بيان تقرير: أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في النصف الأول من عام 2019

متابعات جسر:

 

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا في النصف الأول من عام 2019، واستعرضت فيه أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا.

 

واستعرض التقرير -الذي جاء في 33 صفحة- ما وثَّقه في حزيران والنصف الأول من العام الجاري 2019 من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع الرئيسة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال والاختفاء القسري، ويُسلِّط التقرير الضوء على الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة غير المشروعة (الذخائر العنقودية، الأسلحة الكيميائية، البراميل المتفجرة، الأسلحة الحارقة) وعلى عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة.

تضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة هذه الانتهاكات تبعاً للجهات الرئيسة الفاعلة، مُشيراً إلى أنه في حال الهجمات المشتركة، وعندما تعذر على فريق العمل إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية وقوات التَّحالف الدولي، تتمُّ الإشارة في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يتم إثبات أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما.

 

اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.

 

سجَّل التقرير في النصف الأول من العام الجاري 2019 مقتل 1864 مدنياً، بينهم 468 طفلاً و285 سيدة (أنثى بالغة) النسبة الأكبر منهم على يد قوات الحلف السوري الروسي، من بين الضحايا 15 من الكوادر الطبية و6 الكوادر الإعلامية و6 من كوادر الدفاع المدني. كما وثَّق مقتل 159 شخصاً قضوا بسبب التعذيب. وما لا يقل عن 59 مجزرة. وأشار التقرير إلى أنَّ شهر حزيران شهدَ مقتل 347 مدنياً بينهم 91 طفلاً و39 سيدة (أنثى بالغة)، و4 من الكوادر الطبية و2 من الكوادر الإعلامية، و2 من كوادر الدفاع المدني. وبحسب التقرير فقد تم توثيق مقتل 18 شخصاً قضوا بسبب التعذيب وما لا يقل عن 12 مجزرة في حزيران أيضاً.

 

وسجَّل التقرير في النصف الأول من عام 2019 ما لا يقل عن 2460 حالة اعتقال تعسفي بينها 117 طفلاً و122 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق ثم حلب فدمشق. وأوضحَ أنَّ ما لا يقل عن 336 حالة اعتقال تعسفي قد تم توثيقها في حزيران بينها 14 طفلاً و10 سيدة (أنثى بالغة) ، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظة ريف دمشق تلتها دمشق.

 

ووفقَ التقرير فقد شهدَ النصف الأول من العام ما لا يقل عن 435 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة 87 % منها كانت على يد قوات الحلف السوري الروسي وقد تركَّزت في منطقة خفض التصعيد الرابعة والأخيرة (المؤلفة من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية) وكان من بينها 115 حادثة اعتداء على مدارس، و56 حادثة على منشآت طبية، و88 على أماكن عبادة.

وبحسب التقرير فقد سجل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حزيران ما لا يقل عن 84 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 79 منها كانت على يد قوات الحلف السوري الروسي، جميعها في منطقة خفض التصعيد الرابعة. وأضاف التقرير أن 22 حادثة منها كانت على مدارس، و9 على منشآت طبية، و20 على أماكن عبادة.

 

ووفقاً للتقرير فقد نفَّذت قوات الحلف السوري الروسي في النصف الأول من عام 2019 ما لا يقل عن 43 هجوماً استخدمت فيها الذخائر العنقودية، تركزت جميعاً في محافظتي إدلب وحماة، نفَّذ النظام السوري 41 منها كان معظمها عبر سلاح المدفعية وتسبَّبت في مقتل 38 مدنياً بينهم 8 أطفال و8 سيدة (أنثى بالغة) وإصابة 77 شخصاً آخرين. وكانت 9 من هذه الهجمات قد وقعت في حزيران وجميعها في محافظة إدلب وعلى يد قوات النظام السوري؛ وتسبَّبت في مقتل أربعة مدنيين بينهم سيدة واحدة وإصابة أربعة آخرين.

كما وثَّق التقرير ما لا يقل عن 17 هجوماً بأسلحة حارقة نفَّذتها قوات النظام السوري في النصف الأول من العام بينها 7 هجمات تم توثيقها في حزيران، وقعت هذه الهجمات في مناطق مأهولة بالسكان وبعيدة عن خطوط الجبهات.

وطبقاً للتقرير فإنَّ قوات النظام السوري شنَّت في النصف الأول من العام هجوماً واحداً بأسلحة كيميائية كان في 19/ أيار؛ استهدفت به نقطة تمركز تابعة لهيئة تحرير الشام في تلة واقعة في الأطراف الجنوبية الغربية من قرية الكبينة بريف محافظة اللاذقية.

 

وثَّق التقرير أيضاً في النصف الأول من العام الجاري 2019 ما لا يقل عن 1583 برميلاً متفجراً ألقاها طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح جميعها استهدفت منطقة خفض التصعيد الرابعة، وقد تسبَّبت في مقتل 43 مدنياً، بينهم 7 أطفال و13 سيدة، وتضرُّر ما لا يقل عن 28 مركزاً حيوياً مدنياً. وأشارَ التقرير إلى أن 622 برميلاً متفجراً منها تم توثيقها في حزيران؛ وكانت قد تسبَّبت في مقتل أربعة مدنيين، بينهم طفلان اثنان وسيدة واحدة، إضافة إلى تضرر مركز حيوي واحد.

 

ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.

وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.

 

ولم يسجل التقرير توجيه قوات النظام السوري أو الروسي أي تحذير قبل أي من الهجمات بحسب اشتراطات القانون الدولي الإنساني، وهذا لم يحصل مطلقاً منذ بداية الحراك الشعبي، ويدلُّ بشكل صارخ على استهتار تام بحياة المدنيين في سوريا.

وبحسب التقرير فقد ارتكبت التنظيمات الإسلامية المتشددة، عمليات قتل خارج نطاق القانون وعمليات اعتقال تعسفي وتعذيب. وأضافَ التقرير أنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات الحلف “قوات التحالف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية” تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.

 

طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.

وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.

 

كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.

 

دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) والآلية الدولية المحايدة المستقلة (IIIM) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل.

وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.

 

وشدَّد التَّقرير على وجوب قيام النظام الروسي بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين، وطالب النظام الروسي باعتباره طرف ضامن في محادثات أستانا بالتَّوقف عن إفشال اتفاقاات خفض التَّصعيد وتحقيق اختراق في قضية المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسرياً لدى النظام السوري والتوقف عن استخدام الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة.

 

كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، وإيقاف عمليات التعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والكشف عن مصير قرابة 82 ألف مواطن سوري اعتقلتهم الأجهزة الأمنية وأخفت مصيرهم حتى الآن والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.

 

وأوصى التقرير قوات التَّحالف الدولي أن تعترف بشكل صريح بأنّ بعض عمليات القصف خلَّفت قتلى مدنيين أبرياء وطالبها بفتح تحقيقات جديَّة، وتعويض الضحايا والمتضررين والاعتذار منهم. كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره.

 

وأوصى فصائل المعارضة المسلحة بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الهجمات التي تسبَّبت في ضحايا مدنيين، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.

وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً.

قد يعجبك ايضا