتي الكشف عن هذه الأرقام في سياق المفاوضات التي وصفت بالعسيرة بين الأحزاب الكردية برعاية أميركية، والتي وصلت إلى مناقشة السلة الثالثة وهي “الحماية والأمن”، والتي يتم التباحث فيها حول انتشار قوات تابعة لكل من هذه الاحزاب في “المناطق ذات الاغلبية الكردية” شرق الفرات.

هذا فيما يبلغ عديد قوات الحماية الكردية، وهي العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، مالايقل عن أربعين ألف مقاتل، يرفدها لا أقل من عشرة آلاف مقاتل عربي من المنخرطين في قسد، الأمر الذي يرفع عديد القوات التي يفترض أن تشترك في حماية المناطق ذات الغالبية الكردية إلى نحو خمسة وستين ألف مقاتل.

من ناحية ثانية يتمركز في الشريط الحدودي بين تل أبيض ورأس العين نحو خمسة عشر ألف مقاتل من الجيش الوطني السوري، المسنود من الجيش التركي، والمناويء لقسد وغيرها من القوات الكردية التي يحتمل قدومها إلى المنطقة، فيما يمتلك النظام ما لايقل عن عشرين ألف مقاتل موزعون بين الحسكة والقامشلي ومنبج والرقة وغرب نهر الفرات، تدعمهم نحو عشرة آلاف أخرى من الميلشيات الايرانية المتمركزة هناك.

هذا ناهيك طبعاً عن القوات الاميركية والفرنسية المنخرطة في التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، ويبلغ عديدها نحو ألفي مقاتل، والشرطة العسكرية الروسية التي تتمركز في مطار القامشلي وعلى طول نهر الفرات من منبج إلى البوكمال ويبلغ عديدها مالا يقل عن ألف مقاتل.

وأخيراً تقول تقارير أميركية أن تنظيم داعش يمتلك جيشاً سرياً يبلغ عديده في سوريا والعراق نحو عشرة آلاف مقاتل.

نحن اذاً أمام مشهد عسكري محتشد كماً ونوعاً، يبلغ عديد المقاتلون فيه لا أقل من مئة ألف مقاتل، وقوى نوعية تتمثل بالاسلحة الفائقة للقوتين العظميين، الولايات المتحدة وروسيا، وقوات الدولتين الأنشط اقليمياً وهما تركيا وايران، وعناصر من التنظيمات الأكثر خبرة قتالية مثل تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني وحزب الله اللبناني.

كل هذه الجيوش لمنطقة كان يقطنها قبل سنة ٢٠١١ نحو ثلاثة ملايين شخص، ولا يزيد عدد سكانها اليوم عن مليوني انسان، وكل هذا الكم والنوع من الاسلحة تتراكم في منطقة عادت لبناء بيوتها من الوحل والتبن، ويرزح معظم سكانها تحت خط الفقر، ومفتقرة للتعليم والخدمات الصحية منذ سنوات طويلة، وتعاني من التهميش التنموي المتعمد منذ مالايقل عن نصف قرن.

هذه المعطيات، والارقام التي لا تكذب خصوصاً، هي وصفة حرب طاحنة قادمة، ليست فقط بين أطراف النزاع الرئيسية، بل داخل كل بيت من بيوتاته، وأخص هنا بالذكر، البيت الكردي ذاته، والبيت العربي الذي يتناحر في داعش وامثاله مع العشائر العربية وقواها العسكرية، وداخل الجزيرة كمنطقة تعايش عربي كردي سرياني أزيدي وآشوري عبر التاريخ، وداخل البيت السوري، الذي يتربص به نظام الأسد وينتظر الفرصة المناسبة لأخذه بالقوة المفرطة تحت جناحه مرة أخرى.

إنّه لمن الخيالية المفرطة في براءتها، أنْ يدعو المرء المتحاربين إلى القاء السلاح وتجنب المجازر، فيما هم يبرزون أنيابهم ومخالبهم في وجه بعضهم البعض، لكن من غير الأخلاقي الاكتفاء بالتأمل الصامت للحال وهو ينجرف إلى اسوأ السيناريوهات المحتملة. وهنا لا بد من التذكير على الأقل، بأن أن ليس بعد حشد الجيوش أمام بعضها البعض سوى اندلاع الصراع، وما بعد اندلاع الصراع سوى القتل، وما بعد القتل سوى المجازر المجانية.. المجانية تماماً.

 

قد يعجبك ايضا