النظام يستولي على أراض زراعية بريف حماة ويعرضها في المزاد العلني

جسر – متابعات

نشر موقع “syria report” تقريراً، تحدث فيه عن استغلال حكومة نظام الأسد غياب المزارعين من أهالي ريف حماة، الذين نزحوا عن ديارهم، وعرض أراضيهم الزراعية في مزادات علنية للاستثمار، عقب الاستيلاء عليها.

وأكد التقرير الذي نُشر مؤخراً، بطلان القانون الذي تستند إليه حكومة نظام الأسد، للاستيلاء على الأراضي الزراعية في ريف حماة. وجاء فيه:

أنهت محافظة حماة إحصاء وتحديد الأراضي المزروعة بالفستق الحلبي في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، والتي تعود لفلاحين نازحين إلى مناطق المعارضة. وطرحت اللجان المكانية التي شكلتها المحافظة، لوائح بتلك الأراضي التي ستُعرضُ للاستثمار في المزادات العلنية المقرر عقدها هذا الأسبوع.

وأصدرت الأمانة العامة لمحافظة حماة في 5 تموز، إعلاناً للمرة الأولى وبالسرعة الكلية، حددت فيه شروط وطريقة المشاركة في المزايدة العلنية لاستثمار الأراضي المشجرة بالفستق الحلبي. الأمانة العامة حددت ثلاثة مزادات متعاقبة، ستقام في مبنى محافظة حماة، أيام 12، 13 و14 تموز، وقسمت أراضي المنطقة عليها. الإعلان قال بإن التعاقد هو لموسم واحد، مع إمكانية تجديده موسماً آخراً من دون اجراء مزايدة جديدة، وذلك بـ”موافقة الطرفين”، أي المحافظة والمُستتثمرين، لا أصحاب الأرض.

واشترط الإعلان تقديم المستثمر 70 ألف ليرة سورية كتأمينات أولية، ونسبة 10% من قيمة العرض الأولي للأرض المراد استثمارها “الإحالة” كتأمينات نهائية. وتدفع تلك التأمينات بموجب شيك مصدق أو كفالة مصرفية. كما يتوجب تقديم إضبارة فنية للمزايدة تصدرها دائرة العقود في الأمانة العامة لمحافظة حماة، ويبلغ ثمنها 10 آلاف ليرة. ويبدأ تقديم الطلبات في 6 تموز إلى ديوان النافذة الواحدة في مبنى المحافظة، مرفقة بوثيقة لا حكم عليه، وسند إقامة، بالإضافة إلى التأمينات و الإضبارة الفنية.

وتمّ إعلان المزاد بقرار محافظ حماة رقم 4991، الصادر بناءً على كتاب وزير الزراعة رقم 169 بتاريخ 9 حزيران 2021، والصادر بدوره وفق قانون العقود العامة رقم 51 لعام 2004 الخاص بالعقود المتعلقة بأملاك الجهات العامة. في حين كانت إعلانات المزادات في العام الماضي، قد تمّت بناءً على قرارات اللجنة الأمنية والعسكرية وفق الأمر الإداري رقم 3077 لإحصاء أراضي الفستق الحلبي، والأمر الإداري رقم 4400 لإحصاء أراضي السليخ والأشجار المثمرة.

وجزء كبير من الأراضي المعروضة حالياً في المزادات هي أميرية، وكان القانون المدني قد منح للمتصرف بها الحق في استغلالها واستعمالها وزراعتها كما يشاء، إلا أن المادة 775 نصّت على: “يسقط حق التصرف في العقارات الأميرية بعدم حراثة الأرض، أو بعدم استعمالها مدة خمس سنوات”، ويعني ذلك استردادها لتعود من أملاك الدولة. ويبدو أن هذه الثغرة هي التي يحاول النظام استغلالها لنزع ملكية تلك الأراضي من أصحابها المُهجّرين قسراً عنها.

إلا أن المادة 379 من القانون المدني، تقول: لا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية، أو في حق الغائب، أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً”. وبهذا، فإن القانون المدني، لا يبيح تطبيق مهلة سقوط حق التصرف، بحق الغائب. وقد يُصعّب هذا التفصيل القانوني من مهمة النظام في انتزاع الأراضي الأميرية من الفلاحين المُهجّرين قسراً، وعليه أن يثبت أن غيابهم قد حدث بغير وجه حق.

وبذلك، ليس واضحاً ما هو السند القانوني لقرار المحافظ بإعلان المزاد وفق أحكام القانون 51/2004 الخاص بالعقود المتعلقة بأملاك الجهات العامة. فإن كان القرار قد اعتبر تلك الأراضي ملكاً للدولة، فذلك يعتبر انتهاكاً خطيراً غير مسبوق لملكيات الفلاحين النازحين. إذ أن حقوق المالكين والمنتفعين مصانة وفق القانون المدني وقانون الإصلاح الزراعي. المادة 770 من القانون المدني قالت “لمالك الشيء الحق في كل ثماره ومنتجاته وملحقاته، ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك”. في حين أن القانون 61 لعام 2004 الخاص بتعديل بعض مراسيم توزيع الدولة للأراضي، نص على أنه “يُعدُّ المنتفع من أراضي الدولة (إصلاح زراعي – أملاك دولة خاصة) مالكاً للأرض الموزعة عليه من تاريخ اعتماد التوزيع من قبل لجنة الاعتماد في المحافظة، وتسجل باسمه في السجلات العقارية بناءً على طلب من مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي المختصة”.

وإن كان الاستناد إلى القانون 51\2004 يخص فقط طرق العرض في المزاد العلني دون التعرض للأموال والأملاك الخاصة فذلك يحمل مخالفات قانونية صريحة وبالجملة لأصول المحاكمات والقانون المدني وحتى لقانون الإرهاب. إذ على افتراض أن محاكمة مالكي الأراضي أو المنتفعين منها قد تمت وفق قانون مكافحة الإرهاب، فلا يجوز تطبيق القانون 51 على أملاكهم الخاصة بل ينبغي اتباع الإجراءات التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية حول الحجز والتنفيذ على أموال المحكوم عليه.

لوائح الأراضي المطروحة للاستثمار كانت قد عُرضت في اللوحات الإعلانية في محافظة حماة، ومديريات المناطق والنواحي في المحافظة؛ صوران ومحردة وسلميّة، وفي الوحدات الإرشادية الزراعية. وتتبع الوحدات الإرشادية لمديرية الإرشاد الزراعي التابعة بدورها لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وتضم خبراء ومهندسين زراعيين وتعمل على مساعدة المزارعين لحل مشاكلهم التقنية الزراعية. وعلى سبيل المثال، نُشر في الوحدة الارشادية في مدينة مورك التابعة لمنطقة صوران 51 لائحة حصلت “سيريا ريبورت” على 35 نسخة منها، ضمت أراضي الفستق الحلبي في مدينة مورك وبلدة اللحايا القريبة منها.

وضمّت اللوائح خانات فيها تفاصيل عن الأراضي الخاضعة للمزادات؛ وفيها مساحة كل أرض وعدد الأشجار فيها، واسم “حائزها” الذي قالت إنه “المستثمر الفعلي للأرض عام 2010 وفق سجل الحائز في الوحدة الارشادية أو سجل الجمعية الفلاحية وبشهادة مختار القرية”. وهنا، يبدو مجدداً أن النظام يحاول استغلال ثغرة قانونية أخرى، تتمثل في موضوع الحائز على الأرض، لنزع الملكية من أصحابها. وتكون الحيازة في تسلّط شخص على شيءٍ بشكل فعلي، كأن يكون له حق انتفاع على عقار. والحيازة مؤقتة، يُكتفى فيها بوجود مبرر أو سبب مشروع لوضع اليد على العقار. وحق الانتفاع، هو حق عيني باستعمال شيء يخص الغير. ويمنح حق الانتفاع صاحبه سلطة مباشرة على الشيء يستطيع بموجبه استعماله دون إذن المالك.

كما ضمت اللوائح خانات فيها الفئة العمرية للأشجار، ونسبة الإنتاج المتوقعة منها بحسب تقديرات اللجان المكانية الفنية، لتكون أساساً في عملية المزايدة. وذُيّلت اللوائح بتوقيع مهندس زراعي مختص، ومختار القرية، ورئيس الوحدة الارشادية، ورئيس الرابطة الفلاحية، وأمين الفرقة الحزبية، وهم أنفسهم أعضاء اللجنة المكانية.

وسبق عقد المزادات، تشكيل لجنة تنظر في الاعتراضات التي يمكن أن يقدمها أصحاب الحقوق ممن وردت أراضيهم ضمن اللوائح، على أن يصطحب المعترض بيان قيد عقاري وما لديه من إثباتات لشطب أرضه من اللوائح. مصادر سيريا ريبورت أشارت إلى أن اللجنة لم تستقبل لحد كتابة هذا التقرير، أي اعتراض، نظراً لان أصحاب تلك الحقوق نازحين خارج مناطق سيطرة النظام، ولا يمكنهم الحضور شخصياً للاعتراض.

قد يعجبك ايضا