عن تناقضات “دبي”: مريم حسين موقوفة بتهمة “هتك العرض بالرضا”

جسر: متابعات:

أصدرت محكمة الاستئناف في دبي حكماً نهائياً بحبس المتهمة مريم حسين بتهمة “هتك العرض بالرضا”، لمدة شهر ومن ثم إبعادها من دولة الإمارات، إثر رقصها في حفل ليلة رأس السنة 2018 في دبي.

أعلن الإعلامي الإماراتي صالح الجسمي على حسابه في “تويتر” من خلال فيديو نشره، تنفيذ الحكم الصادر بحق المغربية المقيمة في الإمارات مريم حسين، وقال: “قضي الأمر، مريم حسين في عهدة الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية والعقابية في دبي لتنفيذ الحكم الصادر بحقها، شكراً شرطة دبي.”

وجاء تنفيذ الحكم بعدما أصدرت محكمة الاستئناف في دبي حكماً نهائياً بحبس المتهمة مريم حسين بتهمة “هتك العرض بالرضا”، لمدة شهر ومن ثم إبعادها من دولة الإمارات، إثر رقصها في حفل ليلة رأس السنة 2018 في دبي وتصويرها الحفل ونشره في حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن انتشار مقاطع تم التقاطها لها في ذلك الحفل وهي ترقص مع مغني الراب “تايغا”، وهو رقص اعتبره البعض “خادشاً للحياء”.

هل الرقص في دبي جريمة؟

بناء على ما تقدم، دعا صالح الجسمي والذي كان على معرفة سابقة بالفنانة المغربية إلى مقاضاتها، غير أن آخرين تساءلوا وعلى رأسهم المتهمة نفسها عن القوانين المطبقة في الإمارات حول تجريم الرقص في الأماكن العامة. فكما هو معروف أن الحفلات الغنائية العربية والعالمية التي تقام في دبي خلال العقدين الماضيين لم ترتبط بمقاييس أو قوانين للرقص أو الاحتفال في الأماكن العامة، وفق الأعراف التقليدية للمدينة. فهذه الأجواء كانت من أبرز ما جعل هذه الإمارة الصغيرة تحجز لها مقعداً عالمياً، فهي تعكس اختلافها عن المدن العربية وانفتاحها لتستطيع المنافسة وفق مقاييس عالمية، وهناك الكثير من الفيديوهات والتسجيلات لحفلات راقصة صاخبة تحصل في دبي.

وبالمناسبة، حفل قد يحضره مغني راب غربي لا يمكن أن يخلو من التفاعل والرقص المفتوح من دون قيود. لكن وكما يبدو من خلال قضايا عدة تناولتها الصحافة العالمية والعربية خلال السنوات الماضية، أن مدينة دبي تفاجئنا بين حين وآخر باعتقالات وأحكام قاسية تجاه قضايا قد تبدو أقل من عادية خارج البيئة العربية التقليدية، مثل محاكمة سنغافوريين بتهمة ارتداء ملابس نساء في الشارع، أو سجن بريطانية وبريطاني بتهمة تبادل القبلات في مكان عام، أو عقوبة السجن لاستخدام إشارة بذيئة في الشارع أو ممارسة الجنس من دون زواج وغيرها.

كما أن من يعيش أو يزور دبي يمكنه أن يرى كل ما ذكر أعلاه في المدينة من دون اعتقال أو تجريم، لكن الأمر يتحول كابوساً فجأة متى ما اعترض شخص من المحيط أو انتشر مقطع فيديو لآخر يدين بالجرم ولو بعد حين، على رغم أن أحد قوانين دبي يمنع التصوير والنشر في الأماكن العامة من دون إذن. وسط ذلك كله، علينا أن نسأل، هل دبي مدينة عالمية مثل باريس ونيويورك وطوكيو عملت على وضع اسمها في مقدمة عالم الفن والأزياء والسياحة، أم أنها المدينة العربية الأكثر انفتاحاً وتناقضاً؟

الإعلامي صالح الجسمي والفنانة مريم حسين

هتك العرض!

تجريم الفنانة المقيمة في دبي مريم حسين بدأ بحملة قادها مواطن إماراتي لم يكن في الحفل، لكنه بحث مع متخصصين في صحة المقطع بعدما أنكرته حسين، ليقوم بعد ذلك برفع قضية ضدها كونها “تسيء لصورة بلده وتدعي أنها مواطنة إماراتية” كما يقول. وما أن خرج الحكم من محكمة الاستئناف بعد مضي عامين منذ بدء الخلاف بين الخصمين الجسمي وحسين، حتى قام الجسمي بإعلانه عبر “تويتر”، مشيراً إلى تخفيف عقوبة سجنها من ثلاثة أشهر إلى شهر وبراءته من كافة التهم التي كانت تتلخص في قذف وشتم. ولقي الحكم ردود أفعال إماراتية وعربية واسعة تفاوتت بين مؤيد للحكم ومعارض له، فيما حاولت الفنانة الإماراتية أحلام، التدخل وإقناع الجسمي بالتراجع وقبول اعتذار حسين. ويبدو أن الفنانة أحلام قامت بمسح تلك التغريدات التي لقت انتقادات إماراتية بعد تنفيذ الحكم يوم الخميس 30 كانون الثاني/ يناير ليقوم الجسمي بشكرها على ذلك.

وبعدما غابت حسين عن حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي لنحو ثلاثة أيام وحتى بعد خروج الحكم إلى العلن، جاء إعلان صالح الجسمي (شقيق الفنان حسين الجسمي) وحده ليفسر سبب غيابها، وبينما وجد البعض إعادة نشر الفنانة مريم حسين مقطع الفيديو الذي تسبب في هذا الحكم عليها تصرفاً سيضاعف من الغضب ضدها، تعاطف في المقابل كثر معها ومع ابنتها ذات الثلاثة أعوام والتي تعيش معها بعيدة من والدها السعودي فيصل الفيصل الذي سجن هو الآخر في السعودية في شباط/ فبراير 2017، لمدة عام وثلاثة اشهر بتهمة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والإساءة إلى زوجته مريم حسين بعدما نشر معلومات خاصة عنها إثر خلاف بينهما، بينما كانت حينها تلد ابنتهما في الولايات المتحدة، وليس من المؤكد إن كانا قد انفصلا أم لا.

ولطالما عرفت الفنانة المغربية مريم حسين بأنها تثير للجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي نفسها انجرفت في حملات شخصية، حيث أنها عمدت إلى التشهير بفتاة سعودية تواصلت مع زوجها فقامت مريم بنشر ذلك علناً، وهو ما أثار الكثير من الانتقادات ضدها…

لكن، وطالما أن ازدواجية القوانين والممارسة في مدينة مثل دبي ومدن خليجية أخرى لا تزال تحكم معايير العيش وتقيد حريات الأفراد والمجتمع، ستبقى الأسئلة من نوع مشروعية اعتقال مريم حسين وإبعادها من الإمارات لرقصها في حفل موضع جدل ونقاش.

وما يزيد من الجدل هو أن الاستهداف طاول الفنانة مريم حسين دون أن يشمل مغني الراب تايغا، الذي يفترض أنه افتعل هذا الهتك بالرضا أو شاركها به على أقل تقدير في حين أن السخط والعقوبة كلها صبّت على المرأة المحلية التي لا تحميها شهرة دولية…

 

(درج)

قد يعجبك ايضا