معركة إدلب المقبلة تبدأ جنوب “M4”

عقيل حسين

جسر: متابعات:
موجة نزوح جديدة بدأت تلوح في أفق منطقة إدلب، مع استمرار قوات النظام وحلفائه بخروقهم للهدنة المطبقة هناك، بالتوازي مع استقدام مختلف الأطراف تعزيزات عسكرية، اعتبرها البعض مؤشرات كافية للتنبؤ باندلاع المعارك مجدداً. بينما يرى آخرون أن الطرفين الروسي والتركي متفقان على الاستمرار في فرض اتفاق وقف اطلاق النار.
وسُجّلت صباح الأربعاء أول غارة جوية يشنها الطيران الروسي منذ سريان الهدنة الموقعة بين أنقرة وموسكو في منطقة إدلب في 5 آذار/مارس، حيث قصفت طائرة روسية مواقع للمعارضة في سهل الغاب في ريف حماة.
تطور جاء بعد ساعات فقط من إعلان “الجبهة الوطنية للتحرير” المعارضة، قرى وبلدات في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي مناطق عسكرية، وذلك بعد أن تكرر استهدافها من قبل قوات النظام خلال الأيام  الماضية، ما أدى الى حركة نزوح جديدة في المنطقة التي كانت قد شهدت عودة بعض سكانها الفارين من المعارك في نيسان/أبريل الماضي.
وأصدر المكتب العسكري في لواء” صقور الشام” العاملة في جبل الزاوية بياناً، أعلن فيه بعض القرى والطرقات هناك مناطق عسكرية يمنع اقتراب المدنيين منها حفاظاً على سلامتهم. وحدد البيان قريتي (بينين وكورة) ومفارق طرق (معرزاف والرويحة ومنطف وتل السيرياتيل) مناطق عسكرية، بعد إصابة عدد من المدنيين في المنطقة بقذائف وصواريخ النظام مؤخراً.
فصائل المعارضة السورية كررت التأكيد خلال الاسبوعين الماضيين على استقدام النظام تعزيزات متتالية إلى جبهات إدلب، وأن هذه التعزيزات شملت قوات من الجيش والميليشيات الداعمة له، سواء ميليشيات الشبيحة أو تلك التابعة لإيران، واعتبرت أن ذلك بمثابة تهديد مباشر للهدنة يتطلب التأهب.
النقيب ناجي مصطفى، المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” المنضوية في “الجيش الوطني” المعارض قال إنه “بعد الهدوء النسبي في المنطقة مع تطبيق اتفاقية الهدنة الموقعة في مطلع آذار/ مارس الماضي، عادت نسبة من السكان إلى قراهم القريبة من حدود التماس، لكن لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد الخروق من جانب قوات النظام والميليشيات التابعة لها، التي تم رصد استقدام تعزيزات وحشود لها”.
وأضاف في حديث ل”المدن”، أنه “حرصاً على سلامة المدنيين وتحسباً لأي تطور عسكري تم إصدار التعميم الأخير الذي يطالب السكان بالابتعاد عن مناطق معينة”.
وحول الخيارات التي يمكن أن تلجأ إليها الفصائل للرد على أي عمل عسكري لقوات النظام وحلفائها، أكد مصطفى أن الجبهة الوطنية والفصائل الأخرى، ومنذ بدء تطبيق وقف اطلاق النار، وبسبب عدم الثقة بالطرف الآخر، “واصلت الاستعداد ورفع الجاهزية من خلال إقامة معسكرات التدريب لمقاتليها، والتركيز على تكتيكات جديدة للتصدي لأي محاولة يمكن أن يقدم عليها النظام وحلفاؤه في المنطقة، كما شملت التعزيزات تحصينات هندسية للخطوط القتالية والجبهات، وتوفير القوى والعتاد”.
بالمقابل، واصل الجيش التركي ارسال تعزيزات إلى مناطق انتشاره في محافظة إدلب، والتي كان آخرها دخول رتل من عشرين آلية محمولة، بعد أيام من وصول رتل سابق يحمل جنوداً ومعدات عن طريق معبر كفر لوسين.
وكانت الخطوة الأكثر إثارة للاهتمام على هذا الصعيد، استقدام القوات التركية مدافع ضد التحصينات تدخلها للمرة الأولى إلى إدلب، وهو سلاح هجومي، بالإضافة إلى نصبها منظومة دفاع جوي قصيرة المدى على قمة جبل النبي أيوب في ريف إدلب الجنوبي، الأمر الذي طرح تساؤلات حول الهدف من هذه التعزيزات من قبل مختلف الأطراف، وتأثيرها على مستقبل الهدنة في ريف إدلب.
وأوضح الناشط مازن موسى ل”المدن”، أنه كان واضحاً خلال اليومين الماضيين تزايد الخروق من قبل النظام والروس في عموما إدلب، وفي جنوب الطريق الدولي إم-4 بشكل خاص في المنطقة التي تشمل جبل الزاوية ومدينة جسر الشغور وجبل الكبينة. هذه الخروق دفعت الفصائل بشكل عام للتأهب ورفع مستوى الجاهزية.
وأضاف أن “هذه المعطيات، مع التعزيزات النوعية والعددية للجيش التركي، تشير ربما إلى أن هناك ما هو قادم، وأعتقد أن أي معركة محتملة فستكون منطقة جنوب أم-4 هي ساحتها”.

بالمقابل يرى بعض المتابعين أن الرغبة والمصلحة التركية-الروسية المشتركة في تثبيت اتفاقية الهدنة والحفاظ على وقف إطلاق في منطقة إدلب، ستكونان أكبر من المناوشات والخروق التي تسجل هنا أو هناك.

ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن متابعة رد فعل “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام) على هذه التطورات سيكون المؤشر الأقوى في تحديد اتجاهاتها القادمة، وطالما أن الجبهة، تتعامل ببرود مع الأحداث الأخيرة، فيمكن القول إنه لن يكون هناك ما هو خطير على المدى المنظور.

لكن مازن موسى ذكّر بأن التحذير من عملية عسكرية قادمة للنظام وحلفائه في إدلب والاستعداد لها لم يكن مقتصراً على فصائل “الجيش الوطني” فقط، بل وشمل “الجبهة” أيضاً. واشار إلى تصريحٍ حديث لزعيم “النصرة” أبو محمد الجولاني خلال لقائه مع وجهاء من قرى جبل الزاوية قبل أيام، لم يستبعد فيه نشوب معركة جديدة في المنطقة يقدم عليها النظام وداعموه.
وأشار موسى إلى التصريح الأخير الصادر عن مصطفى سيجري، القيادي في “لواء المعتصم”، أحد تشكيلات “الجيش الوطني” المعارض، تحدث فيه عن حصولهم على معلومات تفيد باستعداد النظام لإطلاق عملية عسكرية تستهدف الوصول إلى معبر باب الهوى.
تتباين التقديرات حول التطورات المحتملة عسكرياً في منطقة إدلب، فبينما يرى البعض أن ما يجري من خروق لا يمكن أن يرقى الى مستوى تهديد الهدنة، وأن حشود مختلف الأطراف هي من باب الردع وأن “الاستعداد للحرب يمنع وقوعها”، يرى آخرون أن المؤشرات الأخيرة ليست عادية، وأن التعزيزات التي يستقدمها كل طرف إلى إدلب لا يمكن أن تكون إلا استعداداً لحدث قادم بالتأكيد.

 

المصدر: موقع المدن/ 3 جزيران 2020

قد يعجبك ايضا