ما حقيقة لقاء الأسد بـ “سامر الفوز” ومن هو الأخير؟

جسر: متابعات:

نفى المكتب الصحفي لرجل الأعمال سامر الفوز كل ما أشيع على مواقع التواصل الاجتماعي، حول لقاء الفوز ببشار الأسد، وذلك عبر بيان له، نشره موقع الاقتصادي.

وجاء في نص البيان “انتشرت خلال الساعات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي صفحة باسم “سامر فوز – الصفحة الرسمية”، علماً أن هذه الصفحة غير رسمية، وعملت على نشر منشورات مزورة عن لسان السيد فوز، في محاولة فتنوية واضحة وتصريحات مفبركة وغير حقيقية”.

وأكد البيان أن الفوز لا يملك أي صفحة أو حساب رسمي أو خاص على أي من مواقع التواصل الاجتماعي، وأن أي شيء رسمي سيصدر حصراً عن طريق المكتب الصحفي، ليتم نشره بالطرق الرسمية أصولاً.

وحذر المكتب الجميع ودعاهم لعدم تصديق أخبار كهذه، والانتباه لـ “خطورة المرحلة التي تمر بها بلادنا”.

ونشر يوم أمس على صفحة الفوز “المزورة” خبر بأن لقاءاً جمع الفوز بالأسد، وتباحثا في العديد من القضايا وعلى رأسها موضوع شركات اتصال الخلوي.

ولكن المفارقة أن تلك الصفحة تصر على أن مالكها سامر الفوز، فعادت لتصدر منشوراً تؤكد من خلاله أن سامر الفوز هو من يديريها.

قاتل وسجن ستة أشهر!

برز اسم سامر الفوز بداية عام ٢٠١٧، فهو ابن زهير الفوز صديق الأسد الأب، ووضع الفوز تحت مجهر الصحافة، في وقت سبق ذلك ففي منتصف حزيران ٢٠١٣، وفي مدينة “إسطنبول” التركية ألقت السلطات التركية القبض على الفوز بعد اعترافه بقتل رجل الأعمال الأوكراني، ذي الأصول المصرية، “رمزي متى” في إسطنبول، بعد خلاف بينهما على استيراد صفقة حبوب من أوكرانيا بقيمة 14 مليون دولار، في الوقت الذي نشرت فيه الصحف التركية تقارير احتوت الحقيقة كاملة.

وعبر الاستعانة برجل عصابات مقدوني يُدعى “سلوفان يتكوف”، وآخر ألماني يُدعى “كيانوش”، تمكّن “الفوز” من استدراج “رمزي” لإسطنبول بحجة تقديم قرض بنكي له، قبل أن يقتادوه إلى منطقة “باشاك شاهير” بالمدينة ويقتلوه هناك، ثم عاد “الفوز” في اليوم التالي عبر طائرته الخاصة لدمشق، قبل أن تتمكن السلطات التركية بعد ذلك من القبض عليه بالتعاون مع السلطات الأوكرانية في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، وبرغم الصخب الذي صاحب حادثة الاغتيال، غير أنّ الذي يستحق تسليط الضوء عليه بشكل مكثف أن “الفوز” خرج من السجن بعد ستة أشهر فقط بعد أن دفع كفالة مالية بقيمة ثلاثة ملايين ليرة تركية، وُصفت بـ “المشبوهة”، وعادَ بعدها إلى مسقط رأسه اللاذقية، تاركا سحابة من التساؤلات تحومُ في الأفق، قبل أن يواصل رحلته الاستثمارية مجددا من هناك، وتكون محطته الأولى هي طهران التي زارها بعد فترة، ممهدا الطريق لإقامة أحد أكبر خطوط الاستيراد التجاري بين طهران ودمشق بعد اندلاع الثورة السورية.

الانتقال للامارات

استفاد الفوز من علاقاته الأخطبوطية التي كوّنها خلال فترة إقامته في الإمارات العربية المتحدة خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، فتمكّن سامر من إدارة علاقاته التجارية مع إيران بإتقان، مستوردا منها المنتجات الغذائية المختلفة لسوريا، قبل أن يقرر توسيع علاقاته بها لتطال مجال العقارات. ولأن إيران ولاية الفقيه لطالما حاولت البحث عن موطئ قدم في سوريا يؤمّن لها وجودا طويل الأمد، فقد وجدت في سامر الفوز رجلها المناسب، حيث تمكّنت عبره من شراء عدد كبير من العقارات في مناطق إستراتيجية مختلفة، قبل أن يُعرف الرجل في وقت لاحق لدى قطاع عريض من السوريين بأسلوبه العنيف في إجبار بعض أصحاب العقارات والمعامل التجارية على بيع ممتلكاتهم، وهو أسلوب لطالما منحه إعجاب حلفائه، وخشية منافسيه وزبائنه، ويستحق في الآن نفسه فهما أفضل.

الامبراطورية

خلال فترة وجوده في اللاذقية، تمكّن الفوز من بناء صلات وثيقة مع ضباط المخابرات العسكرية معتمدا على إمبراطوريته الاقتصادية الصاعدة، وهي صلات مكّنته نهاية المطاف من الحصول على ميليشيات مسلحة تحت تصرفه عُرفت باسم “درع الأمن العسكري”، ومثّلت نقطة تلاقٍ بين الغطاء الأمني الذي يحتاجه لإكمال أركان إمبراطوريته الصاعدة، وبين المصلحة الاقتصادية لضباط المخابرات السورية، قبل أن تدفع تلك النجاحات رجل الميلشيات إلى التوسع باتجاه عاصمة الجليد “موسكو”، فيؤسس من هناك شركة خارج الحدود لاستيراد البضائع المختلفة، ثم لإيطاليا والإمارات ولبنان عبر مشاريع استثمارية واقتصادية مختلفة، ليصبح بغضون عام ونصف أحد رجال الأعمال القلائل الذين تمكّنوا من تخفيف قبضة الحصار الاقتصادي الدولي على النظام السوري، في وقت كانت فيه الأسواق تُعاني من شح في البضائع وارتفاع في الأسعار.

وبالتزامن مع إقصاء مستمر للتجار المحايدين، وبزيادة مضطردة في صعود حوت الأعمال المتنفذ، لمع اسم “سامر الفوز” داخل الأروقة الداخلية الضيقة للنظام، جاذبا إليه الأضواء كأحد رجال الأعمال السنة الذين أبدوا قدرة على التحرك والاستثمار خارج الحدود بخفة وبراعة، رغم ورود اسمه في تسريبات “وثائق بنما” الشهيرة كأحد المتهربين من الضرائب، بالتوازي مع علاقة لطالما أتقن صناعتها مع رجال مخابرات “سوريا المتوحشة” كما أطلق عليها الباحث الفرنسي “ميشيل سورا”. وبحلول ذلك الحين، كانت سيرته الذاتية قد جعلته محط اهتمام النظام، وعنى ذلك أن الفوز هو الذراع الأمثل له للتغلب على العقوبات الاقتصادية، ولتحييد ما تبقى من طبقة الأعمال السورية المحايدة.

بعد ذلك، وبإيعاز من شخصيات مقربة من عائلة الأسد، كان الفوز بحلول مطلع عام 2017 قد نقل جزءا كبيرا من نشاطه التجاري إلى العاصمة دمشق، معلنا في الوقت نفسه عن دمج شركاته المختلفة تحت اسم “مجموعة أمان القابضة”، قبل أن يشتري بقايا مملكة “الغريواتي” الاقتصادية، واضعا بذلك اللمسات شبه النهائية على إمبراطوريته الاقتصادية الجديدة. وفي وقت حاول فيه العديد من رجال الأعمال السوريين الاستثمار في مشاريع الإعمار التي بدأت تلقى رواجا في هذه الأحايين، كانت الإمبراطورية المتشكلة لتوها هي أحد ثلاثة كيانات فازت بمناقصة مشروع التغيير العمراني الأكبر في سوريا والمعروف بـ “ماروتا سيتي”، الواقع خلف مشفى الرازي الشهير في دمشق، المنطقة التي تُوصف بكونها تمثل نفوذ إيران، فوز تم بالشراكة مع مجموعة “دمشق شام القابضة” المؤلفة من اتحاد سبعين رجل أعمال سوري.

بالرغم من انشغاله بالصفقات التجارية، قرر “الفوز” الذي لطالما أتقن الالتفاف على قوائم العقوبات الأميركية التي لطالما وصفها حلفاؤه في إيران بـ “الشيطان الأكبر”، قرر أخيرا أن يؤدي دورا أكثر خطورة وذلك باقترابه من الشيطان نفسه، وهو أمر فُسّر بأنه كان محاولة للتأثير على الموقف الأميركي من النظام السوري.

فخلال الفترة ما بين عامي 2017 و2018، وفيما كان الرأسمالي الجمهوري “براين بالارد”، أحد ممولي حملة ترامب الانتخابية ورئيس إحدى أقوى جماعات الضغط في واشنطن، في زيارة للإمارات، حصل على عرض من مجموعة تجارية حملت شعار “إيه إس أم”، وبعد التقصي، تبيّن  أن الشركة لم تكن إلا أحد فروع “أمان القابضة” والتي أسسها الفوز خلال زياراته المتكررة للإمارات، لكن “بالارد” الذي يقول بأنه يُفضّل سوريا “خالية من الأسد” (8 لم يلبث أن قطع علاقته بها بعد التحقيق الشهير الذي أجرته صحيفة “ديلي بيست” الأميركية.

في الفترة نفسها، وفي وقت كانت الأسواق السورية تشتكي فيه من قلة الآليات الصناعية والسيارات الحديثة إضافة إلى قطع الغيار، قام الفوز، أو “وصفة النظام السحرية” كما يُدعى، بتأسيس شركة “إعمار موتورز” المستقلة، والمختصة باستيراد السيارات والآليات بأنواعها المختلفة، قبل أن يقوم في يونيو/حزيران من العام الماضي بإطلاق شركة “صروح الإعمار”، وذلك بدمج كل من أمان القابضة مع بقايا مملكة حميشو الاقتصادية، وليعلن إطلاق معملين لصناعة الكابلات والحديد.

وبسبب المرونة التي لطالما امتازت بها شركة “أمان” في المعاملات التجارية الدولية، وإمكانية تحركها بقيود رقابة أقل، فقد منحها النظام السوري المصادقة على إحدى أكبر المناقصات الغذائية السورية لإنتاج مادة سكر الكريستال، مناقصة بدأت بالموافقة على ولادة مؤسسة جديدة تابعة لمملكة “صروح” تحت اسم “م.ي.ن.ا” في محافظة حمص، برأس مال قيمته نحو نصف مليار دولار، وبالتعاقد مع شركة ألمانية تكفّلت ببناء المعمل خلال مدة لا تزيد عن عشرين شهرا، وهي مرونة رافقت الشركة قبل أن تكشف وثائق “بارادايس” الشهيرة عن الصفقة التي قام فيها “الفوز” بشراء فندق الفور سيزون الأثير من الملياردير السعودي، وتثيرَ ردود أفعال كثيرة لا تزالُ آثارها مستمرة ليومنا الحالي.

المصدر: موقع الاقصادي + الجزيرة نت

قد يعجبك ايضا