المجتمع المدني في الرقة: خدمة “قسد” أو الاعتقال

جسر: متابعات:

المدن 6 آذار/مارس 2020

يستمر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سياسته بالتضييق على العمل المدني واﻹنساني في مناطق سيطرة ذراعه العسكري؛ قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات، حيث شنت اﻷجهزة اﻷمنية التابعة للأخيرة حملة اعتقالات واسعة طالت العديد من ناشطي المجتمع المدني في محافظة الرقة.

وأكدت مصادر محلية ل”المدن”، أن دورية عسكرية تتبع لاستخبارات قسد وتضم 20 حافلة، داهمت مساء الثلاثاء ديوان الشيخ خلف الخمري في قرية جعبر، واعتقلت ولده المحامي عمر الخمري؛ المدير التنفيذي لمنظمة “معاً لأجل الجرنية”؛ إحدى أهم المنظمات العاملة في مدينة الرقة وريفها الغربي، وثلاثة من أبناء عمومته، هم: صالح الخمري، عمر الملا عيسى، خمري الملا عيسى، وجرى اقتيادهم إلى مقر الاستخبارات في مدينة الطبقة.

أحمد الهشلوم/انترنت

سبق ذلك اعتقال المدير التنفيذي لمنظمة “إنماء الكرامة” أحمد الهشلوم من قبل دورية تتبع للجهاز نفسه في مدينة الرقة في 29 شباط/فبراير، وهو الاعتقال الثاني للهشلوم، الذي سبق أن اعتقله جهاز الأمن العام التابع لقوى اﻷمن الداخلي (أسايش روجافا) في آب/أغسطس من العام الماضي، مع الناشط حسن قصاب ليفرج عنهما بعد اعتقال استمر أكثر من شهرين، بحسب مصادر المدن.

وأضافت المصادر أن اﻻعتقالات اﻷخيرة تأتي في سياق سياسة من التضييق على الناشطين في العمل المدني، بعد اعتقال منسق “برنامج فرات” جمال المبروك في 12 شباط/فبراير، واقتياده إلى مقر الاستخبارات في مدينة الطبقة، تلاه اعتقال الناشط نزار العكلة، واقتياده إلى سجن استخبارات قسد.

وأوضحت مصادر “المدن” أن اعتقال العكلة وهو المدير التنفيذي ل”فريق صناع المستقبل”، والتي تعتبر أيضاً واحدة من أكبر منظمات المجتمع المدني في الرقة، جاء بعد أن طالبه العامل في مكتب شؤون الشرق الأدنى علي الشلاش، بتقديم استقالته، شرطاً لحصول الفريق على الدعم المقدم لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وقال ناشط مهتم بالشأن العام من أبناء الرقة ل”المدن”، إن الاعتقالات اﻷخيرة تندرج في سياسة قسد الهادفة إلى خلق مجتمع مدني قريب من أجندتها، لاستغلاله في تمرير رسائل سياسية تخدمها دولياً وإقليمياً، بعد فشل محاولاتها في تجنيد منظمات المجتمع المدني في الرقة، فردّت بالاعتقالات والتغييب القسري كمحاولة منها لإضعاف الوجود المدني في المحافظة، تمهيداً للقضاء عليه.

وأكدت مصادر في الرقة أنه لم يتم توجيه أي اتهام واضح ﻷي من المعتقلين المذكورين، إضافة إلى منع قسد ذويهم من زيارتهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم، حتى اﻵن.

وما زال الناشط المدني أحمد الجميلي، من أبناء قرية عين عروس التابعة لتل أبيض بريف الرقة الشمالي، معتقلاً لدى “الجبهة الشامية” المنضوية في الجيش الوطني السوري، منذ توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر، على خلفية اتهامه باﻻرتباط بقسد والتورط في تفجير تل أبيض مطلع الشهر نفسه، والذي أودى بحياة 13 مدنياً.

أحمد الجميلي/انترنت

مصدر مقرب من الجميلي أكد ل”المدن”، أن اﻷخير تعرض للتعذيب الشديد، مضيفاً أن اتهامات “الجبهة الشامية” استندت إلى نشاطه المدني إبان سيطرة قسد على تل أبيض، حيث سبق للأخيرة أن اعتقلته مرتين. وأشار إلى أن المنظمة التي عمل فيها انتقلت، مع انحسار سيطرة قسد عن المدينة، إلى الرقة؛ في حين رفض الجميلي الانتقال معها وأصر على مواصلة نشاطه في تل أبيض.

وأشار المصدر إلى عوامل تتعلق ب”الحساسيات الشخصية” بين الجميلي وبعض النافذين في “الهيئة الشامية”، مؤكداً أنه لا توجد لدى اﻷخيرة سياسة موجهة ضد النشاط المدني واﻹنساني إلا ما يبدر بين الحين واﻵخر؛ نتيجة للتشكك الذي تكنه عموم الفصائل المسلحة تجاه النشطاء والمنظمات المدنية، مضيفاً أن المنطقة “لم تشهد حالات اعتقال أو اختطاف لناشطين في الشأن العام” منذ سيطرة الوطني عليها مؤخراً”.
قد يعجبك ايضا