سوريون في تركيا: لجوء وصوم وكورونا.. حياة على التنفس الصناعي

سامح اليوسف

ولاية ماردين اليوم

جسر: تقارير:

“فوق الموتة عصة قبر” بهذه المثل الشعبي السوري يبدأ “أكرم جلبانة” حديثه حول أوضاعه المعيشية في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا في تركيا، ومع أول يوم من أيام شهر رمضان.

وجاء شهر رمضان هذا العام، وسط أزمة مالية خانقة يعاني منها معظم اللاجئين السوريين في تركيا، ومناطق أخرى نتيجة التأثيرات الاقتصادية، وتوقف سوق العمل لما يقارب 50 بالمئة من عموم السوريين بشكل جزئي أو كلي.

مدخرات بدأت بالنفاذ

أكرم المنحدر من محافظة حلب، والذي يعيش في مدينة غازي عينتاب جنوب تركيا، منذ خمس سنوات، يقول إنه “متوقف عن العمل منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، حيث استغنى صاحب المطعم الذي يعمل فيه عن خدماته، بعد توقف جزئي لعمل المطعم واقتصار خدماته على الطلبات الخارجية فقط”.

غازي عينتاب

ويشبه أكرم هذه المرحلة التي يعيشها بـ “مرحلة التنفس الاصطناعي” دون أن يعاني من أية عدوى بفيروس كورونا، فقد أقبل شهر رمضان مع نهاية شهر نيسان، حيث مؤونة المنزل بدأت بالنفاذ، وبعض الليرات المدخرة أيضاً تبخرت.

يقول أكرم “أنتظر وعائلتي بفارغ الصبر مطلع الشهر الجديد، وهو موعد الحصول على مساعدة الهلال الأحمر والبالغ قيمتها نحو 720 ليرة تركية، علني أستطيع من خلالها تأمين مستلزمات شهر رمضان، أما ثمن أجرة البيت الذي أقطنه فلا أدري حتى الآن كيف سأتدبر أمري”.

 

من أحد أسواق غازي عينتاب منذ شهر
غازي عينتاب منذ شهر

ويمنح الاتحاد الأوروبي مساعدة مالية بسيطة لبعض الأسر السورية، التي تعيش في تركيا، عن طريق منظمة الهلال الأحمر التركي، حيث تشترط المنظمة عدم وجود أي عقار او سيارة باسم معيل العائلة، كما تشترط أن يكون متزوج ولديه طفلين على الأقل، للحصول على المساعدة المالية والتي تتكون من 120 ليرة تركية، لكل فرد من أفراد الأسرة التي تستوفي الشروط السابقة.

ظروف صعبة

لكن ما ينتظره أكرم من مساعدة حرم منها الشاب “عماد شبعا” الذي يعيش بولاية ماردين جنوب شرق تركيا، إذ أنه متزوج حديثاً، وينتظر مولوداً.

يقول عماد “ما زاد صعوبة الوضع الحالي، أني توقفت عن العمل منذ شهر تقريباً، في الوقت الذي  أخبرني فيه الأطباء أن زوجتي حامل، الوضع بات صعباً، ولا توجد مؤشرات انفراج قريب”.

ويعتبر شهر رمضان الأول بالنسبة لعماد، المنحدر من ريف دمشق، الذي يقضيه مع زوجته، والتي تحتاج الآن لرعاية خاصة، ويتساءل عماد “كيف لي أؤمن الرعاية اللازمة لزوجتي، وورشة الخياطة التي أعمل بها، أغلقت أبوابها، منذ وقف عمليات التصدير الخارجي، ولا يوجد لدي مصدر دخل آخر”.

المدينة القديمة في ولاية ماردين حيث تعتبر مركزاً للمطاعم والمعالم السياحية في الولاية وتعج بالسكان على مدار العام

اختلاف نسبي

وتختلف أوضاع السوريين من مدينة تركية إلى أخرى، وانعكاسات أزمة كورونا تبدو جلية في مدن تركيا السياحية، التي يتركز سوق العمل فيها على الأسواق والمطاعم والمقاهي كمدينة ماردين السياحية، فيما يبدو الوضع أفضل حالاً في مدينة بورصة شمال تركيا، والتي تعتمد على حرف ومصادر دخل أكبر أبرزها مصانع المستلزمات المنزلية والخياطة.

ومن مدينة بورصة، يقول “هشام صافي” إن عمله لم يتوقف بشكل كامل لكن أجره الأسبوعي لقاء عمله في معمل لصناعة المدافئ، قد انخفض بنسبة 50 بالمئة، نتيجة لتخفيض الأجور، وأيام العطل التي تفرض بها الحكومة حظراً كاملاً على المواطنين ضمن إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا”.

ورغم تخفيض راتبه إلا أنه يعلق على وضعه المعيشي بالقول “مستورة.. لعل وضعي أفضل من غيري الذي بات بلا عمل على الإطلاق”.

 

قد يعجبك ايضا