نظام الأسد قد يطبع قريباً مع إسرائيل.. فماذا نحن فاعلون!

رأي- عبدالناصر العايد

 

ظهرت عدة إشارات إعلامية في اليومين الفائتين، تلفت النظر إلى مسألة العلاقة بين إسرائيل ونظام الأسد، وما يمكن ان تشهده من تطورات، وأهمية هذه الإشارات تأتي من المكان الذي صدرت عنه، وهو صحيفة عربية كبرى تتبع لدولة عربية مركزية، وبقلم صحفي سوري معروف بقربه من أجهزة استخبارات عدة دول، على رأسها استخبارات نظام الأسد.

المادتين الاعلاميتين بدتا كما لو أنهما رسالة واحدة موجهة لجهة ما، تقول أنه قد حان وقت اتخاذ نظام الأسد خطوة “كش ملك”، وإعلان انتصاره على خصومه، باتخاذ خطوة واسعة نحو إسرائيل، برعاية أميركية روسية، يستعيد من خلالها “شرعيته” ويكسر العزلة المستمرة حوله منذ تسع سنوات..

المواد الإعلامية تحاول أنْ تحشد الحجج والذرائع، وفي مقدمتها دراسة لمركز أبحاث أميركي كبير، يقول في خلاصته أنّ اتفاق الجنوب، الذي تم وفق صفقة أميركية روسية إسرائيلية وأردنية، لإبعاد إيران عن شمال إسرائيل، قد فشلت. وإنه يتعين البحث عن مقترح جديد، ويبدو أنّ الدراسة توحي، بأنّ الحل الوحيد الممكن، هو دعم نظام الأسد، ليسيطر على جنوب سوريا، ويقضي على المعارضة بشكل كامل، ويلتزم بحماية حدود إسرائيل، وفق اتفاق واضح.

وقد لاقت الصحافة الإسرائيلية مقال الصحيفة العربية، الذي تحدث عن احتمالية لجوء نظام الأسد لمفاوضات مع إسرائيل، لكسر العزلة عنه، بالترحاب، وتأكيد فحواه ضمناً.

ما نجهله حتى الآن، هل أن من أوحى بالمقالين هو الجهة الخليجية، التي تتبع لها الصحيفة، بمعنى أنها “تحض” نظام الأسد على اتخاذ هذه الخطوة، أم أن نظام الأسد من سربها للصحفي السوري المعروف بعلاقته التاريخية بعلي مملوك شخصياً، للقول للدول الخليجية أننا على استعداد لابعاد ايران، وتقريب اسرائيل!.. خاصة أن نظام الأسد ارسل رسالة واضحة للدول العربية المطبعة اخيراً مع اسرائيل، عندما لم يعلق ولم ينتقد الخطوات التطبيعية، بخلاف حليفه الرئيس، نظام الخميني.

وبغض النظر عن كلا الاحتمالين، وسواء أكان يعبر عن تغيرات وشيكة في الخارطة الجيوسياسية، أم مجرد بالونات اختبار، في ظل الجمود الحالي، فإنّ القضية برمتها تقتضي التفكير الجدي من قوى الثورة والمعارضة، إذ أنه سيكون بمثابة طلقة الخلاص التي تطلق عليها.

إن بدء نظام الأسد بمفاوضات مع إسرائيل، وهي بالإجبار ستكون برعاية أميركية/ روسية، أي برعاية دولية، ستعني اعترافاً كاملاً بذلك النظام، ضمني وعلني في آن واحد، وحتى تنتهي تلك المفاوضات، وسواء افضت إلى شيء أم لا، فإن نظام الأسد سيستعيد خلالها أنفاسه، خاصة أنها ستستمر ربما لسنوات، وستتضمن إغراءات تقدم له، من مثل تخفيف عقوبات قيصر، حتى ينعدم أثرها في النهاية.

نحن إذن أمام احتمال حالة تشبه إلى درجة بعيدة حالة صفقة الكيمياوي، إذا أن توقيع النظام على معاهدة حظر السلاح الكيمياوي، وتعهده بالتخلص منه خلال سنة، وفر له الحماية الدولية عملياً لمدة سنتين، أُطلقتْ فيها يده في عدة مناطق سورية، ومكّنه من الاستعانة بالقوات الروسية والإيرانية وحزب الله، وإلحاق خسائر كبرى بالمعارضة، التي تُركتْ وحيدة في الميدان.

على قوى الثورة والمعارضة، وضع التفكير في هذه القضية على رأس أولوياتها، والاستعداد لها باستراتيجية فعّالة، وخطة واضحة، ونسيان أمر شتم هذه الدولة أو تلك، أو القول بأن عمالة نظام الأسد لإسرائيل قد انكشفت أخيراً وأصبحت علنية، لأن الانكشاف ليس بالشيء الجديد، الذي سيترك أثراً على موازين القوى، ولأن الشتائم في عالم السياسة، هي ملاذ المهزومين وحسب.

قد يعجبك ايضا