كيف تؤثر الضربات اﻹسرائيلية على دور إيران وحلفائها في المنطقة؟

سيث فرانزمان-ناشيونال إنترست - ترجمة: بيان قايم أوغلو

جسر: ترجمة:

تكررت خلال السنوات الماضية الضربات التي استهدفت مواقع ﻹيران وحزب الله وبقية الميليشيات التابعة لها في المنطقة وسوريا على وجه الخصوص، وفيما أعلنت الولايات المتحدة عن شنها عددا من الغارات استهدفت قواعد وشخصيات في سوريا والعراق ترتبط بإيران؛ تشير مصادر إعلامية واستخباراتية تابعة للأخيرة بأصابع اﻻتهام ﻹسرائيل، وتحملها المسؤولية عن عمليات وأنشطة تستهدف قياديين في حزب الله تارة وحركة الجهاد اﻹسلامي تارة أخرى. 

يتتبع التقرير التالي* من ترجمة جسر النتائج الميدانية المباشرة للضربات اﻹسرائيلية في سياق استراتيجية “حملة بين الحروب” المعتمدة مؤخرا ضد إيران، وتأثيرها على علاقة اﻷخيرة بأذرعها في المنطقة ويحاول تلمس النتائج السياسية الممكنة لها في كل من العراق وسوريا ولبنان:

مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله وإيران، استهدفت طائرة مسيرة اﻷربعاء 15 نيسان/أبريل الجاري أعضاء في حزب الله يستقلون سيارة دفع رباعي. واتهم مسؤولون لبنانيون إسرائيل بالهجوم، مشيرين إلى أنها كانت ضربة إسرائيلية بطائرة مسيرة. وهي الحادثة اﻷخيرة في سلسلة حوادث متكررة، قٌتل خلالها عناصر من حزب الله في لبنان وسوريا. فيما صعّد لبنان من حدة خطابه ضد إسرائيل، شاكياً من أنها تنتهك مجاله الجوي.

ويأتي التوتر المتصاعد في المنطقة على خلفية صراع مستمر منذ سنوات، وفي الوقت الذي يواصل فيه الوكلاء الإيرانيون الضغط على القوات الأمريكية في العراق، ويضايق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني السفن الحربية الأمريكية في الخليج العربي.

وكانت إسرائيل قد أجرت مؤخرا تدريبات مع الولايات المتحدة باستخدام طائرات F-35، في سياق ما وصفته بعملية إعادة تنظيم جديدة للجيش الإسرائيلي تهدف إلى تحسين قدراته ضد إيران من خلال تخصيص وحدة خاصة تُركز على التهديد الإيراني. وتراقب إسرائيل عن كثب استخدام إيران لصواريخ كروز وطائرات مسيرة، استُخدمت ضد السعودية العام الماضي، إضافة إلى غارات جوية تشنها لاعتراض التهديدات الإيرانية المتدفقة عبر سوريا. وهذا يشمل محاولات إيران لنقل الذخائر الموجهة تحديدا إلى حزب الله، وقاعدة الطائرات المسيرة والدفاعات الجوية في مطار T-4 في سوريا.

وزعمت وكالة “تسنيم” الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري، أن إسرائيل استهدفت سيارة تابعة لحزب الله في بلدة جديدة يابوس على الحدود اللبنانية. وتعتبر المنطقة الواقعة على تل ريفي جميل يبعد حوالي أربعين دقيقة بالسيارة عن دمشق، نقطة عبور رئيسية للسوريين، وقد استخدمها حزب الله خلال الحرب الأهلية السورية كقناة لدعم نظام بشار الأسد. تظهر الصور سيارة جيب جراند شيروكي متوقفة بجوار عدد من المتاجر، فيما أفاد سكان محليون على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم سمعوا طائرة بدون طيار تقوم باﻻستطلاع قبل الغارة. وبحسب التقارير الإيرانية، التي يُفترض أنها تستند إلى مصادر في حزب الله، لم تقع إصابات في الهجوم. تم استهداف سيارة الدفع الرباعي بصاروخين، وتركزت الضربة الثانية على الجزء الخلفي من السيارة، فيما تطايرت أجزاء من السقف والأبواب في محيط الطريق المؤدي إلى لبنان.

وأشارت “تسنيم” الإيرانية إلى أنه “في وقت سابق من هذا الشهر، قُتل قيادي بارز في حزب الله في جنوب لبنان فيما يبدو أنه عملية نفذها عملاء لدى جهاز اﻻستخبارات والمهام الخاصة الإسرائيلي-موساد”. لا تعلق إسرائيل على هذه التقارير. ومع ذلك يبدو أن الهجوم على سيارة دفع رباعي أخرى تابعة لحزب الله قُتل فيها علي محمد يونس في جنوب لبنان يوم 5 نيسان/أبريل مرتبط بهجوم ثالث وقع في 27 شباط/فبراير قتل فيه عماد الطويل، ضابط حزب الله المتورط في إنشاء شبكات في منطقة القنيطرة جنوب سوريا على مقربة من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وعلى غرار استهداف سيارة الجيب اﻷخير في جديدة يابوس 15 نيسان/أبريل، أفاد السكان المحليون في حينه عن نشاط طائرة مسيرة سبق تدمير سيارة الطويل. لكن وعلى عكس استهداف جديدة يابوس؛ قتل الطويل. تقول الحدث الأردنية إن الطويل متورط في نشاطات ترتبط بإيران في الجولان.

وقع جميع هذه الهجمات الثلاث داخل مثلث صغير نسبيًا على بعد حوالي 40 كيلومترا من بعضها البعض. قُتل الطويل بالقرب من قرية خضر المطلة على الجولان، وقُتل يونس على الحدود في جنوب لبنان. فمن استُهدف في الضربة الثالثة في جديدة يابوس؟ تقول قناة العربية أنه مصطفى نجل عماد مغنية الرجل الثاني في قيادة حزب الله وعنصر اﻻرتباط الرئيس بين حزب الله وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني. والذي سبق اغتياله في انفجار سيارة مفخخة في دمشق عام 2008 في أعقاب الحرب بين إسرائيل وحزب الله عام 2006. ومن سخرية القدر تفاخر سليماني في مقابلة في أكتوبر 2019 بعشقه لمغنية، ليقتل بعد شهرين في غارة جوية أمريكية في بغداد.

ويبدو أن، الحظ لم يحالف أبناء مغنية؛ فقُتل نجله جهاد في غارة جوية إسرائيلية نفذتها طائرة هليكوبتر في كانون الثاني/يناير 2015 بالقرب من الجولان. وقتل معه في الضربة نفسها ضابط إيراني، اﻷمر الذي زاد في الكشف عن العلاقات الوثيقة بين إيران وحزب الله ومحاولتهما استخدام سوريا كقاعدة للأنشطة والهجمات على إسرائيل. وإذا كان هدف غارة 15 نيسان/أبريل مصطفى مغنية؛ فسيكون العضو الثالث في عائلة مغنية الذي يقتل. يبدو أنه نجا لكن صاروخين أُطلقا على الجيب الخاصة به سيرسلان رسالة واضحة له بخصوص صلته بإيران ودوره في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا.

في الماضي تكررت تهديدات حزب الله الصاخبة بشأن الانتقام من الضربات في لبنان ولكنه يبدو أكثر تحفظا في الرد على الهجمات في سوريا، على سبيل المثال تقول إسرائيل إنها شنت أكثر من 1000 غارة على أهداف إيرانية في سوريا بما في ذلك عمليات نقل أسلحة إلى حزب الله. وفي آب/أغسطس 2019 شهدنا مرحلة جديدة حيث لم تكتف إسرائيل بقتل مجموعة من عناصر حزب الله في جنوب سوريا، بل زعم الحزب أنها أرسلت طائرات مسيرة إلى بيروت لاستهداف أعضاء فيه، ورد في حينه بنيران مضادة للدبابات موجهة إلى الجليل.

لقد عادت إسرائيل إلى توجيه الضربات في سوريا، وأدت التوترات مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المدعومة من إيران إلى ضربات اعترفت بها إسرائيل في شباط/فبراير 2020 واستهدفت مواقع للحركة في سوريا، وقالت إسرائيل إنها نفذت هجوما على مجمع كان “محور نشاط الجهاد الإسلامي في سوريا”. وتقول إسرائيل إن الحركة تختبر وتطور أسلحة في سوريا قبل نقل تقنياتها إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى ذلك اتُهمت إسرائيل بمحاولة اغتيال زعيم آخر للجهاد الإسلامي يدعى أكرم العجوري في دمشق في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.

الاتجاه العام هو حملة متزايدة ضد حزب الله وبقية الجماعات المرتبطة بإيران في سوريا مما يؤثر على أنشطتها في العراق ولبنان. تسمى هذه الحملة في إسرائيل “حملة بين الحروب”، وهي في الأساس نزاع على مستوى منخفض يحدث في الظل وعلى نطاق محدود، مصمم لردع أو إضعاف قدرة إيران على استهداف إسرائيل عبر وكلائها في سوريا ولبنان. محاولات إسرائيل لقطع أذرع إيران، مثل مهاجمة قادة الجهاد الإسلامي الفلسطيني في غزة 2019، أو ضرب قواعد الطائرات المسيرة التابعة لحزب الله في سوريا، هو نهج اختارته إسرائيل في الوقت الحالي له نتائج مختلطة؛ فمن كان هدف غارة 15 نيسان/أبريل اﻷخيرة على الحدود السورية اللبنانية نجا، وكذلك فعل عجوري وعناصر حزب الله المستهدفين بنشاط الطائرات المسيرة في بيروت آب/أغسطس 2019. عمليات أخرى لم تعترف بها إسرائيل مثل مقتل يونس والطويل تبعث برسالة إلى طهران وحزب الله، يتلقاها الحليفان بوضوح.

الصورة الأوسع هي أن عناصر رئيسيون ساهموا في التنسيق بين حزب الله وإيران قد قُتلوا، إذ لم يكن سليماني ومغنية وآخرين مجرد قادة بل كانوا محاور رئيسية وذات أهمية مركزية لإيران على أساس علاقات شخصية وثيقة ساهمت بفعالية في دور إيران في العراق، قبل أن تساهم في تعزيز توجه حزب الله للعب دور أكبر في العراق مؤخرا لملء الفراغ الذي خلفه مقتل سليماني، فقد اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية محمد كوثراني القيادي في حزب الله في 10 نيسان/أبريل الجاري بلعب دور رئيسي إلى جانب الجماعات الموالية لإيران في العراق.

على المدى الطويل، سيؤدي الجمع بين استهداف الأفراد والبنية التحتية في سوريا والدول المجاورة إلى عرقلة نقل إيران الأسلحة إلى حزب الله؛ لكنه لا يحل المشكلة السياسية الأكبر. ففي آذار/مارس الماضي أرسلت واشنطن طائرة V-22 اوسبري لنقل عامر الفاخوري جوا، وهو مواطن أمريكي من أصل لبناني كان محتجزًا في لبنان، وسبق لحزب الله أن اتهمه بالعمالة لإسرائيل في الثمانينيات. وقد استخدم حزب الله نفوذه على الحكومة اللبنانية لملاحقة أمثال الفاخوري وغيرهم ممن يعارضون سياسته. وبشكل عام يستمر الدور السياسي لإيران وحلفاؤها ووكلائها في سوريا والعراق في التصاعد، على الرغم من بعض الغارات الجوية على سيارات الدفع الرباعي والمستودعات.

 

*تقرير منشور في موقع مجلة ناشيونال انترست، للقراءة في المصدر إضفط هنا

قد يعجبك ايضا