ترامب واغتيال الأسد.. مثال سليماني الحاضر دوماً

منير الربيع

جسر:مقالات:

أن يسكت نظام الأسد عن اتفاقات التطبيع العربية الإسرائيلية، وأن يخرج محسوبون عليه يروجون إلى الاستعداد لعقد اتفاق تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، يعني أن المسار العام لما سار عليه نظام بشار الأسد يتضح أكثر فأكثر. تعود التطورات إلى قاعدة رسمها رامي مخلوف في العام 2011 مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، عندما قال إن أمن سوريا من أمن إسرائيل. وهي كلمة السر للعلاقة المتلازمة بين الطرفين منذ العام 1970.

أراد رامي مخلوف حينها الحفاظ عليها وتجديدها، كما يريد بشار الأسد أن يفعل اليوم. هذا هو السرّ الذي حمى بشار الأسد وحافظ على وجوده في السلطة. وجود كان يرتبط بحسابات إسرائيلية وغربية، وهو الذي أدى إلى الدفاع عنه وتوفير الحماية له، ودفع باراك أوباما عن الإحجام لتوجيه ضربة إلى نظامه، ودفع المحيطين بدونالد ترامب لتوجيه النصيحة إليه بعدم اغتيال الأسد.

 جاء كلام دونالد ترامب عن نيته اغتيال بشار الأسد، بينما تدخل وزير دفاعه حينذاك جيمس ماتيس وأقنعه بعدم تنفيذ العملية، في لحظة تصعيد دولي ضد إيران، والاستمرار بالقيام بعمليات عسكرية موضعية على مواقع في سوريا وداخل الأراضي الإيرانية لتحجيم النفوذ الإيراني. استبق الكلام موجة تصعيد أميركية جديدة ضد النظام الإيراني، بحيث تضغط واشنطن على الدول الأوروبية لفرض عقوبات على إيران، والمسألة لن تقف عن هذه الحدود، إنما ستكون مرتبطة بسياقات تصعيدية أخرى، في البعد العسكري أو الأمني. يؤدي إلى عزل إيران أكثر وتضييق الخناق عليها، بالتزامن مع تصعيد أميركي، عبر إدخال حاملة طائرات إلى الخليج، سابقاً كان الإيرانيون يهددون بعدم السماح لدخول أي حاملة طائرات، إلى الخليج.

 قد لا يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب واسعة، ولكن ستكون المنطقة أمام معارك متنقلة، أو ضربات متنوعة ومتفرقة، على غرار ما يحصل منذ أشهر من خلال استهداف مواقع عسكرية داخل إيران، بالإضافة إلى بقاء سوريا كساحة مفتوحة، يتزامن ذلك مع تهديد إسرائيلي علني بأنه في حال تسبب حزب الله بمقتل أي جندي إسرائيلي، فسيتحمل حزب الله وسكان جنوب لبنان الثمن. هذا أيضاً دخول إسرائيلي على خطّ التصعيد ضد إيران وحزب الله، مع استمرار المحاولات لاستمالة روسيا، خاصة أن اسرائيل تريد استباق أي متغيرات سياسية قد تضعف موقفها الحالي، باستغلال حالة التصعيد ضد إيران، وحالة الفوضى القائمة في كل المنطقة، لتنفيذ ضربة تعيد من خلالها إعادة خلط الاوراق، على غرار ما حصل بعد الضربة الأميركية التي استهدفت قائد فيلق القدس قاسم سليماني.

 أكثر ما يؤثر في القرار الإسرائيلي، هي الحسابات الرئاسية الأميركية، فإذا ما انتخب جو بايدن، لن يكون بإمكان إسرائيل الدخول في أي حرب، ولا يمكن لإسرائيل أن تستقبل بايدن بخوض حرب جديدة، وبالتالي بحال خسر ترامب الانتخابات، لا بد من توقع أشهر ساخنة جداً، من الآن حتى الانتخابات لا بد من توقع المزيد من التوترات. في هذا السياق تأتي استعادة ترامب لواقعة نيته اغتيال بشار الأسد، تتزامن مع كلام إسرائيلي أطلقه قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي ملمحاً إلى احتمال اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله.

 هنا تجدر الإشارة إلى انه لا بد لكلام دونالد ترامب من أن يؤخذ على محمل الجد، خاصة أن بوب وودوورد صاحب كتاب “غضب” المرتكز على عشر مقابلات مع دونالد ترامب، يروي في كتابه إن المحيطين بترامب نصحوه بعدم اغتيال قاسم سليماني، لكنه فعل ذلك، وتلك إشارة لا بد من التوقف عندها، وقد تفرض متغيرات عديدة، إذا ما استعاض الأميركي والإسرائيلي عن الحروب التقليدية، بمعارك من هذا النوع، تفرض متغيرات كبيرة في المجريات السياسية. وإن لم تكن عن طريق عمليات اغتيال، فعن طريق استمرار وتوسيع العمليات الأمنية والعسكرية.

قد يعجبك ايضا