مقال جديد لرامي الشاعر في الصحافة الروسيّة: سوريا لن تخرج من ازمتها دون تنفيذ القرار 2254.

كتب المحلل السوري المقرب من القيادة الروسية”رامي الشاعر” مقالاً في صحيفة “زافترا” الروسية، سلط فيه الضوء على أحداث سنة ٢٠١٩، مستعرضاً سلبياتها وايجابيتها من وجهة النظر الروسية، متحدثاً بنوع من التفصيل عن الشأن السوري.

هنا المقال كاملاً:

ها نحن نودع عاماً حافلا بالأحداث والمتغيرات، ونستعد لاستقبال عام جديد، نأمل أن يجلب معه حلولا للمشاكل التي آن حلها منذ أعوام.

أخطر حدث وقع في العام المنصرم، من وجهة نظري، هو انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، رغم إلحاح موسكو على التمسك بها، باعتبارها عاملا مهما للاستقرار والأمن في كوكبنا. إلا أن واشنطن أقدمت على اتخاذ هذه الخطوة الخطيرة بهدف نشر صواريخها في أوروبا الغربية، على مقربة من الحدود الروسية، سعياً لتحقيق التفوق العسكري على روسيا، وجرها نحو سباق للتسلح، يثقل كاهلها ويعرقل جهودها الجبارة التي تبذلها في حل المشاكل الدولية، من أجل تخفيف حدة التوتر في المناطق الساخنة من كوكبنا.

من جانبها لم تعد أمريكا راضية عن المكاسب التي تحققها روسيا من وراء الجهود السلمية، التي تبذلها من أجل إعادة النظام العالمي إلى سياسة الأقطاب المتعددة، والقضاء على سياسة القطب الواحد المهيمن على العالم. إن الدول الغربية نفسها صارت تختلف مع واشنطن، وتعارض توجهاتها الأنانية، خاصة بعد إعلان الأخيرة رفضها تزويد الدول الغربية بالغاز الطبيعي الروس، وفرضها عقوبات على كل الشركات التي تساهم في تنفيذ مشروع “السيل الشمالي – 2” المفيد والمربح للاقتصاد الغربي. وفي العام المنصرم شهدت شعوب العالم كله جهود روسيا السلمية، من أجل مد يد العون للدول الإفريقية بالمساهمة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الهامة والضرورية لتحسين مستوى معيشة الشعوب الإفريقية، وشهدت جهود روسيا لتخفيف حدة توتر في منطقة الخليج، ومبادراتها لتعزيز الثقة المتبادلة بين دول هذه المنطقة البالغة الأهمية، والقريبة جداً من حدود روسيا الجنوبية. كما شهدت أيضاً الجهود الجبارة التي تبذلها روسيا لحل المشكلة السورية، بالتعاون مع تركيا وإيران، والتي تسمى الآن بالدول الضامنة للسلم في سورية. وحالياً تشهد هذه الشعوب جهود روسيا لحل المشكلة الليبية بعد تردد الفرقاء الليبية المتخاصمين فيما بينهم على موسكو، وطلبهم منها الوساطة لحل الخلافات فيما بينهم.

هل أصبح الفارق الكبير بين السياستين الروسية والأمريكية في الساحة الدولية ملموسا وواضحا لشعوب العالم؟ نعم، ردّي بالإيجاب. لم تعد هناك شعوب ساذجة تنطلي عليها الأكاذيب الأمريكية حول “الخطر الروسي”، بعدما رأت ولمست بنفسها هذا الفارق، ولذا تنشد هذه الشعوب الصداقة والتقارب مع روسيا. ولقد رأينا في أكتوبر عام 2019 زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والاستقبال الحار الذي حظي به، ومحصلة الزيارة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي زادت عن 20 اتفاقية في مجالات الطاقة والفضاء والصحة والثقافة وغيرها. بل وقيل وقتها أيضاً بأن الرئيس بوتين حمل معه عرضاً خلال هذه الزيارة، لاستضافة حوار مباشر بين السعودية وإيران في منتجع سوتشي على البحر الأسود، لذا أجد نفسي أمام سؤال يطرح نفسه بإلحاح: هل تسلك أمريكا مسلكا كهذا، مثل روسيا، وتسعى إلى رأب الصدع بين هذين الجارين العملاقين في الخليج؟! الإجابة عندي: كلا، وما أراه أنا، ويراه الآخرون الآن بوضوح، هو أن واشنطن، على العكس، تسعى لتأجيج النزاع بين إيران والمملكة العربية السعودية، وتعمل على تخويف الأخيرة بالخطر الإيراني، من أجل أن تبيعها مزيدا من الأسلحة والصواريخ بمليارات الدولارات. هي ذات الصواريخ التي ثبت بالتجربة العملية (مثلما حدث مؤخرا لمصافي النفط السعودية “أرامكو”) عدم كفاءتها وعدم قدرتها التصدي لأي خطر مفاجئ قد تتعرض له المملكة، وفشلت هذه الصواريخ الأمريكية في صد هذا العدوان. وتعليقاً على ذلك كما أذكر جيداً، صرح الرئيس بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع قادة إيران وتركيا، عقد في أنقرة بتاريخ 17 سبتمبر عام 2019، بأن «روسيا مستعدة للمساعدة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية، من خلال بيعها النظام المتقدم المضاد للطائرات من طراز إس400، وهو قرار حكيم سبق اتخاذه من قبل إيران بشرائها صواريخ إس300، ومن قبل تركيا مؤخراً بشرائها صواريخ إس400، التي تحمي البنية التحتية بشكل فعال في كلا البلدين».

أما أهم الأحداث التي شهدها عام 2019 المنصرم، فهي من وجهة نظري تنقسم إلى سلبية وإيجابية. ويمكن أن يندرج تحت الأولى: توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مرسوماً بالاعتراف بمرتفعات الجولان جزءاً من إسرائيل، وفرض العقوبات الأمريكية على طهران، وتوتر الصدام بين الولايات المتحدة وإيران حتى وصل لحافة العمليات العسكرية في مضيق هرمز في يونيو الماضي.

أما بالنسبة للأحداث الإيجابية، فلعل أهمها: الحفاظ على اتفاق “أستانا” بين روسيا وتركيا وإيران، الذي تحول إلى ضمانة قوية وأكيدة، لإحلال السلم والاستقرار في سوريا تدريجيا، رغم كل الصعاب التي يواجهها تحقيق هذا الهدف. كذلك فشل الناتو في منع تركيا من التقارب مع روسيا، رغم كل المحاولات التي بذلها. والحدث الهام الكبير أيضاً، من وجهة نظري، كان طرح روسيا في يوليو عام 2019 نظريتها للأمن الجماعي في منطقة الخليج، لتثبت من جديد بأن روسيا بالذات هي وسيط فعال في حل مشاكل الدول العربية، وهي قادرة على دفعها نحو السلم وحسن الجوار.

وبعد هذه الإستطرادة أعود للقول، بأننا للأسف، سننتقل إلى عام 2020 الجديد ومعنا مشاكل عالقة، وأبرزها بالنسبة لعالمنا العربي هي: المشكلة السورية التي يتوقف حلها الآن على تنفيذ كل أطرافها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الصادر في ديسمبر عام 2015، وعلى نجاح عمل اللجنة الدستورية المناط بها وضع دستور جديد لسوريا، يراعي مصالح كل أطياف المجتمع السوري، ويتجاوب مع ما جدّ عليه من متغيرات ومستجدات على أرض الواقع. وكذلك المشكلة فقد صرح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، غير بدرسون، بأنه لا معنى لاجتماع اللجنة الدستورية المصغرة دون جدول أعمال، يحدد القضايا المطروحة للبحث والنقاش، فمن المعروف أن الجولة الثانية في جنيف قد فشلت في التمكن من إجراء لقاء مشترك للوفود السورية الثلاثة (45 عضواً، منهم 15 للمعارضة، و15 للمجتمع المدني، و15 ممثلي الوفد المدعوم من الحكومة السورية).

والغريب أنه بعد تصريح بدرسون، وبتاريخ 20 ديسمبر الجاري، أثناء تقديم تقريره عن نتائج عمله أمام مجلس الأمن في الأمم المتحدة، لم تصدر أي تعليقات سورية رسمية أو غير رسمية، تمثل رد الفعل الرسمي وغير الرسمي تجاه هذا التصريح لبدرسن، الأمر الذي يثير لدي استغراب، وكأن هذا يريح الجانبين الرسمي والمعارض، إلا أن ذلك يترك انطباعا لدى المراقبين بأن كلا الطرفين لا يسعيان إلى تحقيق أي تقدم تجاه البدء العملي في الوصول إلى التسوية السياسية المنشودة، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ما يعني استمرارا للأزمة بلا حل وإزدياد معاناة الشعب السوري، وهنا أريد أن أؤكد أن المسؤولية عن ذلك تقع على عاتق الحكومة السورية، وعلى الرئيس بشار الأسد بالدرجة الأولى، لأنهما يمثلان الشرعية ومسؤولان عن مصير الشعب السوري. لذا كنت أتوقع منهما أن يبادرا فورا برفض أي تأجيل أو تسويف في العمل على التعجيل بتعديل الدستور، والسير في عملية تنفيذ القرار الدولي 2254، باعتباره الطريق الوحيد لإنقاذ سوريا وشعبها. والأكثر غرابة أيضاً تصريحات الرئيس السوري مؤخراً لقناة “فينيكس” الصينية حول إعادة إعمار سوريا، وقوله بأن المشاريع الاستثمارية لإعادة البناء في سورية هي عملية مربحة جدا، وليست عملية  قروض أو مساعدات بدون مقابل، مما يدفعني إلى تساؤل بهذا الصدد: هل تتوفر لدى الشعب السوري الإمكانية لشراء بيوت ومساكن بعد هذا الدمار، الذي دفع السكان إلى التشرد والجوع بعد فقدهم كل ممتلكاتهم؟ اعتقد أنه كان من الأجدى للرئيس السوري استغلال أي لقاء مع وسائل الإعلام، لتوجيه مناشدة إلى المجتمع الدولي بأجمعه لتقديم العون والمساعدة للشعب السوري، بدلا من التفكير في الربح والعائد المجزي للشركات الأجنبية. وأود أيضا أن أشير إلى خبر آخر رسمي، صدر عن مجلس الشعب السوري، يعلن أنه قد أقر في جلسته الـ 34 من الدورة الحادية عشرة للدور التشريع الثاني، برئاسة حمود الصباغ، مشاريع قوانين، تتضمن التصديق على عقود للتنقيب عن النفط مع شركتين روسيتين، وهو ما تزامن في نفس اليوم مع وصول نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي إلى دمشق لمناقشة التحضير لانعقاد  للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين روسيا وسوريا، من أجل بحث الخطوات العملية لمساعدة الاقتصاد السوري. وكان من الأولى على مجلس الشعب ان يناقش خطة كيفية خروج سوريا من أزمتها  الاقتصادية والسياسية والإصرار على البدء بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بوصفه الطريق الوحيد لإنقاذ سوريا وتخفيف معاناة شعبها.  وفي هذا الصدد أود التنويه بأن العديد من السوريين اتصلوا بي، ليسألوني: هل من المعقول في مثل هذا الوقت العصيب الذي يعاني فيه الشعب السوري من الجوع والحرمان والموت، أن يولى الاهتمام بهذا الموضوع الذي يخص شركتين روسيتين، تسعيان إلى الحصول على جزء من الكعكة السورية دون أي اهتمام بوضع شعبنا، فأجبت بحسرة بأن ما صدر عن مجلس الشعب السوري، هو محاولة لحرف الأنظار عن الفساد الذي يسود المؤسسة الرسمية السورية حاليا، والتي لا تريد أي تغيير ممكن أن يمس مصالحها وأن الوفد الروسي وصل الى دمشق لمناقشة العديد من المشاكل الحيوية للشعب السوري وللاقتصاد السوري، والإجراءات العملية الضرورية الواجب اتخاذها لإحراز تقدم نحو حل المشكلة السورية، وانتشال الاقتصاد السوري من أزمته ومشاكله الحادة، أما بشأن الشركتين اللتين جرى عنهما الحديث،  فهما شركتان غير حكوميتين، تؤولان للقطاع الخاص الروسي والسوري على حد سواء، ولا علاقة لهما بالحكومة الروسية . وللأسف أريد الإشارة إلى تجاهل الرئيس بشار الاسد لقرار مجلس الأمن 2254، يشاركه في ذلك وزير خارجيته، بسلوكه الخارج عن الأعراف الدبلوماسية، خلال زيارته الاخيرة لموسكو، حينما تعمد تجاهل قرار مجلس الأمن وأهمية عمل اللجنة الدستورية وهذا دليل على ان القيادة السورية بعيدة كل البعد عن معرفة السياسة الخارجية لروسيا، المبنية على احترام جميع قرارات مجلس الأمن الدولي وأن التعاون الاقتصادي والعسكري اليوم مع سوريا يهدف الى مساعدتها لكي تخرج من العزلة والحصار الاقتصادي، والذي لا يمكن تحقيقه دون تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.

وأود هنا أيضاً أن أنوه إلى أن مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، قد أعلن يوم 20 ديسمبر الجاري، بعد فشل مجلس الأمن الدولي في التوصل لقرار بشأن الممرات الدولية الخاصة بإرسال المساعدات الدولية إلى سوريا، بأن الخاسر الوحيد من فشل التوصل إلى هذا القرار هو الشعب السوري، لأن هذه المساعدات ستتوقف اعتباراً من 10 يناير 2020، الأمر الذي يثير الأسف الشديد. وبهذا الصدد أود أن أوضح هنا توقف روسيا والصين بهذا الشأن، ولماذا اضطرا إلى استخدام حق الفيتو ضد مشروع هذا القرار، حيث كانا يصران على تمديد القرار السابق لمدة ستة شهور أخرى، لأن القرار الجديد يضر مباشرة بسيادة سوريا، لأن هذه الممرات الجديدة سوف تمر في أراضي واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، وفي ذات الوقت يجري تجاهل الحكومة السورية وتجاهل التنسيق معها، الأمر الذي يضر بالسيادة ويضر بمبدأ الحفاظ على سيادة الدولة، حسب قواعد وقرارات الأمم المتحدة، هو أمر ترفضه روسيا والصين من حيث المبدأ، ولذا عارضا وأصرا على استمرار استخدام المعابر السابقة عبر الحدود، التي حتى الآن تخرج عن نطاق السيطرة السورية الرسمية، ويمكن إيجاد تبرير لهذه الممرات من خلال اتفاق “أضنة” الموقع بين سوريا وتركيا.

أما مشكلة ليبيا فهي بالغة الخطورة. وهنا أود أن ألفت الأنظار إلى تردّي الوضع في ليبيا من جراء العملية العسكرية، التي شنتها قوات خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس، الأمر الذي دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الادلاء بتصريح ملفت للنظر، يعلن فيه رفضه ما يقوم به “المرتزقة” الروس في ليبيا من أعمال تدعم وتساند قوات حفتر، الأمر الذي دفعني إلى توضيح حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وفحواه أنه يوجد بالفعل خبراء عسكريون روس متقاعدون، قاموا بالتعاقد مع حفتر لتقديم المشورة والمساعدات الفنية له بخصوص استخدام الأسلحة الموجودة بعهدته، والتي هي أصلاً أسلحة روسية، وهذا في رأيي، ليس جرما، لأن قوات حفتر هي أحد الأطراف الرئيسة المتصارعة في الساحة الليبية، وليست مصنفة دوليا كقوات إرهابية.

ومع ذلك، فإنني في ذات الوقت أتفهم مخاوف الرئيس التركي، لأنها تخص العلاقات التاريخية الخاصة، التي كانت قائمة منذ الإمبراطورية العثمانية مع بعض المناطق والقبائل الليبية، مع امتدادها الديني القوي واستمرارها حتى الآن.

ورأيي الشخصي أن المجتمع الدولي ارتكب خطأ باعترافه بحكومة الوفاق الوطني وحدها، دون غيرها من الأطراف الليبية الأساسية الأخرى الموجودة في الساحة الليبية، والموجودة على قدم المساواة مع هذه الحكومة، التي جرى تمييزها في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها ليبيا، وكأنها الممثل الوحيد للشعب الليبي. علماً بأنني تلقيت رسائل عديدة من الليبيين، يجمع فحواها على أن ليبيا تواجه اليوم تحديات خطيرة بشأن تحقيق الاستقرار الأمني، وبشأن عملية التحول السياسي والاستقرار الاقتصادي، وها نحن نرى النتيجة بعد تسعة شهور تقريباً من المواجهة العسكرية الساخنة بين قوات المشير حفتر وقوات حكومة السراج، لنقر بأن هذه الحرب خاسرة للطرفين ولا يوجد فيها طرف رابح، بل أدت هذه المواجهة العسكرية إلى ضياع الوطن الليبي، وإلى زجه في صراعات لدول خارجية نقلت المعركة إلى أرض ليبيا، ودفعت أبناء الشعب الليبي إلى دفع الثمن. وباحت لي إحدى الرسائل صراحة بأن كاتبها بعد 9 سنوات من الغياب عن أرض الوطن، فوجئ عند زيارته لليبيا بالوضع المأساوي الذي وصلت إليه ليبيا، حيث ضاعت الدولة الليبية، وبات الشعب بائساً شبابه مبتورو الأطراف، وأطفاله لا يعرفون طعم الطفولة، وكل بيت يعاني من موت وفقدان أبنائه، ويشهد العزاء والمواساة لأمهات محطمة وحزينة. وبالطبع، في ظل هذه الظروف المأساوية لن تستقر ليبيا طالما استمرت الدماء في النزيف، وطالما سادت لغة السلاح، فلا حل بالمرة إلا الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتوصل جميع الأطراف المتناحرة إلى حل ليبي، تفرضه لغة الحوار والعقل.

وهنا يجب عليّ أن أوضح رأيي بأن روسيا منذ البداية، وعندما كان القذافي ما زال على قيد الحياة، والدولة الليبية ما زالت قائمة، قد رفضت القصف الدولي بزعامة أمريكا وحلفائها لليبيا، ونددت به، ودعت إلى دعوة كل الأطراف الليبية المتصارعة فيما بينها إلى طاولة المفاوضات للبحث عن حل يرضي الجميع، ولم تفضل أبداً أي طرف على الآخر، وما زالت تنادي وتدعو إلى الحل الليبي عن طريق المفاوضات بين أبنائه.

يحدوني الأمل بأن العام الجديد 2020 سيصبح عاماً لتحقيق الوفاق بين كل الأطراف المتصارعة وبين كل أبناء الوطن الواحد المختلفين فيما بينهم، سواء كانوا ليبيين أو سوريين أو عراقيين أو يمنيين أو لبنانيين أو فلسطينيين أو خليجيين، لنشهد أخيراً الاستقرار والأمن يسودان منطقتنا، لتنعم شعوبها بالسلام والطمأنينة ولا يفوتني أن أتمنى في العام الجديد إيلاء كل الاهتمام أيضاً لمشكلة بالغة الأهمية، ألا وهي المشكلة الكردية التي تتعلق بمصير شعب كامل، تعداده يزيد على 43 مليون نسمة، حسب التقديرات الأولية. وأساس هذه المشكلة ينبع من التقسيم الاستعماري غير العادل لاتفاقية “سايكس- بيكو”. وبهذا الصدد لا يسعني إلا أن أتمنى تحقيق الوفاق والاتفاق بين تركيا وإيران وسوريا والعراق لإيجاد حل كونفدرالي لهذه المشكلة البالغة الأهمية.

 

قد يعجبك ايضا